في أمسية لوهبي ونحاس...تعانق فيها صوت الغناء مع الشعر

الرابط المختصر

في احتفالية راقية قلما أعتاد الجمهور الأردني عليها، تعانق صوت الشعر مع صوت الغناء، في أمسية الشاعر والإعلامي اللبناني زاهي وهبي والأردنية مكادي نحاس، أقيمت مساء السبت على مسرح مركز الثقافي الملكي، من تنظيم وزارة الثقافة، وبحضور الوزيرة أسمى خضر ومجموعة من الفنانين الأردنيين والمواطنين. وسط أضواء الشموع المنثورة على أرض المسرح، ألقى الشاعر الأردني موسى حوامدة كلمة تحدثت عن شخص الشاعر وأخلاقه وذوقه بالشعر، ووجد حوامدة أن الضيف ليس في حاجة للتقديم طالما المعروف المتمثل بقراءة سيرته الذاتية أو أعملاه لأنه أصبح تقليد رتيبا وأن الضيف بات معروفا بحكم من حضر الأمسية، والتي امتلأت القاعة فيه.



وتعانق صوت مكادي نحاس مع زاهي وهبي، في قراءات شعرية من ديوانيه الأخيران "ماذا تفعلين بي"، و"في مهب النساء"، فمنذ اللحظة الأولى، يترأى لحاضر الأمسية مدى الاحتفاء بشخص الإعلامي اللبناني زاهي وهبي ومن خلفه الأردنية مكادي نحاس، حيث عُلق على اليافطة بالخط العريض "أمسية للإعلامي والشاعر اللبناني الكبير الأستاذ زاهي وهبي"، وتحت العنوان بخط صغير "بمصاحبة الأردنية مكادي نحاس"، في مشهد يذكرك بالإعلانات التي تروج لفنانين وبمصاحبة عازفين، مثيرا عاصفة من التساؤلات حول مدى الاحتفاء بإبداع فنانين أردنيين من وزن مكادي.



فتُحت الستارة ليظهر وهبي معتليا المنصة وبالقرب منه مكادي تقف أمام الماكريفون، وقال وهبي في بداية حديثه "بينما كنا أنا ومكادي نحاس نغادر مطار بيروت في طريقنا إلى عمان كان النائب والوزير السابق باسل فليحان يعود من باريس شهيدا لينضم إلى كوكبة الشهداء الذين سقطوا إلى جانب كبيرهم الشهيد الرئيس رفيق الحريري في محرقة السان جورج في بيروت شهداء لأجل الحرية والديمقراطية ولأجل لبنان أهدي هذه الأمسية إلى الشهيد الرفيق رفيق الحريري وباقي الشهداء".



وقدم وهبي مجموعة من القصائد ومنها: "الأم""عين الذئب"، "ليلة قتل لوركا"، "أغنية لرنا"، "لماذا"، متزامنا ذلك مع غناء مكادي المنفرد دون موسيقى، وبدأ قصائده بقصيدة الأم ومنها

"التي ودعتني بالصباح

بظفيرة قليلة ويدين دعاء

حفرت ظلا على الحائط

أوقدت نارا صغيرة لأجلي

ساكنة العتبتي أمي

رافقتني إلى الباب

عد باكرا قالت لي

علقت في زندي شمسا

وأحد عشر كوكبا

صديقة رقيات مسحت جبيني بزيت راحتها

ضئيلة القامة عباءتها غابة حنان"



ودندن الجمهور مع مكادي، أشهر الأغنيات ومنها "يا ظلام السجن خيم نحن لا نخشى الظلام،

ليس بعد الليل إلا فجر مجد يتسامى

وتعهدنا جميعا يوم أقسمنا اليمن

وتعهدنا يوم أقسمنا

لا نخون الأرض يوما

واتخذنا الحب دينا"



وأغنية..."على طريق عيتات يمي قطعوا صلاتي واحد حبيب الروح يمي واحد حياتي بكي دم بكي دم بكي دم".



