قراءة في التعديل الوزاري
لم يكن للتعديل الوزاري الذي صدرت الإرادة الملكية بالموافقة عليه يوم الأربعاء تلك المساحة المتوقعة بين أعمدة الراي في مقالات الصحف اليومية لعدد الخميس باستثناء مقالين للكاتب ماهر أبو طير ورئيسة تحرير الغد جمانة غنيمات.
ويصف أبو طير التعديل الحكومي بـ"الباهت" وبأنه بلا مفاجآت قياسا بالوقت الذي استغرقه واحتاجه، مشيرا إلى أنه أطول تعديل في تاريخ المملكة لأن الحديث عنه بدأ منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة.
أما رئيسة تحرير الغد جمانة غنيمات، فترى في تعديل رئيس الوزراء عبد الله النسور الواسع على حكومته، تجديدا لفرصته بتغيير صورة حكومته في أذهان الأردنيين.
وتشير غنيمات إلى إخفاق رئيس الوزراء على مدى أشهر في إقناع الشارع الأردني بجدية نواياه تجاه الإصلاح، وتطبيق ولو جزء من التصريحات والمواقف التي كان يعلنها حين كان نائبا!
أما عن توقيت إجراء التعديل، فتذهب غنيمات إلى أنه يأتي في وقت يكاد الشارع يفقد فيه الأمل بإمكانية تحقيق إصلاح يُجمِع الناس على أنه يحقق الطموح، مع تشكيك في نوايا الحكومة بشأن المضي قدما في التغيير، مستغلة ما يحدث في سورية ومصر للتأجيل.
فيما يعتبر أبو طير التوقيت غريبا للغاية، متسائلا "كيف يتم إجراء تعديل وزاري قبل الانتخابات البلدية بأيام، وهل يعقل أن يتم إجراء هذا التعديل قبل استحقاق مهم، ولماذا لم تنتظر الحكومة اجراء الانتخابات البلدية، ثم اجرت هذا التعديل ؟!.
ويؤكد أنه كان على مراكز القرار أن تتمهل فلا يجري التعديل على الحكومة نهائيا، أو أن يؤجل التعديل الى مابعد الانتخابات.
وكان الكاتب محمد العلاونة قد ذهب في مقاله لصحيفة السبيل، إلى أنه لا يوجد أي إشارات تطمين بالحديث عن التعديل الحكومي، بما يتعلق بالاستقرار الداخلي وتأثيرات الأحداث على أمن العيش وبقاء الوضع الحالي على علاته.
فـ"آليات التعديل أو حتى تكليف حكومة جديدة بالطبع ستكون كما اعتاد عليها أهل البلد وضمن معطيات الدستور التي منحت الملك عبدالله الثاني القرار الأول والأخير، في السياق نفسه يبدو السعي للمشاركة في صنع القرار في أدنى مستوياته، ومعاونة رأس الدولة على تلك الأعباء والتحديات لا يتجاوز حتى حدود الخجل"، بحسب العلاونة.
قراءة في التشكيلة الجديدة:
يرى الكاتب أبو طير أن دخول الوزراء أو خروجهم إلى الفريق الحكومي لم يعد لافتا لانتباه الأردنيين، "في ظل تراجع معايير التوزير، وفي ظل يأس الأردنيين من الحكومات التي تحولت إلى شكل من اشكال الضغط على حياة الناس، في ظل الغلاء والتراجع الاقتصادي".
ويشير إلى غياب أسماء مهمة أو وازنة في التشكيلة الجديدة، "فأغلب الأسماء ذات غايات محددة مابين رسائل الغزل لاتجاهات سياسية، أو ذات دلالات مهنية مجردة، و الحكومة بعد التعديل متعددة الهويات".
ورغم استقبال الناس الباهت للتعديل، بحسب غنيمات، إلا أن وجود عدد من الأسماء في الحكومة قد يساعد في تشكيل مطبخ سياسي، وإن كان أصحاب بعضها لا يحملون حقائب سياسية.
وفي هذا الصدد، تشير غنيمات إلى انضمام الدكتور عاكف الزعبي بتوليه حقيبة الزراعة؛ وهو وزير سابق يحمل رؤية إصلاحية، والمعارض اليساري "النقدي" خالد الكلالدة وزيرا للتنمية السياسية والشؤون البرلمانية.
وترى أن "ما ميز التعديل الحكومي هو تخلي وزير الداخلية عن "البلديات"، رغم أنه لم يتبقَ على إجراء الانتخابات البلدية سوى أيام، إلا أن انتقال الوزارة لوليد المصري، وهو العالم بها، ربما يساعد على تجاوز المحطة بنجاح"، واصفة المصري الذي أُعفي من "الأشغال"، بأنه يقدم أفكارا إصلاحية، تتفهم المرحلة الحالية بكل حساسيتها.
كما أعربت عن أملها بتحقيق السيدات الثلاث في الفريق الحكومي ومن بينهن الكاتبة الصحفية القديرة لانا مامكغ التي تمتلك رأيا خاصا في كثير من القضايا العامة، إنجازات تسجل لهن، بعد أن اقتصرت المشاركة النسائية في الحكومة السابقة على حقيبة واحدة.
مستقبل الحكومة:
تشير غنيمات إلى أن الشخصيات الجديدة، بصحبة أعضاء آخرين "ربما تعزز فرص تشكيل فريق سياسي يقدم رؤية مختلفة، ويعمل بروح جديدة في التعاطي مع المشهد السياسي المحلي، كما يسهم في التوصل إلى توافق وطني يخرجنا من المنطقة الحرجة التي ما فتئنا نراوح فيها بهدف التقليل من الآثار الجانبية المتوقعة لما يشهده الإقليم من أحداث جسام، وتحديدا في سورية ومصر".
"فلدى الحكومة فرصة لتقديم رؤية ديمقراطية حقيقية؛ تصون الحريات، وتوقف سياسة الاعتقالات، وتبثّ رسائل للمجتمع الأردني بأن ثمة روحا جديدة في العمل الحكومي"، والأمر لا يتعلق فقط بإقرار قانوني انتخاب وأحزاب جديدين، وإنما أيضا بوجود رؤية وطنية جامعة تدرك المخاطر وتسعى لتجاوز التحديات، بدون زيادة الانقسامات الأفقية والعمودية في البلد.حضور النساء في التعديل كان واضحا هذه المرة، بحسب غنيمات.
وتخلص إلى أن عمر الحكومة مضمون حتى مطلع العام المقبل على الأقل، إلا أن الحصول على الثقة الشعبية التي لاقت التعديل بفتور ووصفته بالباهت، يبدو أهم بكثير من ثقة النواب التي لن تخضع لها الحكومة.











































