غياب البرامج الانتخابية ..سبب آخر لانعدام الثقة

الرابط المختصر

"النظافة شعارنا مكاناً وأخلاقاً وتعاملاً ...صوّت للأصلح، فلتكن عمان عاصمة العواصم، مكافحة الفقر والبطالة أولوياتنا، الحفاظ على البيئة" هذه بعض العبارات التي تصدرت اليافطات الانتخابية......... في مختلف شوارع العاصمة المطروحة من قبل بعض المرشحين لعضوية ورئاسة أمانة عمان الكبرى كعبارات دعائية لإقناع الناخبين بالتصويت لهم، في حين اكتفى البعض بكتابة اسمه فقط والمنطقة المرشح لها كرئيس أو كعضو في مجلس الأمانة.
وما بين من يحاول أقناع الناخبين بأن لديه تصور واضح لجميع المشاكل التي تعاني منها منطقته، ولجوء مرشحون إلى الإشارة إلى أسمائهم فقط، يبدو واضحاً غياب البرامج الانتخابية الحقيقة للمرشحين سواء كانوا يخوضون التجربة الانتخابية لأول مرة، أو ممن سبق وأن خاضوها ونجحوا أو فشلوا، وحتى لدى مرشحي الأحزاب المحصورين فقط في الحزب الوحيد الناشط في الساحة الانتخابية وقام بترشيح ممثلين له في مناطق العاصمة -حزب جبهة العمل الإسلامي-.
وتعبر هذه الصورة بوضوح عن تراجع الاهتمام الحقيقي في القضايا العامة في المجتمع ويعزو الكاتب الصحفي فهد الخيطان هذا التراجع بأن لدى المرشحين للبلديات قناعة بعدم أهمية البرنامج الانتخابي بأفكاره وسياساته في النجاح في الانتخابات أمام العلاقات الشخصية والاعتبارات العائلية والجهوية  إذ أنه ليس هناك معركة بالمعنى السياسي والانتخابي وحتى الخدمي، فنحن لا نرى نقاش حقيقي حول مشاكل عمان وقضاياها، لأن الطابع العام للعمل العام في الأردن تدهور مستواه لارتباطه بمجلس النواب وأداءه وطريقة الانتخاب فيه وتراجع دور الأحزاب وصعود قيم بديلة لقيم المدنية كالعشائرية والجهوية والعائلية"
وهذه القيم هي ما اصطلح على تسميته من قبل جهات عديدة: بالقيم السلبية في المجتمع وكثر الحديث عن ضرورة التخلص منها، أكد الخيطان برغم الحديث المستمر عن ذلك إلا "أنه ليس  هناك رغبة حقيقة في التخلص منها بدليل تكريس وتكرار هذا النمط في التفكير في المجتمع الأردني على حساب المجتمع المدني ويظهر ذلك الآن بوضوح  في الانتخابات وما يسيطر عليها من أجواء من تلك القيم السلبية التي ذكرناها حتى أن القضايا الخدمية بالشكل الحقيقي تراجعت، كما أنه لم تعد الخدمة العامة معياراً حقيقاً لنجاح الشخص فالواقع هو كم لديه من الأموال لصرفها على الدعاية الانتخابية أو شراء الأصوات هو ما يقرر من سينجح في الانتخابات"
وإذا كان خيار شراء الأصوات مطروحاً لدى بعض المرشحين بسبب توفر الموارد المالية لذلك –رغم منعه في القانون والتشديد الكبير على ذلك من قبل رئيس الوزراء معروف البخيت في أكثر من مناسبة، إلا أنه خيار مطروح أيضاً لدى العديد من الناخبين الذين لا يرون في ذلك غضاضة في ظل أن هذه ستكون  الاستفادة الوحيدة التي سيجنونها من المرشحين بشكل مؤكد بسبب انعدام  الثقة بالمرشحين والشعارات المختلفة التي يطرحونها بفعل التجارب السابقة التي مرت عليهم في المجالس البلدية السابقة، بحسب مواطنون-
ويعزو الخيطان سبب تناقض الاهتمام بالمظاهر الحضارية والانفتاح الشكلي في الأردن مع قلة الاهتمام بالقيم المدنية الحضارية  إلى" أن القيم الاجتماعية ما زالت تتراجع بشكل مستمر بسبب أننا قطعنا شوطاً طويلاً في الإصلاح الاقتصادي لكننا لم نخطو خطوة واحدة في مجال الإصلاح السياسي مما سبب الفجوة ما بين التقدم الاقتصادي وتغيير في سلوك الناس وتفكيرهم وتوجهاتهم السياسية بسبب تخلف التشريعات المتعلقة بالعمل السياسي في البلاد سواء في الانتخابات البرلمانية أو البلدية أو الأحزاب لذلك لمسنا هذا التناقض ما بين واقع اقتصادي يتشابه مع بعض الدول العصرية بينما الواقع الاقتصادي ليس كذلك"
والإشكالية التي ستظهر-إن لم تكن بدأت بوادرها الآن- هي أن غياب البرامج للمرشحين للبلديات ستؤدي إلى عدم تحقق الغاية التي يرغب الكثير من صناع القرار في الأردن  بتكريسها بإلغاء حقيقة أن  العمل البلدي خدمياً فقط وإنما هو  تحضيراً جيداً ومأمولاً لصف جديد من السياسيين والمساهمين في صنع القرار مستقبلاً بأن يكونوا مسلحين بالخبرة العملية  المكتسبة نتيجة الاحتكاك المستمر مع المواطنين وقضاياهم في أصغر دوائر الحكم المحلي اللامركزي- البلديات-.
 

أضف تعليقك