قانون الأحوال يخوض معركة أخرى مع النواب الجدد
بصدور الإرادة الملكية السامية بدعوة مجلس الأمة الخامس العشر للإنعقاد في دورته العادية الثانية في الخامس من تشرين الأول، بات إقرار أو رفض قانون الأحوال الشخصية المؤقت رقم (82) لسنة 2001 مسألة وقت ليس إلا.
فمن المحتمل أن يفتح انعقاد مجلس الأمة الباب أمام تغيير مفصلي في واقع المجتمع الأردني، في حال إقرار القانون، والاعتراف بالمرأة ليس ككائن بشري فحسب، وإنما كعنصر فاعل في المجتمع والأسرة.
ويعول ناشطو المجتمع المدني، مع بعض التخوف، على نواب المجلس الخامس العشر في إحداث هذا التغيير بعد الإحباط الذي تعرضوا له برفض المجلس السابق قانون الأحوال الشخصية لمرتين.
الاستبيان الذي أجراه مشروع “من حقك التمتع بحقوق عادلة ومتكافئة” حول التعديلات الست المدرجة على القانون، ومن ثم على القانون بمجمله استطلع آراء 48 نائباً من أصل 110 نواب؛ فكانت ما نسبته 52.1 %، أي 25 نائباً، مع إقرار القانون، في حين توزعت باقي النسبة بنحو 20.8% مع رفض القانون و 10.4% وقع في حيرة من أمره ليجب ب"لا أعرف"، بينما رفض 16.7% الإجابة على السؤال.
مرد النسبتين السالفتين الذكر لرفض الإجابة على سؤال الاستبيان والإجابة ب"لا أعرف" يعود لعدم معرفة النواب بالقانون وتفصيلاته، إضافة للحاجة الماسة، برأيهم، لدراسة القانون داخل اللجنة القانونية قبل اتخاذ القرار المناسب.
الاستبيان بادر بتنفيذه مشروع “من حقك التمتع بحقوق عادلة ومتكافئة”، وهو إطار لهيئات عاملة في مجال حقوق المرأة ويضم كلاًّ من: تجمع لجان المرأة الوطنية الأردنية، وجمعية مراكز الإنماء الاجتماعي، والمركز الوطني للثقافة والفنون الأدائية، ومعهد الملكة زين الشرف التنموي.
التعديلات الست التي أُدخلت على القانون هي: الخلع، ورفع قيمة التعويض عن الطلاق التعسفي، والإبلاغ عن الزواج المكرر، ورفع سن الزواج إلى 18 سنة، وحق مشاهدة الأطفال، ونفقة الزوجة العاملة.
أما أهم تعديلات قانون الأحوال الشخصية فهو حق "الخلع" الذي ربما كان السبب الرئيس وراء رفض القانون لمرتين من النواب السابقين لاعتبارهم تعديل الخلع كما لو أنه القانون بمجمله.
في حال استحال الحياة الزوجية وتعنت الزوج في الطلاق واستمرار الزوج في ظلم الزوجة، كان "الخلع" خيار 28 نائباً؛ أي ما نسبته 58.3%، في حين إرتأى 10 نواب؛ أي ما نسبته 20.8% أن تلجأ المرأة لطرق أخرى.
على كل حال، كان لا بد من اللجوء لصياغة سؤال الاستبيان حول الخلع كما سبق، علماً أن للمرأة حق الخلع "لمجرد بغضها للحياة الزوجية كما للرجل حق الطلاق دون سبب"، بحسب منسقة مشروع "من حقك التمتع بحقوق عادلة متكافئة" علا المومني.
لا يتم إصدار الحكم القضائي بالخلع إلا إذا قامت الزوجة، قبل الدخول، بإعادة ما استلمته من مهرها وما تكلف به الزوج من نفقات الزواج. أما إذا طلبت الزوجة الخلع بعد الدخول، فيجب عليها أن “تفتدي نفسها” بالتنازل عن جميع حقوقها الزوجية، ما يشير إلى تمييز واضح لصالح الرجل، الذي يتمتع بميزة دفع مؤخر الزوجة بالتقسيط المريح، بعد عملية الطلاق.
