في جبل النظيف حي يقوم على الأدراج فقط !

في جبل النظيف حي يقوم على الأدراج فقط !
الرابط المختصر

تسير الحياة في حي "محمد أمين" في جبل النظيف برتابة شديدة على الرغم من صخب الحياة خارج الأزقة المتشابكة التي تضيق بأبنيتها وبساكنيها، تدخل الحي من زقاق ضيق موازي لشارع رأس العين لتصعد أدراج متآكلة تنهي بحي "خارج التغطية" كما يصفه ساكنوه.

ويقوم الحي على الأدراج فقط! إذ لا توجد شوارع تربط المنازل بالعالم الخارجي، فإذا أردت الوصول الى الحي عليك تسلق سلسلة من الأدراج الطويلة، و"لا تستطيع أي وسيلة نقل دخول الحي حتى لو كانت عربة صغيرة" كما يقول قاسم احد ساكني "منازل الأدراج"

وتنساب مياه المجاري على أدراج الحي القديمة متدفقة عبر المناهل المكشوفة التي تشكل مصائد قاتلة لأطفال الحي، كما يقول أبو انس الذي يأس من مخاطبة الجهات المختصة في أمانة عمان لصيانة وتنظيف شبكة المجاري. يقوم أبو انس باقتناء عدة خاصة من مفاتيح ربط وشد لصيانة بعض المناهل القريبة من منزله ومن دكانه المتواضع، إذ يعكف دوريا على صيانة بعض مناهل الحي خصوصا بعد انغلاق العديد منها بسبب تراكم الحجارة والأتربة المنجرفة من مياه الأمطار.

يعاني الحي- الذي يطلق عليه اسم "مخيم" – من انتشار القاذورات المتراكمة في الأزقة بعد امتناع عمال النظافة عن صعود الأدراج الطويلة، كما وينتشر في الحي الحفر والقنوات التي تتجمع فيها المياه العادمة المخلوطة بمياه الأمطار، بالإضافة الى الشقوق والبالوعات المكشوفة ‏التي تشكل مصدرا للبعوض والذباب والجرذان.

يصف الحاج أبو العبد وضع الحي ب"المهمل" ويقول لعمان نت ان القمامة تنتشر في كافة شوارع الحي، الامر الذي تسبب بانتشار جرذان ذات حجم كبير تشارك بعض السكان منازلهم مما يشكل بيئة لمكره صحية سيئة للغاية".

وتشكل هذه القوارض كابوسا لأبي انس الذي يجدد مطالبه بحملة تطهير للحشرات والقوارض التي غزت كل أجزاء الحي ووصلت الى المسجد، وفي هذا السياق يطالب أبو انس وزارة الأوقاف بالاهتمام بالمسجد الوحيد في الحي والذي يتكون من طابق ارضي تبرع به احد أهل الخير على حد قوله.

و بالإضافة الى ما يعانيه الحي من بيئة سيئة، تلقى مشكلة البطالة حملا ثقيلا على السكان الذي يعمل اغلبهم بقطاع الإنشاءات، " اغلب رجال الحي يعانون من ركود في أعمالهم خصوصا من يعملون في قطاع الإنشاءات الذي اصابه جمود كبير بعد العدوان على قطاع غزة، مما خلف عائلات عديدة دون مصدر رزق". على حد قول أبو العبد الذي يملك محلا تجاريا لبيع مستلزمات مواد البناء.

وفي احد الأزقة الضيقة في الحي تحاول المسنة بهية 90 عاما مقاومة درج استعصى على قدميها الهزيلتين صعوده، تعيش بهية بمفردها بعد وفاة زوجها في منزل أكلت الرطوبة جزءا كبيرا منه، تقتات مما يتصدقه البعض من تبرعات بالكاد تكفي لسد ابسط احتياجاتها اليومية.

حالها كباقي معظم سكان الحي يعتاشون على القليل، فإذا زرت الحي لا بد ان تلحظ عجوزا مسنا في احد الأزقة يحمل " شولا" يضع فيه بعض العلب المعدنية الفارغة جمعها من وسط البلد والأماكن القريبة من الحي، يقوم بفردها على الأرض والدوس عليها لغاية بيعها بسعر زهيد بالكاد يكفي لكسرات الخبز.

عضو مجلس الأمانة المنتخب عن منطقة جبل النظيف م.قاسم عقرباوي اعتبر ان طبوغرافية الحي المكون من أدراج تحول دون قيام عمال النظافة بواجبهم على أكمل، وقال العقرباي ان الأمانة نسعى لتقديم الخدمات للحي، وهو على هو على استعداد لاستقبال أي ملاحظات من سكان الحي لنقلها لمجلس الأمانة، مطالبا في نفس الوقت سكان الحي بالتعاون وعدم رمي القمامة من النوافذ".

جبل النظيف، القابع وسط العاصمة عمان، ينتمي سكانه –في معظمهم- إلى الطبقات المتوسطة والفقيرة والأشد فقرا، حيث يصل تعدادهم إلى 120 ألف نسمة، وكغيره من مناطق عمان وتحديدا الشرقية ذات الكثافة السكانية تعاني من سوء الخدمات وتدني في مستواها فلا يوجد في الجبل مركز أمني وحدائق عامة وأماكن ترفيه، وحتى وقت قريب مكتبة للأطفال ومركز صحي ، وتجاوزا لنسب البطالة في الجبل والتي تتخطى نسبة 50% من مجموع سكانها، فالتحصيل العلمي بين الشباب مرتفعة ولكن لا نصيب في مجال العمل.