كيف أفشل حكم محمود عباس الاستبدادي الفلسطينيين
قبل 24 عام وعندما كنت مسؤول عن محطة تلفزة صغيرة في جامعة القدس قررنا بث جلسة المجلس التشريعي المتعلقة بالفساد في السلطة الفلسطينية. البث ازعج المقربين للرئيس ياسر عرفات وتم اعتقالي وسجني لمدة اسبوع بدون اي توضيح.
تذكرت هذا الأمر بعد اعتقال نزار بنات وهو ناشط معارض للرئيس محمود عباس يوم الخميس من قبل الأمن الفلسطيني وقد توفي بعد الاعتقال. الشرطة داهمت منزل في الخليل حيث كان بنات مختبئ معتقدا أنه
سيكون في أمان من قوى الأمن الفلسطينية وذلك بعد أن تم رشق منزله بطلقات تحذيرية بعد أن انتقد قرار عباس في 29 نيسان إلغاء انتخابات المجلس التشريعي. الانتخابات لم تعقد منذ 2006.
لم تظهر القوى الفلسطينية الحاكمة في 1997 ولا الآن أي القدرة على تقبل الانتقاد خاصة في مجال الفساد.
المجلس التشريعي الذي كنا نغطيه آنذاك لم بعقد اي جلسة منذ أكثر من عقد من السنوات.
السبب المعلن الذي قدمه الرئيس عباس لتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في 22 ايار هو ان اسرائيل لم تسمح للسكان القدس المشاركة. ولكن العديد بما فيهم بنات يعتقدوا أن عدم عقد الانتخابات كانت لأنه لم تتوقع حركة فتح التي يرأسها عباس أن تحصل على غالبية الأصوات.
قال البعض عام 1997 ,ويقولوا البعض الان, انه بما ان الشعب الفلسطيني منشغل في نضال وجودية للحرية من الاحتلال الاسرائيلي فان الامور الداخلية مثل محاربة الفساد والمطالبة بحكم القانون وانتخابات دورية يجب تأجيلها. وقد قال أحد كبار مسؤولي حركة فتح عزام الأحمد أنه يعارض "اي انتخابات تعقد في ظل الاحتلال الإسرائيلي." قد يكون هذا منطقي لو كنا نتحدث عن احتلال قصير المدى ولكن الاحتلال الاسرائيلي يدوم أكثر من نصف قرن والنضال للتحرير والحرية يجب
ان لا يكون فقط ضد المحتل الاسرائيلي بل ايضا ضد السياسات الشمولية المحلية التي لا تقبل بأي نقد ولا توفر فرص للإصلاح السياسي أو محاسبة من هم في الحكم.
لا يعني ذلك تبرئة اسرائيل والمجتمع الدولي. كلاهما أظهر لامبالاة قبل شهران عندما قرر عباس بصورة منفردة إلغاء الانتخابات التي طال انتظارها. بنات -الذي قتل على ايدي الامن الفلسطيني- كان مرشح لتلك الانتخابات ولو نجح لكان قد قدم ارائه تحت قبة مجلس تشريعي منتخب.
فرضت جولة العنف الاسرائيلي الاخيرة مع غزة والتي دامت 11 يوماً على واشنطن وآخرين الاهتمام بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي وقد كان واضحاً أن الشعب الفلسطيني لا يقبل أن يعيش تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي للابد. مجلس الأمن اجتمع الخميس ليذكر اسرائيل والمجتمع الدولي بضرورة الوقف الفوري للاستيطان كما جاء في قرار 2334 في الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية. لقد فجر دائرة العنف الاخير محاولة استيطان اسرائيل من خلال اخراج عائلات فلسطينية من بيوتهم في ضاحية الشيخ جراح في القدس الشرقية.
إن غياب الإرادة السياسية في السنوات الماضية افشل ايجاد اي تحرك جاد نحو حل سلمي للصراع. لقد شعرت اسرائيل والمجتمع الدولي أن الوضع القائم هو الأفضل خاصة مع وجود قوى امن قوية تديرها الرئاسة الفلسطينية في رام الله.
ما نراه الآن هو رفض الشعب الفلسطيني لكلى الاحتلال الإسرائيلي والحكم الشمولي من قبل الرئاسة والحكومة الفلسطينية.
يطوق الشعب الفلسطيني للحرية من الاحتلال الاستعماري الاسرائيلي وفي نفس الوقت يغضب عندما تقوم قوى الأمن الفلسطينية بقتل شخص انتقد القيادة من الضروري ان لا يغلق المجتمع الدولي أعينه أمام الامنيتين. إن إنهاء الاحتلال من خلال مفاوضات مباشرة من قبل قيادة شرعية ومنتخبة ضرورية لإيجاد اختراق لدائرة العنف . كما ولا بد من الانتهاء من وجود سلطة شمولية بيد شخص واحد. إن الدعوة للتغيير تأتي من القاعدة بعد ان افشلت القيادة أن تقنع شعبها والعالم ليضع ضغط كافي على اسرائيل لانهاء الاحتلال ونظامه الاستيطاني الاستعماري.
لقد استاء العالم من اغتيال المعارض السعودي جمال خاشقجي وهناك غضب في فلسطين الآن على مقتل نزار بنات على ايدي الامن الفلسطيني. يبدو أن القيادة السعودية ستفلت من العقاب فهل سيتم محاسبة القيادة الفلسطينية؟
المقال الأصلي يمكن هنا