الاستبيان ليس كافياً للتأكد من إقرار القانون في مجلس النواب الحالي، وذلك لعدم شمول الاستبيان لكافة النواب من جهة - لمواجهة الصعوبات المختلفة في الوصول إلى باقي النواب- ، وللتغيير الذي يحدث في مواقف النواب أحياناً عند تصويتهم على القوانين من جهة أخرى.
وما يدعو للخشية من تكرار سيناريو المجلس السابق، أيضاً، هو اعتقاد بعض النواب بأن كثيراً من التعديلات التي أُدخلت على القانون المذكور جاءت نتيجة “إملاءات غربية”، وأنها “لا تتفق مع الشريعة الإسلامية”.
ورغم إقرار المجلس الحالي لقانوني الجمعيات والاجتماعات العامة بصيغة لم ترضي المجتمع المدني، الذي اعتبرها مخالفة للمواثيق الدولية وتضيق على الحريات، إلا أن عدداً ملحوظاً من النواب حاول جاهداً لتعديل هذين القانونين وهذا بحد ذاته يبعث على التفاؤل فيما يتعلق بقانون الحوال الشخصية؛ كما أن أكثر من ثلثي أعضاء مجلس النواب الحالي هم نواب لأول مرة ولا يحملون موقفاً مسبقاً من القانون.
قانون الأحوال الشخصية ما زال قابعاً في أدراج مجلس الأعيان، الذي وافق عليه مع بعض التعديلات، بعد رفضه مرتين من قبل مجلس النواب السابق، وهو الآن في انتظار مناقشة النواب له، تمهيداً لإقراره بحسب الأصول الدستورية إذا وافق عليه النواب.
القانون نافذ عملياً، إلا أن المجتمع المدني معني بإقراره بالشكل الدستوري، "ما يؤكد وجود توافق مجتمعي عليه"، تقول أسمى أخضر، الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة.
وكان محافظ العاصمة، سعد الوادي المناصير، رفض، دون ذكر الأسباب، طلباً بتنظيم مسيرة تضم ناشطين وناشطات نسويات، تتجه إلى مجلس النواب، رغم موافقته في ذات الوقت على مسيرات أخرى.
كما دعا مشروع "من حقك التمتع بحقوق عادلة ومتكافئة" عقيلات النواب في وقت سابق لمناقشة قانون الأحوال الشخصية المؤقت في محاولة للتأثير على النواب لإقراره، إلا أن تسع عقيلات حضرن الاجتماع، من بينهن عقيلة العين سالم الترك، من أصل خمسة وخمسين أكدن حضورهن.
التعديلات الست على قانون الحوال الشخصية ومبرراتها:
v أولاً: أهلية الزواج
رفع قانون الأحوال الشخصية المعدل وفقاً للمادة الخامسة منه سن الزواج إلى 18 عاما لكل من الخاطب والمخطوبة. وأجاز للقاضي أن يأذن بزواج من لم يتم منهما هذا السن إذا كان قد أكمل الخامسة عشرة من عمره وكان في مثل هذا الزواج مصلحة تحدد أسسها بمقتضى تعليمات يصدرها قاضي القضاة لهذه الغاية. المبررات: نظراً للمخاطر التي تترتب على الزواج المبكر للفتيات والمتمثلة بما يلي:
أن الهدف من الزواج هو المعاشرة والتناسل والسكن النفسي، ولا يتحقق شيء من هذا في زواج الصغيرة، بل يكون فيه ضرر بالغ لإجبارها على حياة مشتركة مؤبدة دون التأكد من الانسجام بينها وبين الزوج. تدني مستوى تعليم الفتاة وضعف ثقافتها عدم قدرتها على تربية الاولاد بشكل جيد بسبب صغر سنها وتدني مستوى ثقافتها وتعليمها عدم قدرتها على الدخول في سوق العمل (تصبح غير منتجة وتعتمد على الآخرين حيث لا تستطيع ان تعيل نفسها) ارتفاع نسبة الطلاق.
v ثانياً: الزواج المكرر
أوجب القانون المعدل على القاضي وقبل إجراء عقد الزواج المكرر التحقق من قدرة الزوج المالية على المهر والنفقة. كما أوجب على القاضي اخبار الزوجة الثانية بأن الزوج متزوج بأخرى، وكذلك أوجب على المحكمة وفق التعديل الجديد إعلام الزوجة الأولى بعقد الزواج المكرر بعد إجراء عقد الزواج.
