في يومها العالمي.. المرأة ما زالت تتحدى
بعد عام على مرور جائحة كورونا وتداعياتها على المملكة، استطاعت المرأة أن تثبت قدرتها على مواجهة الظروف الاستثنائية جنبا إلى جنب مع الرجل، حيث تمثلت بوقوفها في الصفوف الأمامية للتصدي لهذه الجائحة في العديد من المجالات الصحية والاقتصادية والعائلية.
رغم ذلك، إلا أنها كانت من أكثر المتأثرات في هذه الجائحة نظرا لما فرضته من أعباء إضافية على كاهلها وخاصة العاملات منهن، نتيجة عدم توفير ظروف عمل صدیقة، كما تضاعفت الأعباء العائلية نتيجة توقف الأعمال وفترات الحظر وإغلاق المدارس نظرا للتعامل مع هذه الجائحة، وفق تقرير صادر عن بیت العمال للدراسات بمناسبة الاحتفال بيوم المرأة العالمي الذي يصادف اليوم.
وزادت هذه الأعباء من حدة النظرة الاجتماعية السلبية حول أھمیة دور المرأة في سوق العمل وكفاءتھا وإنتاجیتھا، الأمر الذي دفع بكثير من النساء إلى الانسحاب من سوق العمل، ما تسبب في زيادة ملحوظة على معدل البطالة بين الإناث.
سجلت معدلات البطالة للربع الثالث من عام 2020 ارتفاعا كبيرا وصل إلى 9.23 ،%6.33 %للإناث، 2.21 %للذكور، بعد أن كان معدل البطالة قبل الجائحة 1.19 % في نھایة عام 2019 ، وھو ما يعتبره خبراء اقتصاديين مرتفعا بصورة غیر مسبوقة، بحسب الإحصاءات الأخيرة.
المجلس الأعلى للسكان يشير إلى أن الإحصاءات أظهرت ان النساء يشكلن ما نسبته 47% من اجمالي سكان الاردن، الا أن مشاركتهن الاقتصادية ما زالت منخفضة، حيث بلغ معدل النشاط الاقتصادي للمرأة الأردنية 14.9% مقارنة ب 53.1% للذكور، في حين بلغ معدل البطالة للإناث 33.6% مقارنة ب 21.2% للذكور.
مساعدة الأمين العامة للمجلس رانيا العبادي تؤكد أن المراة استطاعت تحقيق العديد من الانجازات على مرور السنوات الماضية بكافة المستويات، لكن لا يزال هذا التقدم دون مستوى الطموح، خاصة على صعيد مشاركتها الاقتصادية والسياسية.
وتوضح العبادي أن هناك العديد من الاستراتيجيات وخطط العمل للنهوض بالمرأة ، إلا أن هناك تحديات على مستوى البيئة الممكنة لذلك كضعف التشريعات والقوانين، وايضا على مستوى آليات التطبيق على أرض الواقع، بالإضافة إلى النظرة المجتمعية والفردية تجاه المراة وعملها في كافة المجالات.
دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي تشير إلى أن نسبة الإناث اللواتي فقدن عملهن بشكل مؤقت أو دائم بلغت 5.1%، و4.9 % على التوالي.
وبينت الدراسة ان المرأة تحملت العبء الأكبر من مهام رعاية الأطفال والمهام المنزلية بعد تفشي الجائحة، وإنها تعاني أيضاً من أجل الحفاظ على وظيفتها في ظل تبعات انتشار هذا الوباء، إذ بينت الدراسة أن 34% من النساء أثرت الأعباء المنزلية على متابعتهن لأعمالهن عن بعد.
كما بينت العديد من الدراسات أن المراة تعرضت الى العنف والاساءة خلال الجائحة، ما دفع العديد من المؤسسات من بينها اللجنة الدولية للإغاثة (IRC) الى تقديم الرعاية العاجلة والإحالات لعلاج الناجيات.
وتوضح مسؤول استجابي أول في اللجنة رنا مطيري بأن اللجنة تعمل على مساعدة النساء الأردنيات واللاجئات السوريات وكافة النساء من جنسيات أخرى، بهدف حصولهن على المزيد من الاستقلال الاقتصادي ولعب دور أكثر فاعلية في عملية اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهن.