ومن قصيدة "ليلة قتل لوركا" قرأ وهبي:

"وحيدا كنت أصارع الثيران

ولم تكن أمي قد ولدتني بعد

وجه القمر لطخته الدماء

والوردة الموحشة تفتحت في قلبي

لم يدمني لشوك

أدمتني رقة الكلمات

داخل الظلام اللزج

كنت أسمع صوتك

ناعما كليلة الميلاد"



ومن قصيدة "الأخ الأكبر"

أيها الحزن يا أخي الأكبر يا من علمتني الشعر والخجل

علمتني الشوق والرماية

علمتني الوحدة والخلاف

أشرت لي من هنا الدرب

فلم تفزعني الأشواك ولا عوالق الرماة

صادقت الذئب وغيام الشتاء

صادقت الرعود

تعلمت الحكمة من الرعاة والشجاعة من إمرأة متروكة

أنحني أمامك كسنبلة يا من زدتني علما وصفا

دربتني على الرفض وعدم الطاعة

ورافقتني كظلي



وأهدى قصيدة إلى عميدة الأسرى اللبنانيين سمير قنطار بمناسبة مرور ذكرى 27 لاعتقاله ومنها "هناك خلف القضبان حبيب

حيث لا قمر يضئ ليل العاشقين

ولا نجمة صبح سعيد

حيث القاتل فوق الباب

والفوهة إلى الرأس

يداك مرفوعتان نحو سماء العودة

وابتسامتك بعيدة

هناك على مسافة دمعة ورصاصة

تحت هدير الطائرات المعادية

حيث الأحلام ممنوعة من الصرف

والأمنيات سجينة

أسمعك تغني:

بلادي بلادي

أرى صوتك عصفورا على شجرة العائلة

هناك لا بد لك أن تثقب جبال المخيلة

لتكتب قصائدك المخيلة



وتفاعل الجمهور مع قصيدة له قال أنه استوحاها من لقاء جمعه مع فتاة قدمت من الناصرة في عمان قبل سنوات والقصيدة بعنوان "أغنية لرنا" ومنها قرأ

"لرنا اكتب هذا المساء

لضحكتها الأسيرة

لصوتها الربيع في عز الشتاء

لشعرها الذي يحرض الليل على العتمة

لثغرها الذي يقترض الصبح منه ابتسامة

للعصافير التي تتطير من وجهها (...)



لرنا التي غفت

وكتابي فوق صدرها

ثم أبصرتني في نومها فتى

يرمى قفي بئر الخديعة

فاستفاقت مذعورة تتلو أسماء الله الحسنى

وتصلي نذرا عليها إن جمعنا ثانية

تتعرى تحت المطر

وتوزع خبزا للفقراء (...)

غدا تأتي ألينا قالت لي

غدا تأتي ألينا قالت لي

ودنتني بضحكة

شطرتني نصفين

أعادتني صبيا شقيا يطارد فراشتين

يحسب شراكا للعاصفة

ويغني تحت المطر

كيف آتيك والجند عند باب دارك

كيف آتيك ولم يبدأ بعض نهارك

والغيمة التي مرت فوق رأسي منذ قليل

هل وصلتك عند المساء

وأمطرت فوق شرفتك المضاءة "

وختمت مكادي الحفل بأغنية "طل وسألني" للسيدة فيروز، ليصفق الجمهور غير مرة تحية للصوت الرائع وتحية للشاعر المرهف زاهي وهبي.



انتهى الحفل وخرج الجمهور سعيدا بهذه الأمسية الجديدة عليهم، لكنها تطرح سؤال "متى ستولي الدولة الأهمية والدعم للفنان الأردني المبدع أمثال مكادي نحاس"، فكم سيعكس إبداعها صورة جميلة وطيبة لبلدها الأردن أينما تذهب، بل وتساؤل يطرحه المراقب عن سر دعم والاهتمام الحكومي المنصب دوما لديانا كروزن والتي فازت بجائزة سوبر ستار العرب قبل سنتين، وعدم إلتفاتهم إلى مكادي، وإذا ما عقدنا المقارنة بينها فثمة أميال بين الصوتين، بل لا يجوز لنا أن نعقد المقارنة أصلا، لكن يمكن اعتبار مشاركة مكادي مع زاهي في المركز الثقافي الملكي ليلة أمس بالتكريم البسيط لها ولأبيها المناضل الأديب سالم النحاس والذي كان حاضرا بين الجمهور عبر إهدائها لبعض الأغنيات له.

أضف تعليقك