قراءة أولية في تشكيلة مجلس النواب 15
مع ساعات الحسم الاخيره مساء يوم الانتخابات في العشرين من الشهر الحالي، ظهرت افرازات العملية الانتخابية لتحمل نواب تحت مصنفات اعلامية جديدة...
لم تكن موجودة بهذا الزخم في الانتخابات الماضية، من ابرزها "نواب البزنس" و " الاثرياء الجدد".
الخارطة السياسية لمجلس النواب الخامس عشر، كانت مادة خصبه لاقلام الكتاب التي ما نفكت تتحدث عن " ظاهرة شراء الاصوات" و" نقل الاصوات" ومدى تأثير هاتين الظاهرتين على شكل خارطة المجلس النيابي الحالي وانعكاس ذلك على اداءه.
وغلبت حالة من التشائم في النظرة المستقبلية لاداء مجلس النواب الخامس عشر لدى الكثير من المحللين السياسين الذين تابعوا كما باقي الشعب الاردني العديد من التقارير حول عمليات شراء الاصوات وكان من ابرزها الصور التي بثتها وكالة الانباء الرسمية بترا لعمليات شراء اصوات الناخبين.
ويرى المحلل الكاتب فهد الخيطان ان "من كان يراهن على البرلمان الجديد لتحريك, ملف الاصلاح السياسي المعطل عليه ان يتخلى عن احلامه وينتظر 4 سنوات اخرى. هذا اذا سلمنا بأن ثقافة البزنس وشراء الاصوات حالة عابرة لن تتكرر".
ويقول ايضا "تحرير سوق الاصوات الانتخابية سمح قلنا بترحيل الآلاف واستفاد من هذه السياسة المتعمدة اشخاص مجهولون ومغمورون قفزوا فجأة الى صدارة المشهد السياسي بلا ادنى خبرة في العمل العام, ينافسون على المقاعد الاولى في دوائر كبرى, مشهد سياسي عبثي لا نجد له تفسيرا مقنعا".
هذه التركيبة والافرازات الجديدة للانتخابات النيابية ستفرض واقع جديد على اداء مجلس النواب الخامس عشر بحسب المحلل والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية د. محمد المصري الذي يقول " اذا كان المجلس الرابع عشر حسب استطلاعات الرأي فاشلا في القيام بمهامه الدستورية وفي مراقبة الأداء الحكومي وضبط الإنفاق العام و الحديث عن قضايا المواطنين، فان هذه التحديات ستكون ماثله بقوة امام المجلس الخامس عشر، خصوصا ان هناك ما يسمى بالاثرياء الجدد الذين صنعوا ثروات واستغلوها للوصول الى المجلس، ولا اعتقد انهم سيشكلون كتلة متجانسة ستصوت مع بعضها وتدافع عن مصالح محدده".
ويرى المصري ان المجلس وبهذه التشكيلة امامه تحدي قادم هو " اختبار الاداء" اذيقول " يجب على مجلس النواب القادم وبسرعة شديدة ان يقدم اداءا رفيعا يحارب الانطباعات العامه في الشارع الاردني الذي يرى ان كثير من النواب فازوا بشراء الاصوات او بنقلها، بالاضافة الى أن أعضاء مجلس النواب من الإسلاميين يجب ان يقوموا باداء رفيع حتى يملئوا الفراغ الذي نتج عن انحصار تمثيل الإسلاميين ، واذا لم يقدم مجلس النواب أداء رفيع سوف يتكرس هذا الاداء في الشارع الأردني" .
وحول اداء المجلس في ظل انحصار الكتلة الاسلامية – المعارض البارز- في مجلس النواب يقول المصري " لنكون صادقين في مجلس الرابع عشر أداء الكتلة الإسلامية نتيجة لتشكيلة مجلس النواب لم يكن مميزا وكان هناك انتقاد كبير من النخب المثقفة ولا أتكلم عن الشارع حيث كان لهم أكثر من اتجاه سلبي بخصوص عدد من القضايا والقوانين او أنهم كانوا مهمشين في لجان وإدارة المجلس، ولكن قد يكون للنواب الاسلاميين الستة دورا فعالا اكبر من 17 اذا دخلوا في تحالفات على أساس النقاط البرامجية مع بعض النواب الآخرين وهذا جزء من التحالفات السياسية داخل مجلس النواب، وليس لدى نواب جبهة العمل الإسلامي أي خيار غير الدخول في تحالفات على أساس نقاط برامجية وتغيير التحالفات كلما اقتضى الأمر دون الدخول في قرارات إستراتيجية في المشاركة واعتقد ان هناك أهمية في دخولهم في مثل هذه التحالفات ".
ويقول الاسلاميون الذين تكبدوا خسارة كبيرة في الانتخابات النيابية ان " اداء مجلس النواب الخامس عشر سكون الاسوء في تاريخ مجالس النواب" ويضيف رئيس لجنة الانتخابات في حزب جبهة العمل الاسلامي حكمت الرواشده " لا نتأمل من مجلس الخامس عشر ان يقدم شيء كون من نجح بالتزوير كيف سيستطيع تقديم شيء !ومن نجح من خلال شراء الاصوات كيف سيمثل امه؟ هؤلاء الاثرياء الجدد ليسوا اصلا من اصحاب رؤوس الاموال وليسوا صناعيين، هؤلاء سيعملون على تعويض خساراتهم التي دفعوها من خلال وجودهم في مجلس النواب، وبعضهم لن يكون له دور رقابي وتشريعي، فكيف سيفرضون رقابة على جهات ساهمت في ايصالهم الى مجلس النواب؟ وانا انظر بعين الريبة والخطورة لهذا المجلس وهو مقدمة لمرحلة جديدة".