وتضيف مطيري بأن اللجنة تهيئ الظروف المناسبة للنساء والفتيات ليس فقط من أجل نجاتهن من آثار الأزمة، بل من أجل أن تزدهر حياتهن عندما تسنح الفرصة لذلك.
كما تقدم اللجنة برامج تدريب متخصصة للمؤسسات الحكومية والشركاء الدوليين والمحليين ممن يقدمون خدمات إدارة الحالة للناجيات من العنف المبني على النوع الاجتماعي والرعاية الصحية لضحايا الاعتداءات الجنسية.
ولعبت الـ IRC دورا مهما في تصميم الإجراءات الوطنية القياسية للتعامل مع مثل هذه الحالات – والمتبعة من قبل الحكومة الأردنية – والتي تقدم إطارا من المبادئ والإجراءات المتبعة لرعاية الضحايا في الأردن.
وفي عام ٢٠١٢ وسعت اللجنة من قدرتها لتضمن وصول النساء والفتيات إلى خدمات إدارة الحالات والخدمات النفسية الاجتماعية والشبكات الاجتماعية والحماية من خلال خدمات متكاملة تتيح للنساء والفتيات الوصول إلى الفضاءات الآمنة المتوفرة للنساء والفتيات بالإضافة إلى فرق تقديم الخدمة المتنقلة.
وتشير المرشدة النفسية من اللجنة دينا حويطات والتي تقوم على تقدم الدعم النفسي في الميدان في مخيم " الازرق"، الى ان المخيم يضم مراكز تهدف إلى استقبال السيدات والفتيات لتقديم خدمة الدعم النفسي والارشادي.
ومن التحديات التي تواجه عمل اللجنة هو إقبال السيدات بسهولة لحصولهن على هذه الخدمة بالإضافة إلى قلة معرفتهن حول ما يعني الدعم النفسي، ناهيك عن نظرة المجتمع السلبية لمن يتلقون هذه الخدمات .
ولـ تغيير هذه النظرة قامت اللجنة بعقد دورات لتوضيح المفاهيم الخاطئة حول الدعم النفسي وبروز أهميته في تحسين اوضاع الاسر وصحتهم النفسية بحسب حويطات.
وتزامنا مع اليوم العالمي للمرأة ، يطلق قسم المراة العربية اليوم التابع لمركز اكتس "المركز العربي للخدمات الاستشارية والتدريب" حملة بعنوان مش عار.
وتهدف الحملة، الى التأكيد على قيمة المرأة بعيدا عن المسميات السلبية التي تشوه هويتها وتقلل مِن قيمتها في عيون نفسها والآخرين، مما كان له أثرٌ كبير في تراجع أدائها وتقدُمها على كل المستويات.
مديرة العلاقات العامة وخبيرة التدريب في المركز والتي تعمل على تطوير المرأة على الصعيد النفسي والمجتمعي بسمة قموه، تقول ان الحملة تسعى إلى تقديم المعرفة العملية والدعم، لتمكين المرأة من رفع ثقتها بنفسها وعزمها لينعكس ذلك على أسرتها وأطفالها وبالتالي على المجتمع .
وتشير قموه الى انه خلال الحملة ستعمل على تصحيح المفاهيم المجتمعية الخاطئة، من خلال غربلتها ومعالجتها،لخلق مجتمع مساند للمرأة.
وتتضمن الحملة العديد من الفعاليات من خلال عقد جلسات حوارية مع مختصين للحديث عن العديد من القضايا من نواحي نفسية واجتماعية، وسيتم بثها عبر صفحات شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بالمركز.
وتكريما لما قدمته المرأة من جهود ومواجهتها للتحديات المختلفة، رفعت الأمم المتحدة احتفالا بيوم المرأة شعار "المرأة في القيادة: تحقيق مستقبل متساو في عالم COVID-19"، تحت هاشتاغ "# اختارت تتحدى".
وذلك احتفالا بالجهود الكبيرة التي تبذلها النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم في تشكيل مستقبل أكثر مساواة والتعافي من جائحة فيروس كورونا، وفق بيان الأمم المتحدة.