في يومهم العالمي.. رغم انجازات المعلمين تحدياتهم في تصاعد

الرابط المختصر

في كل عام، يحتفل الطلاب إلى جانب معلميهم في العديد من المدارس بيوم المعلم العالمي في الخامس من تشرين الأول، وذلك تقديرا للجهود التي يبذلونها في بناء جيل واع متمسك بقيمه ومبادئه، رغم ما يواجهونه المعلمين للعديد من التحديات،  والتي تتمثل من ضغوط العمل المتزايدة، ونقص الدعم المادي والمعنوي، بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية التي تؤثر على جودة التعليم وتحد من قدرتهم على أداء رسالتهم بفاعلية.

هذا العام، جاء شعار يوم المعلم العالمي، وفقا لمنظمة "اليونيسكو"، تحت عنوان "تقدير أصوات المعلمين"، مسلطا الضوء على ضرورة إبرام عقد اجتماعي جديد للتعليم، والاستماع إلى المعلمين ومعالجة التحديات التي تواجههم.

في المملكة، يبلغ عدد المعلمين حوالي 130 ألف معلم ومعلمة، حيث تعمل وزارة التربية والتعليم على توظيف نحو 66% منهم، بينما يشكل القطاع الخاص 29.2%، وتوزع النسبة المتبقية على مدارس "أونروا" والمدارس العسكرية، وفقا لتقرير منتدى الاستراتيجيات الأردني.

ويشير ذات التقرير إلى أن النساء  يشكلن حوالي 69.5% من إجمالي المعلمين، وترتفع هذه النسبة في المدارس الخاصة لتصل إلى 89.2%، مما يشير إلى اعتماد القطاع الخاص بشكل كبير على المعلمات.

 

أبرز التحديات

مديرة مركز الملكة رانيا العبدالله للدراسات التربوية والنفسية في جامعة مؤتة، تؤكد الدكتورة وجدان الكركي، على الدور الحيوي الذي يلعبه المعلم في المجتمع وأهمية تعزيز مكانته، إذ يعتبر المعلم قدوة ومصدر إلهام لطلابه، مشيرة إلى أن الاحتفاء بيوم المعلم العالمي يسلط الضوء على ضرورة تحسين ظروف العمل ودعم المعلمين، لأن دعمهم يمثل دعما للمجتمع بأسره، فهم من يساهمون في تخريج العلماء والأطباء والمهندسين والمعلمين والقادة في شتى المجالات.

وتطرقت الكركي إلى مجموعة من التحديات التي تواجه المعلمين، من بينها عدم كفاية البرامج والدورات التدريبية التي تتيح لهم التطور في الجوانب التربوية والنفسية والسلوكية، مبينة أن تأهيل المعلم لا يقتصر على الجوانب الأكاديمية والعلمية فقط، بل يجب أن يشمل أيضا التأهيل التربوي والنفسي للتعامل مع الأجيال الصاعدة بطريقة تحافظ على صحتهم النفسية وتجذبهم للتعلم بشكل إيجابي.

من التحديات الأخرى التي أشارت إليها الكركي هي مواكبة التعليم الرقمي، وتحفيز الطلاب للاستفادة من إيجابيات التطور التكنولوجي مع تجنب سلبيات العولمة، كما أكدت على ضرورة تشجيع التعليم التقني وإعطائه المكانة المناسبة بما يتماشى مع نظرية الذكاءات المتعددة التي تقود العالم المتقدم اليوم، إضافة إلى ذلك، تطرقت إلى التحدي المتعلق بكثافة المناهج التعليمية وكثرة المتطلبات المطلوبة من المعلمين، مما يجعل الوقت غير كاف لتغطية تلك المتطلبات بشكل كامل.

وتشدد على أهمية الاستماع إلى المعلمين في الميدان للتعرف على التحديات والعقبات التي تواجههم في تطبيق النظريات العلمية وتطوير المناهج، مؤكدة على ضرورة وجود المعلم الفعال مع الطلاب لتحقيق الأهداف التربوية والقيمية، إلى جانب ضرورة تحسين دخل المعلم والاهتمام بتطويره الذاتي.

