على حدود المملكة

على حدود المملكة
الرابط المختصر

تتوالى الأنباء والتسريبات الإعلامية حول إجراء محادثات بين مختلف الأطراف المعنية في العاصمة عمان، حول آخر التطورات في الجنوب السوري وصولا إلى الحدود العراقية، والاحتمالات التي يمكن التوافق عليها في هذه المنطقة المحاذية لطول حدود المملكة الشمالية، والشمالية الشرقية.

 

الكاتب محمد أبو رمان، يستبعد أن يكون مطروحا  لدى "مطبخ السياسات" الاقتراب من خطوط الجغرافيا السياسية الأردنية، سواء سوريّاً أو عراقياً أو حتى في الضفة الغربية، "لكن، في المقابل، لم يعد ممكناً التقوقع في التفكير التقليدي القديم في النظرة لما يحدث حولنا من متغيرات بدعوى عدم التدخل في شؤون الغير، والالتزام بالحياد، لأنّ المشكلات الإقليمية أصبحت تمسّ بصورة عميقة الأمن الوطني الأردني".

 

ويضيف أبو رمان بأن "المطلوب أن نخرج تماماً من "الصندوق القديم" ونفكّر في خيارات استراتيجية في كيفية إدارة المصالح الحيوية وحماية الأمن الوطني، عبر توطيد وتعزيز العلاقات الأردنية مع أطراف، حتى وإن كانت غير رسمية، مثل الجيش الحرّ والعشائر في سورية والعراق، والإمساك بالمبادرة في المنطقة".

 

ويلفت إلى أن مناسبة هذا الحديث هي المفاوضات الروسية- الأميركية القائمة حول المنطقة الآمنة في سورية، التي من المفترض – كما ذكرنا أمس- أن تمتد من التنف إلى ريف السويداء وصولاً إلى الركبان وحتى ريف القنيطرة، وما يمكن أن ينجم عن ذلك من مناطق مستقرة، تبدأ عملية إعادة الإعمار، واستعادة اللاجئين، وتدوير عجلة الزراعة والتجارة فيها.

 

و"مثل هذه التغييرات المطلوبة في المقاربات الأردنية تحتاج إلى القيام بـ"صدمة كهربائية" للمؤسسات الوطنية المعنية، كي تخرج من سجن التفكير القديم والتقليدي، وتنظر إلى المصالح الوطنية بعقلية جديدة متطوّرة، وأن تخرج من المقولات البالية بأنّنا دولة صغيرة محدودة الموارد... فـ"الدور الإقليمي لن يكبّر الأردن جغرافياً، بل سياسياً، ولن يحمي مصالحنا وأمننا فقط، بل سيكون مصدراً مهماً للتعريف بأهميته ومكانته، وللاقتصاد الوطني".

 

ويرى الكاتب عريب الرنتاوي، أن "الجبهة الجنوبية"، تحضر مرة أخرى  بقوة على جدول أعمال المنطقة، وذلك من خلال اجتماعات عسكرية ثنائية وثلاثية في عمان، أطرافها الأردن وروسيا والولايات المتحدة لرسم الخرائط وتحديد الخطوات المقبلة".

 

ويستعرض الرنتاوي عددا من التطورات التي تستحق التتبع والرصد: الأول؛ “التنف مقابل البوكمال”، أو ما يُشاع عن تفاهم بين موسكو وواشنطن على تقاسم السيطرة على الخط الحدودي، والثاني؛ “العلم السوري فوق معبر نصيب”، أو ما يشاع عن حضور رمزي نظامي على المعابر الحدودية بين سوريا والأردن، أما ثالث هذه التطورات، فيتمثل بـ“تهدئة الخطاب السياسي”، فالحديث عن الجبهة الجنوبيةعموماً، أخذ يبتعد في الأسبوعين الأخيرين عن لغة التهديد والوعيد.

 

ويخلص الكاتب إلى القول إن "“التوافق” هي كلمة السر لإنجاح أي مبادرة لإنشاء مناطق آمنة توافقيه في سوريا عموماً، وفي المنطقة الجنوبية على نحو خاص ... بخلاف ذلك سنكون أمام نذر مواجهة قد لا تبقي ولا تذر، سيما وان مسرح العمليات في هذه المنطقة، محتشد بقوى تتوزع على عدة دول كبرى وإقليمية وازنة".

 

أما الكاتب فهد الخيطان، فيلفت إلى أن الطرف الثاني من الحدود الأردنية مع سورية، تتوزع السلطة فيه بين عدد من الفصائل المسلحة، منها المعتدل والمتطرف، ومنها المحسوب على دول إقليمية وازنة كإيران، مضيفا بأن المعالجات الأمنية للأزمة السورية لم تضع الحدود في اعتبارها بعد.

 

ويقول الخيطان إن "الحدود بوصفها الخط الدولي والقانوني الفاصل بين الدول ليس له اعتبار بعد في حسابات القوى الدولية، وستبقى مهمة صيانتها على الجانب الثاني، في وقت تمكنت فيه قوى مليشياوية ومجموعات إرهابية من كسرها لا بل والسيطرة عليها لوقت طويل كما الحال مع تنظيم داعش على الحدود السورية العراقية".

 

فـ"الحدود هى آخر ما تبقى من مظاهر السيادة للدول؛ دولة بلا حدود كأنها غير قائمة، ودول تنوب المليشيات عن الجيوش الوطنية في الدفاع عنها، لن تحظى يوما بالاستقرار. وإذ ما دانت السيطرة لها على الحدود، فاعلم أن مصير الإقليم كله مرهون للمجهول"، يختتم الخيطان مقاله.