في ظل جائحة كورونا، ووفق الأرقام والإحصاءات الرسمية، أرهقت النظم الصحية وتأثرت النساء والفتيات في العالم بشكل مفاجئ، حيث تم تقليص الخدمات الصحية من قبل المراكز وخصوصاً خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، وبلغ العديد من المستشفيات والمراكز الصحية عن انخفاض في عدد زيارات النساء والفتيات اللاتي يتلقين خدمات الصحة الجنسية والإنجابية الحرجة، بما في ذلك خدمات ما قبل الولادة وخدمات الولادة الآمنة ورعاية تنظيم الأسرة، خلال أزمةٍ لم تكن في الحسبان وضمن ظروفٍ غير متوقعة حيث ظهر كوفيد-١٩، ليفرض على العالم أجمع تحولات وتغيُّرات في الأولويات، وأصبحت الأمور الصحية الخاصة بالنساء أمور لا ينظر لها بالدرجة الأولى.
حسب تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان(تموز،2020).
اما في الأردن، عمّان تقول السيدة (م.س)، حول تجربة حملها أثناء فترة الجائحة وبدايتها، بأن التجربة بشكل عام كانت شاقة ووخيمة ومقلقة، خاصةً حيال عدم قدرتها في الذهاب للمراكز والإطمئنان على الجنين بشكل دوري، نظراً للإغلاقات بتلك الفترة وأوامر الدفاع التي قيدت الحالة بشكل أكبر، والأمر الذي كان يسعف الى حد ما هو مهاتفتها لطبيبة حتى تتحدث معها حول وضعها الصحي ووضع الجنين، في حين المقارنة مع حملها الجديد ما بعد الجائحة كونها كانت تخطط في مباعدة الأحمال وتضع فجوة سنتين بين حملها الأول 2020 وحملها الثان 2022 "فكان شتان بين التزود بخدمات الرعاية الصحية، وزيارات الطبيبة، وسهولة الخروج وأخذ المواعيد دون أية توترات أو قلق من القادم أو في المستقبل".
وبحالة أخرى، عندما تحدثنا مع (أ.ز) إحدى الحوامل الممرضات في المؤسسات الصحية، فهي تعرضت للإصابة بكوفيد-19 أثناء الحمل ثلاثة مرات، مما أدى لعدم قدرتها الى الزيارات الدورية لدى الطبيبة النسائية بالرغم من عملها داخل مستشفى مؤمنة فيه لحالات الولادة وتلقي الخدمات الصحية، وبالإضافة إلى إرهاقها الدائم طوال فترة الحمل مع الإصابة وشعور القلق والاضطراب، جائحة كورونا كانت وخيمة عليها في قلة او انعدام تلقي العلاج والخدمات التي تعزو للصحة الجنسية والإنجابية.
وبحسب التقاريرالحديثة، تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية لضغوط كبيرة نتيجة زيادة الحالات المصابة بفيروس كورونا، مما أدى إلى نقص في العمالة الصحية المتاحة لتقديم الخدمات الروتينية الأخرى، ونظرًا للضغط الناتج عن الجائحة، تم تأجيل العديد من العلاجات الروتينية والفحوصات التشخيصية غير الضرورية بوجهة نظر إدارة المراكز الصحية والمعنيين بهذه القرارات، مما أثر على النساء اللواتي يعانين من مشاكل صحية غير عاجلة، ومن جهة أخرى تأثرت النساء العاملات في القطاعات غير الرسمية والمنخفضة الأجور بشكل كبير جراء الإغلاقات الاقتصادية، مما أدى إلى صعوبة في الوصول إلى الخدمات الصحية وشراء العلاجات المناسبة.(,2021UNwomen)
أعلنت الحكومات الأردنية في 17 من مارس من عام 2020 تفعيل قانون الدفاع، كجزء من خطتها للحد من تفشي وباء كورونا، وتعهدت الجهات المعنية والمسؤولة عن ذلك بأن يطبق الأمر بشكل رسمي وصارم، في حينها تم فرض إغلاقات شاملة واستمرت أكثر من شهرين، مرفقة أمر بحظر التجول خلال نهايات الأسبوع وساعات الليل، وقد أثر هذا سلبا على ارتفاع نسب العنف بأشكاله ضد المرأة؛ أبرزها العنف الجسدي. وأكدت رئيسة جمعية معهد تضامن النساء، إنعام العشا، أن "العنف الاقتصادي الذي طال النساء في الأردن كان تأثيره كبيراً" وهذا بحد ذاته يجعل النساء بحاجة لتلقي خدمات صحية بشكل عام وعلاجات أخرى نتيجة العنف الجسدي الذي تعرضت له بالإضافة للدعم النفسي، فالنساء وصلت بهن الحالة بحسب دراسة تم إعدادها الخروج الى مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة فيسبوك للعثور على حلول وعلاجات مباشرة حول العنف الذي تتعرض له. (المرأة الأردنية واستخدام وسائل التواصل الإجتماعي لغايات التعبير عن العنف: دراسة تحليلية، 2020)
وعـلاوة عـى ذلـك، فقد تأثرت النساء الأردنيات في جميع أنحاء المملكة في تلقي خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، وهـي خدمـات بالغـة الأهمية لضمان صحة جسدها وصحة الجنين، فكان من الواضح تقليص الخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة بشكل كبير خلال الأسابيع الأولى من الجائحة وتم تقديمها عن بعد.
تفيد أقوال النساء المنتفعات من مراكز واحة للمرأة والفتاة التابعة للأمم المتحدة للمرأة من داخل المخيمات الأردنية للاجئين وخارجها، وبالفئات العمر (18-35) عام وضمن المقابلات الشخصية بأن هناك كان تخوف كبير جداً في التعرض لحمل غير مخطط له، خصوصاً أن فترة الجائحة كانت عبارة عن تضييق على الجميع في الانتفاع والوصول لوسائل منع الحمل في الدرجة الأولى، وثانياً لتدني الحالة الاقتصادية التي قد تؤثر بشكل كبير على صحتهن وصحة الجنين في حال عدم توفر علاجات دائمة بسبب الحالة الاقتصادية والظروف المعيشية التي مروا بها.
أجريت دراسة مسحية (استقصائية)أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية بأن الأثر الذي أحدثته جائحة كورونا تمثل في محدودية بأن 41% فقط من الأردنيات ذوات الإعاقة تمكنوا من الحصول على العلاج الطبي الضروري، والوصول الى الأطباء أثناء الأزمة، مع أن التدابير الحكومية قد سعت في تنظيم كل ما جرى، إلا أنه بسبب الظروف القاصرة كان هناك فجوات لا بد منها. وفي هذا الصدد تم البدء في عمل دراسات لتحسين الأمر الواقع ومن ضمنها دراسة أجراها المجلس الأعلى للسكان وبالتعاون مع Share Net وتم وضع توصيات حيال ذلك، منها العمل على تحسين نظام المعلومات وإدارة البيانات وطنياً، وإعادة النظر في سياسات التزودوتبني خط وطني ساخن بالمجان، وتفعيل المنصات الإلكترونية للردود الآلية والسريعة والعمل على تحسين برامج التوعية الصحية حول قضايا الصحة الجنسية والإنجابية وتعزيز البرامج كافة وتسهيل الوصول للخدمات الصحية ونشر طرق سهولة الوصول إليها.
هذا التقرير تم إنتاجه ضمن التعاون المشترك مع برنامج النساء في الأخبار-مؤسسة وان افرا الدولية