عمان..عاصفة من السيارات

الرابط المختصر

مع
قدوم العراقيين إلى الأردن، ودخول الاستثمارات معهم، وسن قوانين تخفض من الرسوم
الجمركية على السيارات وإطلاق العنان أمام الاستثمارات، وازدياد أعداد الساكنين
للعاصمة، حتى أضحت عمان عاصمة السيارات.ومع
تراجع الثقة في قطاع النقل العام، وانخفاض أسعار السيارات وتعدد أنواعها وتسابق
البنوك فيما بينها نحو قروض ميسرة لأجل اقتناء السيارات حتى وأن الخيارات باتت لا
تعد ولا تحصى.


سيارة
لكل مواطن؟

وهذه
الأحوال جعلت من بعض الأسر تقتني أكثر من سيارة، بعد ِأن كان ذلك حال العائلات
المترفة فقط، ومع مرور الوقت، خرجت جمعيات تنادي عن حقوق المشاة وعلى اعتبار أن
الجهات لم تفق من نومها حتى وأن نسبة كبيرة من حوادث الداهس كانت إحدى أسبابها "لا
يوجد رصيف".

 

وأمام
هذا الحال كان لنا من نقل مشاهدات من وحي حياة المواطنين اليومية، فبعضهم يقني
السيارة والبعض الآخر يعيش سلسلة من المغامرات لأن ليس لديه المال كي يقتنيها،
وبالتالي فإن قطع الشارع أصبح مغامرة من المغامرات اليومية..وهذا ما نسرده..

 

ونبدأ
القصة

ما
أن تطأ قدمك أرض الشارع كي تقطعه، فلا تتردد كثيرا فوقوفك لربع ساعة في الشارع
الذي يشهد ازدحامات مرورية أمر عادي.

 

حاول
مرة أو مرتين أن تحشر نفسك بين كم من السيارات الرافضة أن تقف لك حتى لو كنت في
ممر المشاة، فالمحاولة لن تجدي نفعا من أول مرة..وإذا مللت فأبحث عن موقع آخر علك
تستطيع قطعه، وإن لم تجد فبإمكانك عندها طلب دورية الشرطة كي تمررك.

 

فدوى..وأصل
الحال

الأمر
ليس مبالغا فيه، عند مجموعة من المواطنين أحوالهم المادية لم تسعفهم من شراء سيارة،
فالمواصلات العامة ملجأهم في الطريق، وانتظار الحافلة أو سيارة الأجرة لم تحبط من
عزيمتهم في الاستمرار، ولكن، "أن تقطع الشارع وعبر ممر المشاة أمر مستحيل في
عمان"، وهو ليس بالمبالغة لدى الشابة الجامعية فدوى كما تصف الحال.

 

فالخطوة
التي تقوم بها عند الوقوف لأجل قطع الشارع هو تهيئة نفسها لتدخل حربا؛ فإن نجحت
فستكسب حياتها والوصول إلى الجهة المقابلة من الشارع بخير وسلام، وإن لا "فلا
قدر الله سأتعرض لحادث أو على الأقل دفشة أو خبطة من مرآة السيارة على أقل تقدير"،
وكل ذلك يهون أمام "مسبات أتلقاها من الشوفرية"، "فلا أدري لماذا
يكون الشوفير مستاءً من قطعي الشارع! ". "كم سائق يتمتع بالنرجسية!
".

 

كعادتها
فدوى لا ترمي همومها اليومية على السائقين في تأخرها عن عملها وهي سكرتيرة في
عيادة طبيب بجبل الحسين، وإنما "ألوم المدينة، فهي بأكملها قائمة على
السيارات"، ولم تقتنع فدوى في يوم من الأيام أنها قد تجد صعوبة في قطع
الشارع، "فهي غير مشكلة"، وإنما "تلاصق السيارات المصطفة لا تجعلني
أمر من خلالها وإنما أبقى أسير حتى أجد الفوهة إن صح لي التعبير كي أمر".

 

محمد
وزمن الطرقات

السائق
محمد، عمل سائق شاحنة في الثمانينات ثم في التسعينيات على سرفيس، إلى أن أصبح
سائقا على تكسي منذ عام 2003..هو عاصر عمان منذ أن كانت أعداد السيارات فيها
معدودة على الأصابع إلى أنها أصبحت مدينة غارقة بالسيارات، "لدينا عدد سيارات
أكثر من عدد المواطنين، لم أكن أتوقع يوما أن نعاني من الازدحامات المرورية".

 

فعمان
تمر بطفرة استثمارات أفرزت آلاف السيارات الحديثة، وتجار وجدوا في تجارة السيارات
ضالتهم، "وإلا فكيف لنا أن نفسر ظاهرة معارض السيارات المتاخمة لبعضها البعض،
هي تنتظر من يشتريها"، ويعيدها محمد أيضا إلى انخفاض أسعار جمارك السيارات،
ودخول العراقيين والذي مهد انتشار سيارات فخمة لا توجد حتى في بلد منشأها.

 

لا
ترموا العيوب على المواطنين

سمير
صاحب معرض سيارات لا يرى في انتشار السيارات سوى "ظاهرة إيجابية وحضارية"،
وأن الازدحامات المرورية لديه "ما هي إلا شوارع ضيقة لم تنُشأ على أساس هذا
الكم الكبير من السيارات".

 

والحل
برأيه أن "يتم مؤتمر طارئ تتداعى إليه جميع المؤسسات الحكومية والمعنية بشبكة
الطرق لأجل دراسة أوضاع الشوارع لأن العيب ليس من السيارات وإنما من الطرق وقد
تكون وسائط النقل العام هي السبب، فلا يرموا كل شيء على المواطنين وسلوكهم وإنما
عليهم مراجعة عيوب عملهم وخططهم المستقبلية المشكوك فيها".

أضف تعليقك