قطاع الصيادلة قطاع متضرر

للوهلة الأولى قد يعتقد البعض أن القطاع الصيدلي لم يكن متضرر من جائحة الكورونا. وهذا الانطباع للأسف تم تبنيه من قبل الحكومة والبنك المركزي حيث تم رفض  تصنيف الصيدليات كقطاع متضرر  ولكن الحقيقة غير ذلك.

الضرر تشكل لعدة أسباب أهمها أن جائحة الكورونا سببت تراجع كبير في المراجعات الطبية غير الطارئة الأمر الذي قلل بشكل كبير من المبيعات تجاوز لعدد من الصيدليات وسلسلة الصيدليات  50% عن نفس الفترة للعام الماضي. إضافة لتراجع مبيعات الادوية بسبب تردد العديد من المواطنين  زيارة الأطباء في الحالات غير الطارئة فإن السياحة العلاجية والتي كانت تشكل أيضا مصدر مهم من مبيعات الصيدليات توقف كلياً في الأشهر الأولى للجائحة وحتى بعد فتح المطار بصورة مقلصة لم تعود الأرقام الى ما كانت عليه في الأعوام السابقة. من ناحية أخرى فقد تراجعت بصورة كبيرة المبيعات غير الطبية مثل الإكسسوارات ومواد التجميل وغيرها.

تراجع مبيعات الصيدليات لم يكن محصوراً في الأردن ففي الولايات المتحدة الامريكية خسرت سلسلة والغرين الصيدلية 1,7 مليار دولار في الربع الثالث من العام الحالي وفي بريطانية تراجعت المبيعات في نيسان بنسبة 18% عما كان عليه في العام الماضي وفي الإسكندرية سجل تراجع مبيعات الصيدليات 50% وسجلت صيدليات وفي ألمانيا أيضا تراجع في مبيعات الصيدليات. البحث عبر جوجل يوضح مدى الخسارة العالمية لهذا القطاع.

في الأردن شكلت الأشهر الأولى للجائحة خسارة مضاعفة بسبب طول فترة الاغلاقات وبسبب القرارات التي  فرضت بأوامر الدفاع على الصيدليات- كونها حسب الرؤية الحكومة قطاع غير متضرر-  مثل عدم تقليص  عدد العاملين  او تقليل نسبي من رواتبهم مما زاد من الديون المتراكمة على الصيدليات وخاصة المجموعات الصيدلية الكبيرة التي تعتمد في بقائها واستمرارها على نسبة كبيرة من المبيعات اليومية والتي كان يتم جنيها عندما كانت الصيدليات تعمل على مدى 24 ساعة يومياً أما في ظل الجائحة فقد تقلص عملها اليومي إضافة إلى فترات الإغلاق الكامل والان أيام الجمعة.

لقد شكل قرار الحكومة عدم احقية الصيدليات في تقليص موظفيها او تقليص رواتبهم ازمة مالية وخاصة أزمة سيولة مما ترك اثر كبير على القدرة في دفع فواتير المستودعات والتي ترفض إعطاء فترة سداد أطول رغم أن ذلك أدى الى تقليص كبير في مبيعاتها.

الأمر الأكثر غرابة هو غياب متابعة حقيقية من الدولة الأردنية وحتى من الجهات ذات علاقة مباشرة والتي تعرف المشكلة مثلا وزارة الصحة والعمل. كما وكان هناك خبراء قاموا بإجراء أبحاث علمية عن وضع القطاع ولكن في النهاية  لم يقم بعض منهم الذي أصبح في موقع قيادي من التدخل على الأقل لضمان تصنيف قطاع الصيدليات كقطاع متضرر مثله مثل القطاعات المتضررة الأخرى.

كما تفيد أصحاب الصيدليات الصغيرة أن شركات التأمين تتباطأ بدفع مستحقاتها للصيدليات في حين تصر شركات الأدوية التي تورد الكمامات والفيتامينات والمعقمات أن يتم تسديد بدل تلك المواد بالكاش مسبقا الأمر الذي يرهق سيولة تلك الصيدليات التي تعاني  أصلاً من تراجع حاد في المبيعات.

لا بد من التساؤل هنا عن دور نقابة الصيادلة والتي من المفترض أن تكون أكثر الجهات دراية بتلك المشاكل وتعمل ليل نهار لحلها والضغط لمنعه هذا القطاع الحساس من الانهيار الأمر الذي سيترك عدد كبير من أعضاء النقابة من  الصيادلة بدون عمل. ويبدوا أيضا أن تعليمات نقابة الصيادلة تمنع أصحاب الصيدليات من بيعها حتى للمستودعات التي عليهم ديون معها.  المعضلة هي أن التعليمات تصر ان من يريد بيع صيدلية عليه أن يبرز براءته ذمة من كافة المستودعات الأمر الذي يضع أصحاب الصيدليات في دائرة مفرغة حيث يمنعوا من بيعها لسداد ديون المستودعات إلا إذا اثبت أصحاب الصيدلية البائع انه سدد ديونه لتلك المستودعات. قد يكون حل الاشكال تجميد او الغاء هذه التعليمات او ان تقوم الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي بتوفير ضمان مشروط يوفر السيولة المؤقتة لسداد الديون بشرط أن يتم فعلا بيع الصيدلية لسداد توفير تلك السيولة.

يعمل في القطاع الصيدلي الآلاف الصيدليين المرخصين وعدد كبير من الموظفين والإداريين وتشكل مشكلة الصيدليات تقليل خطير من الادوية الضرورية للمواطن والمقيم.  فهل من المنطق أن يتم تجاهل هذا القطاع الهام في هذه الفترة الحساسة؟

أضف تعليقك