في الأردن ، لا في الصومال
ظننا لوهلة ، ونحن ندخل العقبة قُبيل فجر ثالث أيام العيد ، أنّنا ضللنا الطريق ، فأخذنا ضلالنا إلى الصومال في عزّ تشرّد أهله لسبب الحروب الأهلية والمجاعات
، فآلاف الناس ينامون على قارعة الطريق ملتحفين الفضاء ، ومثلهم يجلسون
على الأرصفة في انتظار شروق الشمس.وبدون أدنى مبالغة ، فالسيارات التي تقف
إلى جانب الطريق الرئيسي كانت تصطفّ لتصل إلى آخر الساحل الجنوبي ، وأخذنا
الفضول للنزول إلى مقاهي شاطئ العقبة القديمة ، لنكتشف مشهداً لا يمكن أن
يصدّقه عقل حيث الناس تنام على الكراسي ، أمّا من لم يجد لا أرضاً ولا
كرسياً فكان يتجوّل مترنحاً من أثر الإنهاك.وبدا أنّ هؤلاء من الطبقة
الوسطى ، فالعائلة تمتلك سيارة ، والفتيات والشبّان في لباس العيد ، ويبدو
أنّ هذه الطبقة التي يقوم عليها أيّ مجتمع تذهب تدريجياً إلى الفقر المدقع
، وفي ظنّنا أنّهم كانوا في السنوات الماضية قادرين على قضاء ثلاث ليال في
فنادق العقبة ، ولكنّهم مضطرون للبقاء في العراء الآن ، فالعيد لا يميّز
بين مستور ومقتدر.أمّا في الحديث عن العقبة ، فهناك تمييز بين هذا وذاك ،
بين من يمتلك المال الكثير ، ومن لا يمتلك سوى القليل ، وفي تقديرنا أنّ
هؤلاء الذين ناموا في عراء الطبيعة هذه السنة ، لن يجدوا عراء يجمعهم في
السنوات المقبلة ، أو قد يكون هناك ثمن لهذا العراء ، وفي كلّ الأحوال
فالإنطباع الذي تركته زيارة استغرقت يوماً واحداً يقول: العقبة لم تعد لنا.











































