غياب المظلة الأمنية يضع الحكومة في مأزق!

غياب المظلة الأمنية يضع الحكومة في مأزق!
الرابط المختصر

لم ينحصر الهجوم الذي تتعرض له حكومة الذهبي بالكتل النيابية فقط، اذ شن بعض كتاب الصحف والمواقع الإخبارية هجوما عنيفا على الحكومة مست في بعض الأحيان شخص بعض الوزراء في التعديل الجديد، كالهجوم الذي تعرض له وزير الدولة للإعلام والاتصال نبيل الشريف عندما وصفه احد المواقع الالكترونية انه “ابن عائلة مهاجرة حديثا للأردن” قبل ان تعود و تسحب المادة من الموقع.

حكومة الذهبي عاشت فترة ذهبية لم تتعرض خلالها الى مثل هذا الهجوم، لكنها سرعان ما واجهت سيل من الانتقادات بعد استقالة مدير المخابرات السابق محمد الذهبي، وهذا الامر يفسره الكاتب في الشؤون الإعلامية محمد عمر " بغياب المظلة الأمنية للحكومة".


يقول عمر " الحكومة بدأت تواجه مصاعب بعد إحالة مدير المخابرات محمد الذهبي على التقاعد، اذ بدأ الحديث عن سقوط المظلة الأمنية عن الحكومة، وهذا انعكس على الصحافة والمواقع الالكترونية وكتاب الصحف الذين اخذوا بالهجوم علنا على الحكومة، وجاء التعديل الأخير ليزيد الطين بله اذ عاد الحديث عن محافظين جدد ولبراليين جدد للظهور الى الساحة بل ان بعض الكتاب رأى ان التعديل لم يغير شيئا وقالوا في صريح العبارة " تمخض الجمل و ولد فأرا".

 

ولجأت بعض المواقع الالكترونية –حسب عمر- الى مهاجمة الحكومة والتعديل الوزاري من خلال التعليقات على الأخبار التي تنشرها، وبعض هذه التعليقات يكتب من قبل أصحاب و محرري المواقع أنفسهم لإيصال رسالة إما او لتوجيه التعليقات باتجاه معين".

 
الذهبي وانتقادات نيابية ساخنة

نيابيا يؤكد النائب صلاح الزعبي –عضو كتلة الإخاء-  ان هناك حماية معينة كانت على هذه الحكومة ورفعت، ويقول  ان "بعض الكتل النيابية كانت خاضعة لسيطرة سلطة مدير المخابرات السابق محمد الذهبي الشقيق الأصغر لرئيس الوزراء الحالي المهندس نادر الذهبي".


تصريحات الزعبي هذه تأتي في ظل حراك وتجاذبات نيابية " ساخطة" بعد التعديل الأول على حكومة الذهبي، التي كان المجلس منحها ثقة وصفت بالذهبية عند تشكيلها بمجموع 97 صوتا، لكن سرعان ما أخذت هذه الثقة تتزعزع بعد أسابيع من استقالة مدير المخابرات محمد الذهبي.


الكاتب الصحفي سميح المعايطة يرى ان " كتل نيابية تحررت بطريقة عملها، بعد استقالة مدير المخابرات محمد الذهبي"، ويفسر ذلك بان "طريقة الحكومة لإدارة الأمور مع مجلس النواب لم تتغير، لكن نظرة النواب للحكومة هي التي تغيرت بعد ان شعرت بعض الكتل بالتحرر وأخذت تحاول إثبات ذاتها بالعمل النيابي وتحقيق مكاسب سياسية وشعبية".

 

الغضب النيابي من التعديل لا يزال يتصاعد، ومن المتوقع ان تشهد المرحلة القادمة مزيد التجاذبات، فقد أعلن النائب صلاح الزعبي لعمان نت ان "النواب سيتدارسون حجب الثقة عن الحكومة ، بعد ان حدث شرخ واضح في العلاقة الحكومية النيابية، ومن المتوقع ان يخرج اجتماع سيجمع الكتلة وعدد من النواب بجملة من التوصيات والقرارات ربما تصل الى عدم التعامل مع الحكومة و حجب الثقة عنها ، كونها أصبحت غير قادرة على قيادة البلد بشكل عام" على حد قول الزعبي.


