كيف ينظرون للإعاقة.. في الأرياف ؟
"لم يأخذوا ان ما أصاب ابني من إعاقة حركية وتشوه خلقي من رب العالمين - نتيجة نقص مادة فولك آسد المانعة للتشوه - بل كانوا يعتقدون أن أمه مريضة أو أن هناك مرض وراثي بالعائلة؛ فأصبحوا يسألوني هل عند أخوتك أو أخواتك إعاقات؟!"
بهذه الكلمات تصف ام محمد معاناتها من النظرة السلبية من جيرانها والمجتمع لها ولإبنها المعاق حركيا والذي لم يكمل السنتين والنصف، والتي كانت إصابته بسبب خطأ الأم عندما لم تتناول دواء الفولك آسد المانع للتشوه، وعدم انتباه الأطباء لذلك، لكن القدر هو اكبر من كل ذلك.
وتتساءل ام محمد بصوت لا يخلو من الحسره " هل أنت أول إمرأة تنجبين طفلا معاقاً حركيا في عائلتك؟!، وتنقل ام محمد 23 عاما نظرة المجتمع لعائلتها وتقول "يبتعدون دوما عنا ولا يتقدموا لخطبة بنات العائلة، وأحيانا يقولون لي ليس من داع لتأخذي إبنك الى الطبيب .. فهو معاق!!".
هذا هو حال أم محمد التي شاءت الأقدار أن يكون لديها طفل معاق حركياً، ويؤكد العديد من الاخصائيين ان نظرة المجتمع او البيئة المحيطة لذوي الاحتياجات الخاصة هي نظرة سلبية وخاصة في المناطق الريفية او البدوية .
في الأغوار ..
في لواء الشونة الجنوبية في الأغوار الوسطى يبلغ عدد المعاقين297 وفقا لآخر احصائية قامت بها التنمية الاجتماعية عام 2004 من مختلف الأعمار والإعاقات والتي أكثرها انتشارا الإعاقات العقلية.
و من الأسباب التي ساعدت على وجود الإعاقات في لواء الشونة الجنوبية كما يقول جودت باكير أخصائي علاج طبيعي من جمعية الحسين: "الوراثة من خلال زواج الأقارب هي الاكثر أسباب لوجود الإعاقات، وقد لاحظنا نسبة كبيرة من المعاقين بحكم عملنا والدراسات الأولية التي نجريها والتقييم أن هناك صلة قرابة بين الأب والأم في هذه المنطقة".
وثاني الاسباب كما يشير باكير لها علاقة بالتغذية وطبيعة المعيشة في المنطقة وطبيعة العلاج، وكيف ينظرون لها، فمثلاً إذا مرض الطفل في عمان فالأهل يذهبون به إلى الطبيب، لكن في المناطق الاخرى وخاصة الأغوار فإن الاهل أو من حوله يكابرون في هذا الموضوع.
ثالثا كما انه هناك أنماط تفكيرية تتحو ل إلى سلوكيات تحدث هذا الشيء مما يسبب كثير من الإعاقات فزواج الأقارب انه ابن العم يجب أن يتزوج ابنة عمه هي نمط تفكيري موجود في المجتمع يتحول إلى سلوك ، بالإضافة إلى قلة الوعي عند المواطنين،ليس عندهم وعي في سبب الإعاقة والى ماذا تؤدي فلا يتداركوها فهناك نقص بمفهومها ."