في تصريحات لوزير التربية والتعليم الدكتور عزمي المحافظة يؤكد أن الوزارة تبذل جهودا كبيرة للنهوض بالواقع التعليمي من خلال تدريب المعلمين قبل وأثناء الخدمة، وبرامج التنمية المهنية، وتطوير المناهج، والتوسع برياض الأطفال واستخدام التكنولوجيا في التعليم إضافة إلى إنشاء أبنية جديدة أو إضافات صفية.

وبين المحافظة أن الأردن واجه عبر السنوات الماضية تحديات جمة وما يزال يواجه آثارها حتى اليوم من أهمها الصعوبات المالية وموجات اللجوء المتتالية وجائحة كورونا، واكتظاظ الغرف الصفية وزيادة عدد المدارس المستأجرة والمدارس ذات الفترتين.

 

المعلم والضمان

وفقا للتقرير السنوي الصادر عن مؤسسة الضمان الاجتماعي، بلغ عدد المؤمن عليهم الفاعلين إلزاميا في قطاع التعليم 105,530 شخصا، ما يعادل 8% من إجمالي المؤمن عليهم. 

وتمثل النساء حوالي 65% من العاملين في هذا القطاع، بإجمالي 69,154 معلمة، ويكشف التقرير أن متوسط الأجر الشهري للمعلمات في قطاع التعليم أقل بكثير من نظرائهن الذكور، حيث يعد التعليم من أكثر القطاعات التي تعاني من فجوة في الأجور بين الجنسين.

من جانبه، دعا خبير التأمينات والحماية الاجتماعية، موسى الصبيحي، الحكومة إلى إصدار توجيهات عاجلة لشمول كافة معلمي ومعلمات مراكز محو الأمية وتعليم الكبار، بالإضافة إلى العاملات كآذنات في هذه المراكز، بأحكام قانون الضمان الاجتماعي، مع تطبيق ذلك بأثر رجعي من تاريخ التحاقهم بالعمل، ورفع أجورهم إلى الحد الأدنى للأجور المعتمد في المملكة.

كما يؤكد الصبيحي على ضرورة إصدار قرار من مجلس الوزراء، بناء على توصية من مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي، لشمول العاملين في التعليم الإضافي ومحو الأمية بتأميني الأمومة والتعطل عن العمل، كونهم غير مشمولين بنظام الخدمة المدنية ونظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام، مشيرا  أيضا إلى أهمية اتخاذ قرار حكومي بمراجعة عقد العمل الموحد لمعلمي القطاع الخاص، والتوصل إلى عقد عادل وشامل خلال فترة قصيرة لا تتجاوز أسبوعاً، مع فرض رقابة صارمة على تطبيقه.

 

انجازات للمعلمين رغم التحديات

رغم التحديات التي يواجهها المعلمون في المملكة، إلا أن العديد منهم يحرصون على الاحتفال بإنجازاتهم وإبداعاتهم التي ساهمت في تحسين البيئة التعليمية وتعزيز العلاقة بين المعلم والطلابK بفضل هذه الجهود، أثرت مساهماتهم الإيجابية على الطلاب وعملية التعلم بشكل عام.

ومن بين المبادرات التي نفذها المعلمون والطلاب بشكل تطوعي هي الاستفادة من المساحات الفارغة في ساحات المدارس، ترميم الصفوف غير المستخدمة، وتجديد الأثاث القديم لتحويلها إلى أنشطة تعليمية غير منهجية وترفيهية، وأحد أبرز هذه الإنجازات هو مشروع المركز الاستراتيجي في مدرسة الملك عبدالله الثاني للتميز، بمديرية قصبة المفرق، والذي ساهم بشكل لافت في تطوير البيئة المدرسية.

هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا دعم مؤسسة الجود للرعاية العلمية التي أطلقت مبادرة "سنبلة"، والتي تهدف هذه المبادرة إلى تحفيز المعلمين على الإبداع وتنفيذ أفكارهم باستخدام موارد بسيطة وبتكاليف محدودة.

حتى الآن، انضمت أكثر من 1100 مدرسة إلى مبادرة "سنبلة"، التي تدعو جميع مدارس المملكة إلى المشاركة لتحسين البيئة التعليمية وتلبية احتياجات الطلاب. 

كما أن وزارة التربية والتعليم تعد شريكا رئيسيا في دعم المبادرة من خلال تسهيل الوصول إلى المدارس وتشجيعها على متابعة مشاريعها بنجاح.