ويرى ان "الخلل أصبح واضحا في بعض الوزارات، والدليل ان عدد من الوزراء اتخذوا قرارات فورية وسريعة قبل إقالتهم" والحديث للزعبي.


بينما يُعيد المحلل السياسي د.على محافظة الهجوم النيابي على حكومة الذهبي الى " مصالح شخصية"، ويرى ان العادة جرت عند تشكيل الحكومات الاردنية وتعديلها بشكل عام ان يتحرك النواب طامعين في الحصول على مكسب من هذه التعديلات، وهذا أمر مألوف ولذلك تظهر التهديدات والمناورات بين أعضاء المجلس النيابي وهذا الامر اعتاد عليه رؤساء الحكومات".

 
واعتبر نظرية " سقوط الحماية عن الحكومة بعد استقالة مدير المخابرات" بالتحليل السطحي كون الملك عبد الله الثاني لا يتأثر بمثل هذه الأفكار، كما ان حكومة الذهبي من الحكومات الجيدة في تاريخ الأردن وقامت ببعض الانجازات المهمة".


ويقول د.المحافظة ان المرحلة القادمة ستشهد مواجهات نيابية حكومية لكنها "لن تؤثر على الحكومة خصوصا في ظل غياب الأحزاب السياسية، الامر الذي يعني ان كل الاتفاقيات التي تحصل بين النواب مؤقتة ولا تعني أي التزام  حزبي، ولن تستطيع إسقاط الحكومة في الوقت الحاضر، وهذا لم يحدث تاريخيا إلا في حالة مشابهه عندما تقدم 80 نائبا في فترة الثمانينات ضد حكومة طاهر المصري مما دفعها لتقديم الاستقالة على ان يحلها مجلس النواب".

العلاقة مع الإسلاميين
 
ويتوقع محللون ان تدخل حكومة الذهبي أيضا بتجاذبات مع الحركة الإسلامية اذ "بدأت الحكومة مراجعة «الأدوات» التي منحت للحركة الإسلامية في زمن الفريق الذهبي، والتي ساهمت، بحسب الرواية الرسمية، في تنامي نفوذهم" والحديث للكاتبة الصحفية رنا الصباغ.


وتقول الصباغ في مقالة لها نشرت في الحياة اللندنية "لم تكد تمر سبعة أشهر على استئناف علاقة إيجابية بين الحكومة في الأردن وبين التيار الإسلامي المتحالف مع «حماس»، حتى شرعت السلطات في مراجعة الامتيازات التي منحتها للإسلاميين الذين تمددوا مرة أخرى على صهوة مشاعر الجماهير المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة".

 

العسل بين الحكومة والإسلاميين لم يدم طويلا اذ منعت الحكومة مؤخرا مسيرة كان من المنوي ان ينظمها حزب جبهة العمل الإسلامي احتجاجا على الإساءات الإسرائيلية بحق الرسل، ومن قبلها رفض قبول واسطة نواب إسلاميين لدى رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا للتراجع عن عقوبات من بينها الفصل بحق 9 طلاب من الكتلة الإسلامية على خلفية مشاجرة.

 

 

الإسلاميون بدورهم الم يقفوا مكتوفي الأيدي فقد استبق نواب حزب جبهة العمل الإسلامي  إعلان الذهبي عن تعديل حكومته، وقالوا في بيان سبق التعديل بيومين ان "الحكومة غير مؤهلة للتعاطي مع المستقبل الأردن سواءً فيما يتعلق بالتصدي للمخاطر الخارجية المحدقة او تمتين الجبهة الداخلية". 

 


توقعات كبيرة كانت سائدة في الوسط السياسي بأن يطول بقاء رئيس الوزراء م.نادر الذهبي في الدوار الرابع، بعد أن حصد الذهب ابتداء من ثقة ذهبية في البرلمان وموازنة مرت بسهولة و ثقة شعبية لم تنخفض بعد 200 يوم من تشكيل الحكومة كما هو معتاد، لكن سرعان ما بدأت هذه التوقعات بالتراجع رويدا رويدا بعد استقالة شقيق رئيس الحكومة محمد الذهبي من منصبه كمدير للمخابرات العامة، ليطرح البعض سؤالا " هل ستلاحق لعنة اللواء الذهبي شقيقه نادر الذهبي"؟