ويشير باكيرالى أن وجود النظرة السلبية تعود إلى "عدم وجود المؤسسات التي تخدم المعاق وعدم توفر المعلومات الكافية للتعامل معه " تعتمد على أمرين النظرة ثم سلوك ، في المجتمع هناك الكثير نظرات سلبية وايجابية لكن الغالبة هي النظرات السلبية بمفهومها ان المعاق عنده تخلف عقلي أو إنسان غير طبيعي فلا يحق له أن يأخذ نفس الحقوق التي يأخذها الإنسان الطبيعي ومن ثم تتحول إلى سلوك سلبي وهي من السهل أن تعمم تجاه المعاق يعني إذا شاف واحد معاق بالشارع يعلق عليه والاتجاهات والسلوكات المجتمعية سلبية للاعاقة وذلك له علاقة أيضا بأمرين عدم وجود المؤسسات التي تخدم المعاق وترشد الأهالي لصالح المعاق وليس عندهم معلومة عن كيفية التعامل مع المعاق "
وترى الاخصائية نوال عثمان من جمعية الحسين ان المجتمع ينظر لضعف الشخص وليس لانسانيته، وتقول" تعودنا على النظرة السائدة أن نرى الشخص بالضعف الذي فيه يمكن المعلمة إذا شافت الطالبة مشيتها غير سوية فتحكم انه أدائها غير جيد وأكاديميا غير ناجحة فاصبح أين الشيء الضعيف عند الشخص فنعطيه مسمى أو لقب ولا ننظر ابدا على إنساانيته "
اما منور عمايرة وهي متخصصة في الإعاقات السمعية من جمعية الأراضي المقدسة للصم تقول انه قد يتم تجاهل المعاق ووجوده داخل المدرسة أيضا وتزيد "قد تتجاهل المعلمة الطفل المعاق كونه مثلا لا يسمع فهي تعتبره كالدرج ما في فائدة منه وكونه لا يسمع فهي غير قادرة على إيصال المعلومة فوجوده أو عدم وجوده واحد والأهل لا يعلمون إن الطفل المعاق له الحق في التعلم ودخوله في المدرسة وان يكون لهم وللمعلمة دور فكثير من الاهالي لا يعملوا ان لهم الحق في الشكوى إذا المعلمة أو المديرة لم تقبل الطالب المعاق بالمدرسة "
وحول سبب وجود هذه النظرة من قبل المجتمعات الريفية او البدوية يشرح حسين الخزاعي دكتور علم اجتماع وهو متخصص في علم الاجتماع " تعود الى مورثات والعادات والتقاليد الموروثة عن الاباء والاجدادوهي نظرة قديمة الا انه هناك ايضا عوامل داخلية اخرى اثرت على هذه النظرة امنيات الناس واحلامهم بان الله يرزقهم بابناء لا يعانوا ولا يشكوامن أي اعاقات الا انه ارادت الله اكبر من أي شي دائما ننظر للانسان الايجابي لكن بالعكس هناك كثير من المعاقين اثبتو وجودهم في المجتمع بالاضافة للجهل والامية وعدم المعرفة والتوعية والتثقف باهمية المعاق من قبل الاهل وفي بعض المرات تصل انهم يخبوا ابنائهم والجار ما يعرف عن جاره وذلك لاسباب منها تزويج الفتيات والخوف من العوامل الوراثية وقضايا الارث والاموال خاصة لمن عندهم اعاقات عقلية وبالتالي خوف الاهل من عدم مقدرة المعاق التصرف بها "
ويضيف الخزاعي" ان النظرة هي في طور التغيير وتكوين اتجاهات ايجابية في المناطق الريفية فاصبح على مستوى الدولة رعاية واهتمام خاص بهم وهناك مراكز متخصصة لعلاجهم ولمتابعة احوالهم واصبح تدريب وتاهيل ذووي الاحتياجات الخاصة تدر دخلا واصبحوا يساهموا في عملية التنمية .
وعلى الرغم من وجود مركز وحيد هو مركز الجوفة المجتمعي لذووي الاحتياجات الخاصة "بيت سليم " يخدم ما يزيد عن 170 حالة بالتعاون مع شبكة من المؤسسات المتخصصة بالاعاقات فان حاجة المنطقة ما تزال قائمة لوجود مراكز تغطي حاجة جميع المعاقين في المنطقة ولتساهم في زيادة الوعي لدى الاهالي وكيفية التعامل مع الشخص المعاق وتغيير النظرة السلبية وتفهم انسانية المعاق بشكل اكبر وخاصة ان بيئة الشونة الجنوبية هي بيئة فقيرة بالخدمات .











































