يبدو أن المواطن الأردني الفقير لم يحرم نفسه من أكل اللحوم بمختلف أنواعها ، لكنها لحوم من نوع خاص تجدها في الشوارع وعلى أطراف مجمعات النقل و وسط البلد عمان أُعدت خصيصا للفقراء لتتناسب مع إمكانياتهم المادية.
سوق “السقط” .. سوق الفقراء

في جولة صغيرة في سوق “السقط” -وهو سوق لبيع اللحوم وأحشاء الحيوانات في وسط البلد- تستطيع أن ترصد علاقة المواطن الأردني باللحمة وهي علاقة حميمية يشوبها الكثير من المنغصات بسبب الهجر و الفراق الطويل بينهما العائد لارتفاع الأسعار والأجور المتدنية.

و بكثير من البهارات ولمسات طباخ ماهر، تستطيع إعداد أكله شهية بواسطة أحشاء وأقدام الماشية أو ما يسمى " الكوراع"، فإذا اشتهيت صحن منها فما عليك إلا الذهاب إلى سوق "السقط" المتخصص ببيع أحشاء الحيوانات وشراء ما تراه مناسبا من أقدام وطحال وكبدة ونخاع ولسانات وحتى الأمعاء"الفوارغ".

و يعتبر هذا السوق متنفسا للفقراء الراغبين بتذوق اللحمة أو بعض منها بغض النظر عن جودتها فبـ25 قرشا تستطيع أن ترتشف شوربة رأس أو أقدام لذيذه أعدت على أيدي مختصين في السوق.

 
لكن إبراهيم يرى أن أسعار اللحوم حتى في هذا السوق مرتفعة جدا ” أسعار السوق ارتفعت عن السابق، أصبحنا نشتري رجل العجل بدينار ونصف، والطحال 6 دنانير للكيلو وهذا مرتفع جدا بالمقارنة مع دخل المواطن العادي الذي كان يرتاد هذا السوق بحثا عن رخص الأسعار”.

 و تختلف الأسعار في السوق من سلعة لأخرى فعلى سبيل المثال يبلغ سعر الكيلو الواحد من اللسانات 3.50 والمعلاق ،4.50 والطحال 6 دنانير للكيلو، أما الفشه 2 دينار للكيلو، وتعتبر الأقدام أرخص الموجود حيث يبلغ سعرها 25 قرش للقدم الواحدة.
الفئات الاجتماعية التي ترتاد السوق مختلفة فهناك إقبال من الأشقاء المصريين على أحشاء العجل، أما أحشاء الأغنام فتلاقي طلبا من قبل الأردنيين، و يرتاد السوق مختلف الطبقات من أغنياء وفقراء بحثا عن أكلة بات لها شعبية كبيرة على موائدنا الأردنية وهي “الكوارع”.
 
ملاحم ميدانية…
 
بدائل اللحمة البلدية في الأردن عديدة و تنتشر في كل مكان، ففي زيارة لإحدى المجمعات ستشاهد ملاحم ميدانية وهي عبارة عن عربات صغيرة لبيع اللحوم المشوية ، إذ تستطيع أن تتناول وجبة سريعة ودسمة بسعر قليل قبل أن تركب باص مؤسسة النقل قاصدا أطراف العاصمة عمان.

وتتنوع الخدمات التي تقدمها هذه الملاحم الميدانية ومنها خدمات مباشرة وسريعة فخلال ثلاث دقائق تحصل على ” سيخ كباب” ساخن بجانب بعض المقالي و طماطم مشوية بسعر مثالي لا يتجاوز الربع دينار و”السيخ السوبر” بـ نصف دينار، ويرى أسامة في هذه الملاحم بديلا عن اللحمة البلدية التي التهبت أسعارها مؤخرا ” لم نعد نستطيع شراء اللحمة البلدية التي قاربت أسعارها سقف ألـ 6 دنانير، أصبحنا نبحث عن بدائل أخرى للحمة البلدية”.

اللحمة البلدية.. قصص وحكايات…

وللحمة البلدية قصص وحكايات فأسعارها بارتفاع وتختلف من منطقة لأخرى يتحكم بها التاجر حسب أهوائه، وحسب أبو جمال ” إن أسعار اللحمة البلدية تختلف من منطقة عبدون عنها في الأشرفية”، ويزيد خليل على ذلك ” بعض الملاحم تقوم بالغش وتخلط اللحمة البلدية مع لحوم استرالية ومستوردة أخرى”.
 
 
” اذبح بيدك” شعار أطلقه عماد أبو الهيجاء على ملحمته الواقعة على طريق اربد -عمان وحسب عماد ” نحاول أن نقدم للمواطن لحمة بلدية طازجة، فنحن نقوم بالذبح مباشرة أمام الزبون، وتتراوح أسعار اللحوم البلدية عندنا 6-6,30 في أبعد تقدير”.

الأحذية (بفترينات) واللحوم على قارعة الطريق…

ومن المفارقات الغريبة في وسط البلد في وجود اهتمام خاص بالأحذية ونظافتها أكثر من الاهتمام في اللحوم فتجد الأحذية وضعت بـ” فترينة زجاجية” تنظف وتلمع بين الفينة والأخرى، في الوقت الذي تكون به اللحوم معلقة على واجهة محلات الجزارة في الهواء، في مجرى الأتربة والغبار ودخان عوادم السيارات!.

“الكندرة أهم من اللحمة” يقول أيمن صاحب محل للأحذية ويضيف “الاهتمام بنظافة ولمعان الأحذية ضروري جدا، لأن هذا ما يجذب الزبون في وسط المنافسة وانتشار محلات بيع الأحذية التي تبتكر أساليب جديدة لجذب الزبون كأن تضع السجائر داخل الأحذية أو أن تضعها على عجل متحرك وغير ذلك من “الحركات” على عكس اللحوم التي لا تحتاج لكل ذلك لشد انتباه الزبون فهي بحد ذاتها جاذبة”.

و تنتشر محلات بيع اللحوم إلى جانب محلات بيع الأحذية في شارع الملك طلال و الملك فيصل، حيث تلاحظ الفرق الواضح بين هذه المحلات من ناحية العناية بالنظافة وديكورات المحل التي تصل إلى درجة البطر في تصميم محلات الأحذية.

وعلى الرغم من عرضه للحوم على قارعة الطريق يدعي مراد هنوش أنه يراعي النظافة في مبيعاته!! و برر سبب عرضه اللحوم بهذه الطريقة قائلا ” للدعاية والإعلان، وليعلم الناس ما عندي من لحوم كما أن ثلاجة المحل لا تتسع لها، ولما لا أفعل، فهي تلاقي إقبالا كبيرا”؟

* تقرير سبق ونشر على عمان نت نعود وننشره مرة أخرى لإرشاد المستهلك لبدائل عديدة عن اللحمة البلدية