لجان التحقق النيابية بين اﻷهداف والواقع
- المجلس لم ينظر في تاريخه بنتيجة أي لجنة تحقق باستثناء واحدة
تشكيل مجلس النواب السادس عشر لـ11 لجنة تحقق نيابية وإعادة تشكيل لجان التحقق للمجلسين السابقين في شبهات فساد، قد يكون في إطار إعادة دور مجلس النواب ومشاركته باﻷحداث المحيطة ومطالبات الشارع المتصاعدة بمكافحة الفساد وخصوصاً في ظل الفراغ الذي يعيشه المجلس بعد انتهاء دورته العادية اﻷولى.
على كل حال، فإن تشكيل لجان التحقق النيابية ليس بجديد، كما أن عدم خروجها بنتائج ليس بجديد.
رئيس كتلة التجمع الديمقراطي (8 نواب) بسام حدادين يقول في إحدى مقالاته الصحفية أنه لا يذكر "طيلة حياته النيابية" أن لجنة تحقق نيابية واحدة شكلها مجلس النواب، انهت مهمتها وقدمت للمجلس خلاصة عملها في الوقت المناسب "وقبل فوات الآوان، هذا اذا قدمت تقريرها اصلاً”.
تاريخياً، لم تسلم أي لجنة تحقق تقريرها إلى مجلس النواب، باستثناء تقرير قضية الكابسات، حيث خرجت اللجنة والمجلس بعدم وجود شبهة فساد في هذه القضية.
بعض النواب يدركون واقعهم البنيوي، وعدم قدرتهم على الرقابة والمحاسبة الحقيقية، فيطالبون على الدوام بإخضاع ديوان المحاسبة للمجلس ليكون ذراعه الرقابي ومنهم من يطالب بتعديل الدستور ليتمكن النواب من محاسبة المسؤولين دون قيود أو التفاف على عمل المجلس.
هذا اﻹدراك ظهر على سبيل المثال في مطالبة كتلة التغيير النيابية (12 نائباً)، بإخضاع ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد للمجلس، وذلك بتعديلات تشريعية تنهي ارتباطهما بالحكومة، بحسب عضو الكتلة أحمد الشقران.
الدستور أعطى النواب دور المدعي العام بمنحه حق اتهام الوزارء فقط وبموافقة ثلثي أعضاء المجلس، ولكن النواب لا يستطيعون تحويل أي قضية فيها شبهة فساد لمسؤولين إلى النائب العام أو القضاء، بل يجب تحويلها إلى الحكومة، وذلك بحسب الفتوى الدستورية عن المجلس العالي لتفسير الدستور.
ويعترف مقرر لجنة التحقق بفشل سد الكرامة النائب سميح المومني أن فتوى المجلس العالي لتفسير الدستور أضرت بعمل النواب، ولكنه يؤكد في ذات الوقت على أن لجان التحقق مهمة "وباﻹصرار يستطيع النواب بعد تحويل أي قضية إلى الحكومة تحويلها إلى النائب العام".
المطالبات بتشكيل لجنة دائمة في المجلس تدعى لجنة مكافحة بالفساد أو الشفافية والنزاهة أو تقصي الحقائق، قد لا يفيد شيئاً في ظل الواقع النيابي الذي لا يملك أدوات ولا سلطة فعلية في التحقيق والمحاسبة.
ومن خبرته السابقة، اعتبر النائب السابق خالد البكار أن لجان التحقق المشكَلة من قبل مجلس النواب لأغراض متعددة ما هي إلا التفاف على الدستور من أجل تغطية النقص الحاصل في قدرة مجلس النواب على ممارسة العمل الرقابي خلال فترة عدم انعقاده في دورة عادية مشيرا الى ان ابتداعها كان وفق هذا السياق .
مجلس النواب واجه أيضاًَ اشكالية تداخل الصلاحيات مع هيئة مكافحة الفساد في الفترة اﻷخيرة، على كل حال فإن أمام المجلس قضايا عديدة يتوجب عليه هذه المرة الخروج بنتائج سريعة على خلاف لجان التحقق في المجالس السابقة وإلا فالاحتجاجات الشعبية ستتواصل وستطول الحلقة اﻷضعف (النواب) في غالب اﻷحيان.