وعن علاقتهم المستقبليه مع السلطتين التشريعية والتنفيذية في ظل الحكومة الجديدة يقول الرواشدة " نحن نتعاطى مع أي حكومة حسب برنامجها ونحن جهة لديها برنامج وان كان برنامج الحكومة في مصلحة الوطن والمواطنين سنتعامل معها بايجابية واذا كان برنامجها كسابقاتها من الحكومات لا يتعامل مع المصلحة الوطنية ويتساوق مع الامريكان والصهاينة ولن يكون في صالح الفقراء والشرائح الكبيرة في المجتمع الاردني وستزيد في غلاء الاسعار بالتاكيد سيكون تعاملنا معها سلبي وبالتالي حسب تعاملها وبرنامجها سنتعامل معها".
من جهته يكتب المحلل في شؤون الجماعات الاسلامية محمد ابو رمان "بعيداً عن تحليل أسباب خسارة الإخوان فإنّ غيابهم – نسبياً- عن الحياة النيابية سيُبقي مقعد المعارضة في البرلمان شاغراً بامتياز، والدلالة الرئيسة لهزيمة الإخوان هي تلاشي المعنى السياسي لمجلس النواب، بافتقاده لوجود أية قوة سياسية مؤثرة وفاعلة، ولعل من ساهم في رسم ملامح الحكومة الحالية تعامل بذكاء مع بعض المفاصل المؤثرة في البرلمان كي لا تُشكّل حالة "ممانعة" للسياسات والقرارات الاقتصادية القادمة، ولا في مواجهة "النخبة الليبرالية"، كما حصل في مرحلة سابقة.
التكوين الحالي للبرلمان سيحول دون وجود أي دور حقيقي له في مواجهة استحقاق رفع الدعم والضرائب للحد من عجز الموازنة ومن نفقات ميزان المدفوعات. والمشكلة الأخطر تكمن بالنزيف الحاصل من فقدان الناس الثقة بمؤسسة البرلمان، وشعورهم أنّها لا تمثل سوى مصالح أعضائها..
لو كانت النخبة "الرأسمالية" الجديدة التي دخلت المجلس تمتلك رصيداً سياسياً أو حزبياً حقيقياً فإنّ ذلك ربما يكون دافعاً ومبرراً لتفاؤل بعض المحللين والمعلقين. لكن وصول هذه النخبة للبرلمان هو تعبير عن خلل سياسي- اجتماعي فادح! فهي لا تمثل ظاهرة "المال السياسي" إنما "الفساد السياسي" المرتبط ببيع الذمم وشراء الأصوات والحصول على "الحصانة الرسمية" لحماية المصالح الاقتصادية الخاصة ولتحقيق مكتسبات أكبر من خلال شبكة علاقات سياسية جديدة ولاعتبارات جهوية واجتماعية. ويعكس صعود هذه النخبة، أيضاً، وطأة الظروف الاقتصادية على شرائح اجتماعية عريضة بالتوازي مع تنامي إداراك عام لا يرى في الانتخابات النيابية أفقاً للتغيير أو التعبير الحقيقي عن مصالح المجتمع، ولا تعكس الألوان السياسية الموجودة في البلاد.
فارق كبير بين "المال الانتخابي" الذي شاهدناه في الانتخابات الأخيرة وبين مفهوم "المال السياسي" الذي تُوظف فيه الثروات والمشاريع الاقتصادية في الاستثمارات الوطنية العامة وفي تشغيل الأيدي العاملة وتقديم المنح الجامعية والمشاريع التنموية والثقافية والمساهمة في حماية الطبقات الفقيرة من المعاناة اليومية والحياتية. هذا المال هو الذي يخلق مشروعاً سياسياً وثقافياً حقيقياً على الأرض، يتجاوز الطموحات الشخصية.
ويتابع : تقليدياً؛ إذا كان البرلمان ضعيفاً فإنّ الحكومة تمتلك الحد الأدنى من "الثقل السياسي" الذي يملأ الفراغ لغياب المؤسسة التشريعية، لكن الحكومة الحالية تفتقد إلى أية خلفية سياسية واضحة ولا تمتلك خبرة سياسية مشهودة، وفي أفضل التوصيفات فهي حكومة "تكنوقراطية" (مع التشكيك بذلك أيضاً.
وفي نظرة للأسماء التي دخلت مجلس النواب يلاحظ أن 29 نائبا كانوا أعضاء في المجلس الرابع عشر وهو المجلس الذي بين استطلاع للرأي حول تقييم أداءه أن معظم الأردنيين يروا أنهم كان فاشلا.
وافرزت نتائج الانتخابات رئيس وزراء ووزراء سابقون ورجال أعمال ورجال عشائر إلى البرلمان حيث عدد نواب عشيرة بني حسن من 7 نواب في المجلس السابق إلى 11 نائبا في الحالي موزعين على محافظات الزرقاء والمفرق وجرش، بينما فاز اثنان في "عمان الثانية" من نفس العائلة وهم محمد سلمي الكوز ومحمد عمار الكوز.
وبإخفاق الاسلاميين في الانتخابات النيابية يتراجع تمثيلهم في مجلس النواب من 17 نائبا في المجلس السابق إلى 6 نواب في المجلس الحالي، مما يقلص عدد المعارضين للحكومة ويزيد حضوتها لدى المجلس الجديد الذي يتوقع ان يمنحها الثقة بكل سلاسه.











































