كيف تعامل الأردن مع الهجمات الإيرانية على إسرائيل؟

الرابط المختصر

للمرة الثانية تطلق إيران عشرات الصواريخ باتجاه الاحتلال الاسرائيلي، وتقوم القوات المسلحة بالتصدي لها، انطلاقا من أن الأردن ليس ساحة صراع لأي طرف، وأن حماية أمن المواطنين تعتبر مسؤولية الدولة وفقا للتصريحات الرسمية.

وشهدت المملكة مساء أمس تطورات مع تصاعد التوترات العسكرية، مما استدعى إلى رفع حالة التأهب القصوى للتصدي لاي تهديدات تمس أمن واستقرار المملكة وفقا لما اعلنت عنه القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية .

ودعت القوات المسلحة المواطنين إلى البقاء في منازلهم حفاظا على سلامتهم وسلامة أسرهم، وذلك بعد تناقل ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع فيديو تظهر سقوط أجزاء من الصواريخ في عدة مناطق داخل المملكة، حيث أُصيب ثلاثة أشخاص بجروح طفيفة، وسجلت أضرار مادية جراء الحادثة، دون تسجيل إصابات خطيرة.


 

الذي سقط لم يكن الرأس المتفجر

يوضح الخبير العسكري والمحلل السياسي الدكتور نضال أبو زيد في حديث لـ "عمان نت"، أن ما شوهد على الأرض من انفجارات هو غلاف الصاروخ وليس الرأس المتفجر، فعند التعامل مع الصواريخ بواسطة أنظمة الدفاع الجوي، يتم استهداف الصاروخ، مما يؤدي إلى انفجار الرأس المتفجر، وما سقط على الأرض هو أجزاء من غلاف الصاروخ فقط.

ويشير أبو زيد إلى أن إيران تركز على الكمية وليس النوعية، حيث تحمل رؤوسا متفجرة صغيرة لزيادة سرعة الصاروخ، وهو ما يقلل من الوقت اللازم للوصول ويسهل التصدي له، مضيفا أن بعض هذه الصواريخ مصنوعة من مواد مثل الألمنيوم أو الفايبرغلاس، وأن الرأس المتفجر ينفجر في الجو وليس على الأرض، أما ما سقط فهو الغلاف والمحرك، الذي يحمل الرأس المتفجر، موضحة أن التحذيرات من الاقتراب من هذه الأجزاء تأتي من احتوائها على محركات أو وقود، لكن بدون وجود مواد متفجرة، فهي ليست بتلك الخطورة.

بحسب المعلومات المتاحة، تمكنت إسرائيل من اعتراض غالبية الصواريخ، بينما أطلقت السفن الأميركية نحو 10 صواريخ اعتراضية دعما لإسرائيل، ما أدى إلى أن تكون الأضرار على الأرض طفيفة.

وكانت إيران  قد أطلقت في هجومها خلال شهر نيسان الماضي حوالي 350 طائرة مسيرة متفجرة وصواريخ باتجاه إسرائيل، التي اعترضت معظمها بمساعدة دولية، منها الولايات المتحدة.


 

الرد الأردني 

 

تعاملت الجهات الرسمية مع الأحداث بسرعة وشفافية، حيث تم إطلاع المواطنين بشكل مستمر عبر البيانات الصادرة من الجهات المعنية.

ويؤكد وزير الاتصال الحكومي والناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني على وعي الشعب الأردني في التعامل مع مثل هذه الأزمات، داعيا إلى توخي الحذر واتباع التعليمات الرسمية لضمان السلامة العامة.

 كما شدد على ضرورة تجنب تداول الشائعات من مصادر غير موثوقة، مشيرا إلى أهمية الاعتماد على المعلومات الصادرة من المصادر الرسمية فقط.

أبو زيد يؤكد أن الأردن يمتلك العديد من الوسائل للرد سواء عبر المنظومات الوقائية والدفاع الجوي أو من خلال الدبلوماسية، موضحا  أن خطاب الأردن الدبلوماسي كان واضحا، حيث صرح وزير الخارجية بأن الأردن ليس طرفا في الصراع بين إسرائيل وإيران، مؤكدا أنه لا يسمح للطائرات الإسرائيلية باستخدام الأجواء الأردنية للرد على إيران، ولا للطائرات الإيرانية باستخدامها للرد على إسرائيل، مشيرا  إلى أن الأردن يتبع هذا النهج في إطار دبلوماسي واضح ومحدد.

