عندما تكون العصافير شاهد عيان على ما نزعته الحرب في الفيتنام

الرابط المختصر

صديقان عاشا معا، أجمل سنين حياتهما قضاياها معا، شغب المراهقة وصخب الحياة، لكن الحياة تأخذهما عن بعضهما، وتحديدا لحظة تجنيدهما في القوات المسلحة الأمريكية المتواجدة في فيتنام. ذلك كله تشاهده في الفيلم البريطاني "بيردي". الفيلم أنُتج عام 1986، من بطولة ماثاو مودين ونيكولاس كيج، ويناقش الفيلم قصة شابين تغيرت حياتهما إبان الحروب الأمريكية في فيتنام وكيف تأثرا منها، وكيف احدهما انكب على نفسه، وأصبح مولعا وبشكل هستيري بالطيور على أنواعها، مُظهرا الفيلم لقطات لماثاو وهو يبحث عن العصافير سواء في أماكن مخصصة للنفايات أو محاولاته الطيران عبر أجنحة صناعية يقوم بتركيبها داخل غرفته، والتي أضحت مكانا للعصافير وهذا ما كان لا يروق لأبيه وأمه، والذين أبديا استياءها من حالة ابنهما.



شخصية الصديق المولع بالعصافير، يقابلها نقيض صارخ لصديقه "نيكولاس كيج" الشاب المشاكس الباحث دوما عن الحياة المليئة بالبنات والضجيج والشرب والبارات لكنهما يحبان بعضهما البعض حتى الجنون.



قصة الفيلم مأخوذة عن رواية الكاتب البريطاني وليام وارتون، وقام بإخراجها ألن باركر، مثيرة عند عرضه اهتماما ومتابعة، كونه الفيلم الذي قدم أبطالا حقيقيين، ومخالفا لما أتى به البعض في حقبة الثمانينات من تجارة الأفلام، وإقناع المشاهد بأهميتها، هو محاولة ناجحة لمن علم في "بيردي".



يدخلك الفيلم في مساحة من التفكير والتخيل، فذاك الشاب المفتون بالعصافير ينكب على نفسه ويعاني من هول الحروب ويصاب بصدمة كبيرة لازمته طويلا ي مستشفى للأمراض النفسية ويعاني من هول الحروب، لا يتحدث مع احد ويحلم بالعصافير وأصواتها وبعصفوره الذي مات امام زجاج غرفته بعدما طار خارج البيت وعاد وبسرعة على غرفة صديقه إلا لأنه ارتطم بالزجاج، وسقط ميتا لعلها إيحاء بسقوط كل الطموحات التي أرادتها الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك من حربها على الفيتنام، وبانكسار حلم الشباب الأمريكي في تلك المرحلة.



ويبدو أن الفيلم أراد أن يختلف عن باقي أفلام تلك المرحلة "الثمانينات" وحتى التسعينات ذات الطابع التجاري، آتيا برسالة تستدعي المشاهد بأن يجول في فكره ويطير مع عصافير الفيلم على عالم أصبحت فيه الثقافة آيلة للتسطيح والإسفاف بفعل فاعل.



ويعتبر النقاد السينمائيون أن فيلم "بيردي" نموذج بارز من مجموعة أفلام وقفت ضد الحرب وشهدت أهوالها، والتي تركتها في نفوس البشر وهي تحطمهم وتحولهم إلى ركام، لكن قيم الصداقة والحرية هي الملجأ الكبير الذي يرمم ما مزقته الحروب.



ويستطيع المتابع للفيلم أن يشاهد متانة وقوة الصداقة بين الشبان وكيف أراد صديقه أن يستيقظ من غرفته في الصمت.



وكان المخرج البريطاني ألن باركر، قدم عددا من أفلام نالت الاهتمام والنجاح والجوائز، ومنها "أقتل قمر"، "شهره"، "الجدار"، "حريق ميساسيبي"، وفاز الفيلم بالجائزة الكبرى الخاصة من لجنة تحكيم مهرجان كان.

أضف تعليقك