قصة عتال شجاع

الرابط المختصر

نفض الغبار عن كفين مشققين ترك فيهما حبل بلاستيكي علامات بارزة، اشتم يداه وقال متذمرا" كم أكره عملي"

حدق في زميله مصباح وتساءل ماذا يريد الأخ؟
اخبره انه "صحفي يريد أن يكتب عن أوضاع العتالين في السوق" أجاب متهكما"ماذا سيفعل يعني ؟؟ كل المصائب تأتي من الصحفيين اذهب واكتب عن أصحاب الملايين الذين غرقت البلد في بطونهم، ماذا ستكتب عنا نحن المساكين".


جلس على حافة إسمنتية في سوق الخضار. تحسس صدره مد يده بحثا عن علبة السجائر أشعل لفافته ونفث الدخان في الهواء، والتفت بوجهه الشاحب متمتما بكلمات تكاد تكون مفهومه " ماذا تريد أن تعرف اسمي حمدان اعمل عتال على باب الله في هذا السوق منذ ضاقت في الدنيا". سحب كمية كبيرة من الدخان لداخل صدره الذي تسمع شهيقه من بعد ثم أردف " أنا احمل كل شيء تتوقعه الخضار المواد التموينية مقابل اليسير من المال".

حمدان ابن الستين عاما يعمل عتالا في سوق السكر خلف الجامع الحسيني، لكن نشاطه يمتد إلى ابعد من ذلك فهو يقف في بعض الأحيان في ساحة المسجد الحسيني ليقوم بإعمال العتالة لمن يطلبها من السيارات التي تبحث عن عمال إنشاءات ويقول"احمل كل شيء الرمل والطوب وأي شي يجلب الرزق أقف في ساحة المسجد لعلي أجد عملا أكثر نفعا من عتالة الخضار والمواد التموينية".

لمن كل هذا العناء؟ يقول انه الابناءه الخمسة احدهما يعاني من إعاقة ذهنيه، ففي اليوم الذي لا يعمل به حمدان لا يجد ما يطعم به أطفاله، فكل هذا الصراع مع رفيق عمره( الحبل البلاستيكي) من اجل لقمة دافئة يعود بها إلى أطفاله.


قصة حمدان والحبل البلاستيكي ليست بالبعيدة عن قصة زميلة في المهنة "أبوعنتر" الذي يعمل "عتالا" متجولا يبحث عن حمولة أثقلت كاهل صاحبها ليعينه عليها مقابل اجر زهيد يسد فيه رمقه ورمق 10 أشقاء له أصاب اغلبهم مرض غريب أقعدهم عن العمل.


أبوعنتر يتواجد في أسواق الخضار المركزي يحمل في رقبته سلة بلاستيكية يحمل بها أكياس الخضرة من السوق إلى سيارات الزبائن أو لمنازلهم مقابل اجر غير محدد من المال يدفعه الزبون له حيث تعد هذه مهنته منذ أربع سنوات بعد وفاة والده المعيل الوحيد لهم.


"سجل أنا عربي ورقم بطاقتي خمسون ألف.... أنا لا اكره الناس ولا أسطو على احد لكن إذا ما جعت أكل لحم مغتصبي" عبارة لمحمود درويش نقشها "أبو عنتر" على سلته البلاستيكية على الرغم من انه لا يعرف القراءة والكتابة لكنه علقها على حد قوله " مشان الناس تحس" فهو كل يوم يعلق عبارة مختلفة عن الأخرى وتحمل معاني مختلفة.

دخلنا بيت "أبو عنتر" لنجده عبارة عن مستودع تجاري قديم منحه إياه احد التجار ليكون قصره الذي يأوي إليه بعد عناء يوم طويل من التعب والكد ليضع رأسه على فرشته الوحيدة التي تتوسط المخزن الفارغ.

أبوعنتر تحدث بمرارة عن حالته وعن سوء المعاملة التي يجدها من العديد من الأشخاص حيث تصل لدرجة الاحتقار على حد قوله إذ ينظر له على انه من مخلفات الحياة.

أضف تعليقك