وفي الجانب العسكري، يشير أبو زيد إلى أن الأردن يعتمد على منظومات الدفاع الجوي ومنظومات الإنذار المبكر التي تمكنه من التنبؤ بتوقيت إطلاق الصواريخ أو الهجمات المحتملة، مشددا على أن الأردن لن يسمح بمرور الصواريخ الإيرانية أو الطائرات الإسرائيلية عبر أجوائه.


 

الجغرافيا تظلم الأردن

يعيش الأردن وسط بيئة أمنية مضطربة، حيث تحيط به صراعات إقليمية مستمرة، ومع ذلك، تمكن من تجاوز العديد من التحديات التي واجهته، في ظل استمرار العدوان الاسرائيلي على القطاع، وهجومه على لبنان مؤخرا. 

ويوضح الخبير العسكري والمحلل السياسي، الدكتور نضال أبو زيد، أن الموقع الجيوسياسي للأردن فرض عليه أن يكون متأثرا بأي صراع يحدث في المنطقة، فالجغرافيا وضعت الأردن في محيط يشهد توترا مستمرا، سواء شمالا أو شرقا، أو حتى في الغرب في الأراضي المحتلة، مضيفا أن الأردن يتأثر بشكل مباشر بأي تطور إقليمي، كما حدث في الرد الإيراني الأخير، الذي جاء ضمن سلسلة من التطورات التي تأثرت بها المنطقة، بما في ذلك الأردن.

كما يشير أبو زيد إلى خطورة قيام المواطنين بتصوير الأحداث وبثها على مواقع التواصل الاجتماعي من منظور أمني، إذ يمكن للطرف الآخر استخدام هذه الفيديوهات لتقييم دقة ضرباته، وبالتالي تحسين استراتيجياته العسكرية، فمواقع التواصل الاجتماعي تعد فضاء مفتوحا، يمكن للأجهزة الأمنية وغير الأمنية الوصول إليه، مما يعزز قدراتها الاستخباراتية.


 

توقعات المرحلة المقبلة

في خضم هذا المشهد المتسارع، سواء من الرد الإيراني أو الاستعداد لرد إسرائيلي، يتوقع أبو زيد أن إسرائيل لن تتأخر في الرد، وربما توجه ضربات نحو الأراضي السورية أو الميليشيات الإيرانية هناك، وقد تتوسع إلى أهداف عالية القيمة في العراق.

رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، الدكتور خالد شنيكات يرى أن التصريحات على أعلى المستويات من الإدارة الأمريكية، بدءا بالرئيس، مؤكدا التزام الولايات المتحدة بالوقوف إلى جانب إسرائيل في حال نشوب نزاع واسع، ومع ذلك، يعتقد شنيكات أن الولايات المتحدة لا ترغب في الدخول في حرب في هذه المرحلة، خصوصا في ظل الانتخابات المقبلة، حيث تبقى إسرائيل موضوعا حساسا يزايد عليه كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

ويوضح أنه من المتوقع أن ترد إسرائيل، وهناك عدة سيناريوهات ممكنة، قد يكون الرد محدودا كما حدث في نيسان الماضي عندما تم قصف قاعدة جوية غير حاسمة بالنسبة لإيران، أو قد تستهدف إسرائيل منشآت نفطية أو نووية إيرانية أو كليهما، في حال كان الرد الإسرائيلي واسعا أو ذا تأثير عميق، من المتوقع أن ترد إيران، مؤكدا أن الرد الإسرائيلي يعتمد على عدة عوامل منها حجم الضربة والأهداف التي ستستهدفها في إيران.

هذا الهجوم الإيراني الأخير، الذي شمل إطلاق عشرات الصواريخ الباليستية ضد إسرائيل يوم الثلاثاء، وصفته إسرائيل بأنه "الأكبر والأعنف" دون الإعلان عن سقوط ضحايا، يعد هذا الهجوم الثاني من نوعه خلال هذا العام، بعد استهداف إيران لإسرائيل في نيسان ردا على استهداف القنصلية الإيرانية في سوريا.