قاض يلجأ للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في حكم قضائي
في سابقة هي الثانية في تاريخ القضاء الأردني، استند القاضي صياح العتوم على أحكام المادة 22 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، في قراره القاضي بتعويض أولاد مواطن توفي في حادث سير أثناء توجهه إلى عمله.
وكان المواطن شاهر راشد يعمل في مكتب ثقافي تابع لسفارة دولة خليجية براتب شهري يصل إلى 340 دينارا، ولا يملك ضمانا اجتماعيا أو تأمينا صحيا، توفي في حزيران العام 2004 في حادث سير خلال ذهابه إلى عمله، حيث حكم القاضي بتعويض أبنائه 5 آلاف دينار.
كما واستند القاضي على أحكام المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتنص على أن "لكل شخص بصفته عضوا في المجتمع لاحق في الضمانة الاجتماعية في أن تحقق بوساطة المجهود القومي والتعاون الدولي وبما يتفق ونظم كل دول ومواردها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي لا غنى عنها لكرامته وللنمو الحر لشخصيته".
واستفاد القاضي من حكم مادة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتنص على أنه يتولد للشخص استنادا لكونه عضوا في المجتمع الدولي الحق في الضمانة الاجتماعية والتي يندرج تحت مفهومها إصابة العمل ومنها التي تؤدي إلى الوفاة.
وقررت المحكمة بأحقية التعويض عن إصابة العمل أدت إلى وفاة مورثهم. وعملا بالمادة 90 من قانون العمل قررت المحكمة الحكم بإلزام المدعى عليها سفارة دولة خليجية في الأردن المكتب الثقافي دفع تعويض لأبناء الأردني شاهر راشد والبالغة قيمتها 5 آلاف دينار.
وأصدرت محكمة الاستئناف برئاسته قراراً بعدم المسؤولية دون إعادة القضية لمحكمة البداية التي أدانت جريدة المرآة ورئيس تحريرها وكاتب المادة الصحفية بجرم مخالفة أحكام المواد 5 و7 من قانون المطبوعات والنشر رقم 8 لسنة 1998 والمادة 15 من قانون انتهاك حرمة المحاكم.
اللجوء إلى المواثيق الدولية
مدير مركز جذور للاستشارات في حقوق المواطن والتنمية المستدامة، الدكتور فوزي السمهوري، يرى هذه الخطوة بالمهمة على مستوى القضاء في الأردن. ويطالب السمهوري من المحامين والقضاة بـ"الاحتكام في كافة القضايا والتي فيها انتهاكا لحقوق الإنسان لأحكام المواثيق والقوانين الدولية والتي صادق عليه الأردن ونشرها في الجريدة الرسمية".
ويقول السمهوري أن القضاة الذين لا يستندون إلى هذه المواثيق يكون قد جانبهم الصواب. ومن هنا يدعو رئيس المجلس القضائي إلى إصدار تعميم يحث فيه القضاة على الاحتكام بالمواثيق والمعاهدات الدولية.
وفقا لاجتهادات محاكم التمييز، فالمواثيق الدولية تسمو على القوانين المحلية، ويوضح السمهوري "غير ذلك يكون توقيع الأردن ومصادقته على الاتفاقيات ليس إلا تجميلا". وتدليل السمهوري في ذلك مرتبط بعدد القضايا التي لجأ فيها القضاة إلى تلك المواثيق.
غير أن السمهوري يلفت إلى أن هناك الكثير من القضايا لا تزال مجمدة في أروقة المحاكم وقد استند فيها محامون على المواثيق الدولية، فضلا عن وجود قضايا لم يشر فيها إلى الاحتكام للمواثيق الدولية.
ويطالب ناشطون بضرورة أن تعلن السلطة التنفيذية عن المواثيق الدولية، وحث القضاء على تطبيقها، مطالبين بدور فاعل للمجلس القضائي وتوجيه القضاة بضرورة التقيد والاحتكام بالمواثيق.
وتنادي مؤسسات مجتمع مدني القضاة إلى ضرورة لجوء القضاة للاتفاقيات والمعاهدات الدولية في أحكامهم القضائية، وذلك التزاما بما وقع عليه الأردن من اتفاقيات دولية.
مدير المعهد القضائي الأردني، القاضي منصور الحديدي، أعتبر أن المعهد يدعم دورات مكثفة متخصصة في مجال حقوق الإنسان تستهدف قضاة ومدعين عام، "كم أن لدينا في المعهد مادة أساسية تدرس في الدبلوم، خاصة بحقوق الإنسان، ويستفيد منها الطلبة ".
وينفذ المعهد القضائي مع المركز الوطني لحقوق الإنسان مشروع تعزيز حقوق الإنسان في الأردن، ويقول الحديدي حول ذلك أنه يأتي ليدعم "تواصل القضاة والمدعين العامين مع الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها الأردن".
الحديدي وفي تصريح سابق له، اعتبر أن هناك مسؤولية تقع على عاتق القضاة والمدعين العامين في احتكامهم للمواثيق الدولية.
المفوض العام في المركز الوطني لحقوق الإنسان، محي الدين توق، يرى أن تدريب القضاة على مفاهيم حقوق الإنسان، يزيد من فرص احتكامهم للمواثيق الدولية، وقال في حديث سابق، "أن المركز قام بتدريب 36 قاضيا ضمن المشروع المشترك مع معهد وسيخضع قضاة في الفترات المقبلة".
وكان القضاء الأردني سجل أواخر شهر أيار الماضي أول حكم قضائي استند فيه القاضي محمد الطراونة على الاتفاقيات الدولية، في حكم برأ فيه صحفيا. ويؤكد القرار على حق الصحفي في نقل الأخبار استناداً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
إستمع الآن