كيف غيرت الأزمات الإقليمية أنماط استهلاك المواطنين؟

الرابط المختصر

في ظل استمرار النزاعات الإقليمية، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ومؤخرا التوترات في لبنان، تأثرت حياة الأردنيين بشكل ملحوظ، مما دفع العديد منهم إلى إعادة التفكير في أنماطهم الحياتية وسلوكياتهم الاقتصادية وأولوياتهم.

أحمد 45 عاما، يعمل موظف في القطاع الحكومي يقول إنه في ظل هذه التوترات السياسية مع هذا الغلاء المعيشي، بدأ يبحث عن طرق لتقليل الإنفاق، حيث أصبح يعتمد بشكل كبير على المنتجات المحلية التي تكون على الاغلب أقل  تكلفة من المستوردة، بالاضافة الى تقليل الكماليات التي لم تعد ضرورية في هذه الظروف، كما أصبح يدير ميزانيته بحذر أكبر، مع الحرص على ادخار جزء من الدخل للطوارئ.

أما رنا 34 عاما، ربة منزل تشير الى ان  التحديات الاقتصادية المتزايدة دفعتها الى التركيز على إعادة استخدام الموارد وتقليل الهدر، وأصبحت تخطط بشكل أفضل للوجبات الغذائية وتبحث عن بدائل أرخص للمنتجات الأساسية، وجعلتها تتبنى حياة أبسط، من خلال توفير الطاقة والماء في المنزل وتقليل استهلاك الكهرباء، وتجنب الشراء العشوائي.

 

هذا التحول طبيعي

 

هذه التغييرات في الأنماط الاستهلاكية ساهمت في انخفاض الطلب على المواد الغذائية بنسبة 10% خلال الفترة الأخيرة، وفقا لغرفة تجارة الأردن، نتيجة تراجع القدرة الشرائية وتدهور الأوضاع السياسية. 

كما تأثرت عدة قطاعات اقتصادية أخرى بسبب العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والمستمر منذ السابع من تشرين الأول الماضي، مثل قطاع الملابس الذي شهد تراجعا في المبيعات بنسبة 50% رغم العروض، إلى جانب تراجع كبير في السياحة الداخلية.

ويشتكي العديد من التجار خلال الفترة الماضية ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين وحالة الركود التي تشهدها الاسواق مؤخرا خصة في أوقات المواسم، الامر الذي قد ينعكس على الاوضاع الاقتصادية للتجار سلبا.

الخبير الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش يؤكد في حديث لـ "عمان نت"، أنه في أوقات الأزمات والحروب، يميل الناس إلى التركيز على الأساسيات، مما يؤدي إلى تراجع الطلب على بعض الخدمات والمنتجات التي تعتمد على الرفاهية. 

ويشير عايش إلى أن استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة وتداعياتها الحالية في لبنان، سيؤثر على المنطقة بأكملها، مما يدفع المستهلكين في الأردن والمنطقة إلى تقليل الإنفاق على الرفاهيات والتركيز على الاحتياجات الغذائية الأساسية، معتبرا هذا التحول يعد طبيعيا في ظل الظروف الحالية.

ويضيف أنه مع تصاعد وتيرة الحرب، سيزداد حرص الناس على تقنين استهلاكهم حتى في الأساسيات، وذلك بهدف تحقيق وفورات يمكن استخدامها في مواجهة الظروف الصعبة أو الطارئة، موضحا أن الأفراد أصبحوا أكثر حذرا في إنفاقهم، حيث يشكل الإنفاق جزءا كبيرا من دخل الأسر، خاصة مع العبء الضريبي الذي يتراوح بين 26% و30%، وبالتالي، فإن الأسر باتت أكثر عقلانية في إدارة احتياجاتها المالية.

 

دعوات لإجراءات عاجلة

 

كما ان المشهد الاستهلاكي لا يمكن فهمه دون النظر إلى بعض العوامل الأخرى، مثل استمرار معدلات البطالة العالية التي تتجاوز 21%، والنمو الاقتصادي الضعيف الذي لم يتجاوز 2% في الربع الأول من العام، وهو أقل من معدل النمو المتوقع لهذا العام البالغ 2.4%، هذه العوامل تؤدي إلى انخفاض دخل الأفراد، مما يدفع مواطنين إلى تقليل الاستهلاك العام، مع تركيز أكبر على السلع الغذائية الأساسية،  يساهم في انخفاض الأداء الاستهلاكي بشكل عام، بحسب عايش.

في تقرير سابق، حذر البنك الدولي من التأثيرات الواسعة المحتملة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة على الاقتصاد الأردني، مشيرا إلى أن استمرار الصراع قد يؤدي إلى آثار كبيرة، خاصة في قطاع السياحة وما يرتبط به من إيرادات.

من جانب آخر، دعا خبراء اقتصاديون إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز الاقتصاد الوطني والحد من تداعيات العدوان الإسرائيلي على سكان غزة.

 ومن بين هذه الإجراءات دعم القطاعات المتضررة عبر تقديم حزم تحفيزية للشركات المتأثرة بشكل مباشر، تعزيز التبادل التجاري مع الدول الأخرى، واستكشاف أسواق جديدة لتعزيز الصادرات. 

كما أكدوا على ضرورة تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، وتقديم الدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وضخ السيولة في السوق من خلال قروض ميسرة وتخفيض أسعار الفائدة، بالإضافة إلى تعزيز الأمن الغذائي والطاقة، وتحفيز القطاع السياحي.