المبررات: لتلافي ما قد يترتب على اعسار الزوج من عدم القدرة على الانفاق على اسرتين، سواء من حيث وجود اشخاص او اسر عالة على المجتمع، أو من حيث حرمان الزوجات او الابناء من توفير مستلزماتهم وتأمين مستوى معيشي يليق بإنسانيتهم وكرامتهم. لمنع خداع كل من الزوجتين الاولى والثانية، بحيث تتمكن الزوجة الثانية من رفض الزواج اذا كانت لا ترغب بالدخول على زوجة سابقة، وكذلك لتتمكن الزوجة الاولى من الانفصال عن زوجها مثلا اذا كانت لا ترغب بالاستمرار معه بعد وجود زوجة اخرى على ذمته.
v ثالثاً: نفقة الزوجة العاملة
وفق القانون القديم كان نص المادة 68:"لا نفقة للزوجة التي تعمل خارج البيت دون موافقة الزوج” وبناء على التعديل الجديد: تستحق الزوجة النفقة اذا كانت تعمل عملا مشروعا واذا وافق الزوج على العمل صراحة او دلالة، ولا يجوز له الرجوع عن موافقته إلا لسبب مشروع ودون ان يلحق بها ضرراً.
المبررات: لمنع استغلال الزوجة من قبل الزوج، ورضوخها لمزاجيته. لحماية الزوجة من إضرار الزوج بها والتضييق عليها.
v رابعاً: الخلع القضائي
تم إضافة الفقرتين ب وج إلى المادة 126 في القانون المعدل:
1. بموجب الفقرة ب للزوجة قبل الدخول أو الخلوة أن تطلب إلى القاضي التفريق بينها وبين زوجها إذا استعدت لإعادة ما استلمته من مهرها وما تكلف به الزوج من نفقات الزواج. وإذا امتنع الزوج عن تطليقها يحكم القاضي بفسخ العقد.
2. أما بموجب الفقرة ج فيحق للزوجة وبعد الدخول أو الخلوة طلب الخلع مبينة بإقرار صريح منها أنها تبغض الحياة مع زوجها وأن لا سبيل لاستمرار الحياة بينهما وافتدت نفسها بالتنازل عن جميع حقوقها الزوجية، فللمحكمة إذا لم يتم الصلح خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً تطليقها طلاقاً بائناً.
المبررات: 1. لضرورة رفع الضرر عن الزوجة في بعض الحالات وتمكينها من الخلاص عندما يفوت الغرض المقصود من الزواج، لعدم الانسجام في الحياة الزوجية.
تفعيلاً لقوله تعالى: (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به)، سورة البقرة، آية 229. تفعيلاً لقوله تعالى: (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن)، سورة الطلاق، آية 6. تفعيلاً لقوله تعالى: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة)، سورة النساء، آية 19. تفعيلاً لقوله تعالى: (ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه)، سورة البقرة، آية 231.
v خامساً: التعويض عن الطلاق التعسفي
تم رفع قيمة التعويض عن الطلاق التعسفي من نفقة سنة في حده الأعلى وفق القانون القديم الى نفقة سنة كحد أدنى ونفقة ثلاث سنوات كحد أعلى (م 134).
المبررات: 1. لتحقيق العدالة بتعويض الزوجة عن الضرر الذي لحق بها بسبب الطلاق غير المبرر
ليكون رادعاً لإيقاع الطلاق، لأن الاصل في الطلاق الحظر، وأنه لم يشرع إلا عند تعذر استمرار الحياة الزوجية أو عند عدم تحقيقها للغرض الذي أنشأت من أجله.
v سادساً: حق المشاهدة
يتساوى حق الأم وحق الولي في مشاهدة الصغير عندما يكون في يد غيره ممن له حق حضانته. أعطى الحق للقاضي- عوضا عن مأمور الإجراء- في تحديد زمان المشاهدة ومكانها حسب مصلحة الصغير إذا لم يتفق الطرفان على ذلك(م163). المبررات: 1. للمحافظة على صلة الطفل بأمه وأهله
. للإبقاء على المودة والمحبة والترابط، وللابتعاد بالصغير عن أجواء الخلافات والمشاكل.











































