عن التدوين والمدونات
لا احد يعرف على وجه الدقة عدد المدونات "الاردنية" او عدد المدونين، لكن التقديرات تشير الى وجود ما بين 8 الى 10 الاف مدونة، عمرها بدأ مع عام 2005، وهي، في كل الاحوال، في زيادة مضطردة.
تستعصي المدونات والتدوين على التعريف، فهي نمط كتابي "سائب"، لانه في الاساس، كتابة من الناس للناس، لا تخضع لمعايير ومقاييس.
لكن، اذا كان هناك اجماع على محاولة تعريف المدونة، فهو انها "مساحة شخصية"، حيث للمدون الحق والحرية في الانعتاق من كل معيار وقيد في التدوين بها كل ما يرغب وكل ما يريد قوله.
نداء احمد، بدأت التدوين عام 2005 عندما انشئت مدونتها المعروفة باسم "العشب"، ترى ان :" التدوين ليس له هوية، المدونة شخصية، كبصمة الاصبع، مساحة المدون الخاصة يشكلها كما يريد".
ترفض نداء، وهو ليس اسمها الحقيقي، اي "معايير" او مواثيق يمكن ان تشكل قيدا على المدون، وهي قد اغلقت باب التعليقات لهذا السبب:" بداية كنت اترك للقاريء حق التعليق. لكني شعرت ان التعليقات باتت تشكل قيدا على الكتابة، بما في ذلك التعليقات التي تمتدحني او تتعاطف معي فقررت اغلاقها."
ابتهال محادين، المشرفة على قسم المدونات عبر موقع "البوابة"، لا تختلف مع نداء وتعتقد ان :" التدوين مساحة شخصية، هكذا كانت في الاساس، او عندما تم "اختراعها". لكن مع الزمن بدأت وسائل الاعلام تبدي اهتماما متزايدا بحركة التدوين".
تعلل ابتهال هذا الاهتمام بكون :" بعض المدونات كانت تنقل اخبار الشارع لحظة بلحظة فاصبح المدون كما لو كان مواطنا صحفيا وهو ما جعل بعض وسائل الاعلام تهتم بالتدوين وتنقل بعض "محتواها" او تقوم بتوظيف مدونيين لديها."
"المدونات أنشئت في بادىء الامر لتمكن الناس من البوح بأريحية عن مكنونات نفسهم وأمورهم الشخصية. أشعر دائماً برغبة في التعبير عن ما يجول في خاطري عبر المدونة، لكنني أشعر أن هناك حاجزا يصعب تخطيه، وأنا لست الوحيدة، فرغم بدء انتشار المدونات في المجتمع الاردني إلا أن الصبغة العامة لها ما زالت تتمحور حول انتقاد مظاهر المجتمع من دون التطرق للحديث عن النفس بجرأة"، تقول المدونة والصحافية مي ملكاوي، العرب اليوم 18/9).
لكن ابتهال ونداء لا يعتقدن ان وسائل الاعلام المحلية مهتمة باي درجة كانت بحركة التدوين المحلية.
فيما تعتقد ابتهال ان المدونات المحلية اسهمت "نوعا ما" في رفع سقف الحريات في الاردن، كما هو الحال مع مدونة " Black Iris" التي تتناول قضايا محلية بجرأة شديدة. الا ان "نداء" ترفض هذا الرأي بشدة وتصر على انها :" لا اتابع المدونات المحلية لانها مربطة او مقيدة، فالمدون الاردني بعكس بعض المدونيين العرب يفرض على نفسه رقابة شديدة تقيده وتمنعه من كسر الخطوط الحمراء".
لم تستطع المدونات في الاردن ان تشكل ضغطا على الاجهزة الحكومية بالفعل، ولا زالت دون ان تشكل اي تهديد بمستوى التهديد الذي شكلته المواقع الاخبارية الالكترونية التي انتشرت بسرعة في العامين الاخيرين ودفعت الحكومة وجهات اخرى الى التفكير في امكانية "ضبط" هذه المواقع سواء من خلال التفكير بوضع "ميثاق شرف" او عبر التهديد تارة والاغراء تارة فيما لم يعرف يوما ان اي من الاجهزة الحكومية عبر عن امتعاضه من المدونات.
على ان هناك من يرى، ان زيادة تاثير المدونات في الاردن يحتاج الى جهد جماعي من قبل المدونيين، لكن هذا الامر يثير الخشية من امكانية ان يصبح التدوين خاضعا "لضوابط ومعايير".
ترى ابتهال ان اي محاولة لخق اطر للتدوين سوف يعمل على فرض قيود عليها اذا كان الامر يتعلق باتحاد للمدونيين مثلا، على غرار اتحاد المدونين العرب. كما يصعب وضع اطر لهذه المدونات التي بطبيعتها لا تخضع لاي اطار. اما اذا كان الحال، تقول ابتهال، خلق مدونات جماعية مثل "حبر دوت. كوم". فهذا قد يكون شكل جيد لتفعيل المدونات.
اما ندا فترض الانضمام لاي جهد جماعي من شأنه ان يفرض اي قيد او المدونات، وتعتقد ان المدون حر تماما فيما يكتب وما يفعل، حتى لو كانت المدونات ليست ذات قيمة او نفع فهي في الاخير شأن شخصي.
تبقى المشكلة في ان المدونات المحلية، وخاصة الناطقة باللغة العربية، لم تصل الى الان لمستوى تقديم محتوى يلفت انتباه وسائل الاعلام المحلية او العربية مثلما حدث مع تفجيرات عمان عندما استندت بعض وسائل الاعلام الدولية كـ"سي ان ان" لمدونة "صبري" ونقلت عنه صورا للتفجيرات، وهو امر لم يتكرر لاحقا.











































