"علماء المسلمين" تحرم ما أحله مفتي المملكة

الرابط المختصر

أعادت تصريحات مفتي المملكة سعيد حجاوي بجواز الإجهاض في حالة اكتشاف تشوهات خلقية شديدة لدى الأجنة، جدلاً كان محصوراً في الغرف المغلقة بين النخب وعلماء الدين, وأطباء الاختصاص, لما لهذه القضية من محاذير شرعية وإنسانية.ودفعت الفتوى التي أصدرها الحجاوي خلال إطلاق الإستراتيجية الوطنية للوقاية من الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية في الأردن قبل أيام, بعض العلماء والأطباء إلى المطالبة بتشكيل هيئة تضم كبار علماء الشريعة والطب, للبحث في إصدار فتوى تستند إلى الرؤية الشرعية والنظريات العلمية حول قضية الإجهاض, وذلك وفقاً لما قاله الدكتور باسم الكسواني الناطق الإعلامي باسم نقابة الأطباء وأخصائي مرض التلاسيميا الوراثي في مستشفى البشير.

وكان المفتى الحجاوي اشترط موافقة ثلاثة أطباء اختصاص على عملية الإجهاض, وقبول الزوجين إجراء هذه العملية خاصة في الأشهر الأخيرة من الحمل, ولم يشترك موافقتهم في الأشهر الأول من تكون الجنين.

وحَمل الحجاوي الأطباء مسؤولية عدم إصدار فتوى شرعية قاطعة بجواز "إجهاض الأجنة في حالات التشوه الناتجة عن بعض الأمراض الوراثية"، واصفا تقاريرهم الطبية بـ"المضللة".

ورغم إن فتوى الحجاوي قد وجدت قبولاً لدى بعض العلماء الدين والأطباء إلا أنها تعرضت لنقد لاذع من البعض الآخر من رجال الدين, حيث حرم رئيس هيئة العلماء في حزب جبهة العمل الإسلامي الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني ما أحله الحجاوي قائلاً "يحرم قتل الكائن الحي في بطن أمه".

وتساءل الكيلاني "هل يجوز قتل الأطفال المشوهين بعد ولادتهم؟ فإذا كان قتلهم بعد ولادتهم لا يجوز فان قتلهم قبل ذلك غير جائز".
وأضاف الكيلاني أن الأطباء سيعتبرون فتوى الحجاوي تشريعاً سيعتمدون عليه في إعطاء تقارير طبية تجيز قتل الجنين المشوه, مشيراً الى فتاوى صادرة عن كبار علماء المسلمين مثل شيخ الأزهر محمود شلتوت والإمام الغزالي وغيرهم الذين "حرموا قتل الجنين وان كان عمره يوم واحد", وقال اذا اجزنا اليوم قتل المشوهين قبل ولادتهم فغداً سيأتي من يفتي بقتلهم وبعد ولادتهم".

ودعا الكيلاني الى ضرورة العودة الى هيئة الإفتاء قبل إصدار هذه الفتوى, وعدم إصدار فتوى فردية, معرباً عن اعتقاده بأن الحجاوي قد تعرض "لضغوط" لاصدار فتوى من هذا النوع.

ومن جهته أيد المطران حنا نور سكرتير مجلس رؤساء الطوائف المسيحية في الأردن اجهاض الاجنة الذين تثبت التقارير الطبية انهم مصابين بتشوهات خلقية, مشدداً على إن موقفه يعكس رأي جميع مسيحيي الاردن وانما بعضهم.

وقال المطران ان الكثير من المسيحيين يحرمون الإجهاض بغض النظر عن الأسباب الموجبة له ويعتبرونه "قتل للروح ".

ويري مدير المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور مؤمن الحديدي في تصريحات صحفيه له انه من الصعب الاتفاق علي رأي واحد بين العلماء الشرعيين حول فكرة الإجهاض، بيد ان الاتفاق عليها يساعد المشرعين بسن القوانين لتوحيد المجتمع الإسلامي بمختلف تياراته واتجاهاته.

واستند الحديدي إلى القاعدة الشرعية التي تشير إلى دفع الضرر الأكبر (تدمير المجتمع) بالضرر الأصغر (عملية الإجهاض). لا سيما إن قرار الإجهاض يجب ان ينفذ في الأسابيع الاولي للحمل قبل ولوج الروح الي جسد الجنين بعد أربعين يوما من الحمل، وفقا للمفهوم الديني السائد .

وقال الحديدي "لا بد من النظر بشمولية إلي القضايا المرتبطة بالإجهاض، من حيث عدم استمرار الحمل في حالة الاغتصاب او التشوهات الخلقية التي تصيب الجنين الناتجة عن أمراض معينة كالحصبة الألمانية، موضحا أن الشرع يسمح بالإجهاض فقط في حالة تشكيل خطورة علي حياة الأم وصحتها وليس على الطفل".
ودعا لمزيد من الحوار بين العلماء الشرعيين والفقهاء في الوطن العربي لتقريب وجهات النظر بينهم، بما فيه من مصلحة المجتمع الإسلامي وأفراده من حيث دراسة الأبعاد الدينية والثقافية والعلمية معا.

وفي السياق ذاته أباح الدكتور باسم الكسواني أخصائي مرض التلاسيميا في مستشفى البشير الإجهاض في حال التشوهات الخلقية التي يجمع على وجودها أكثر من طبيب اختصاص.

وتحدث الكسواني عن ثلاثة أنواع من التشوهات التي تصيب الأجنة الأولى هي التشوهات الخلقية والتي يتم اكتشافها في الأشهر الأخيرة من عمر الجنين, والنوع الثاني التشوهات والتي لها أسباب جينية ويمكن الكشف عن هذا النوع من التشوهات في الأسابيع أو الأشهر الأولى والنوع الأخير هي التشوهات الناتجة عن إصابة الأم خلال فترة الحمل بفيروسات.

ونفى الكسواني إمكانية معالجة التشوهات الخلقية خلال فترة الحمل, مشيراً إلى المعاناة الكبيرة التي تلحق بالأطفال المشوهين بعد ولادتهم وذويهم.

وتعتبر التشوهات الخلقية الناتجة عن مرض التلاسيميا (المرض الوراثي الناتج عن زواج الاقارب) هي الاكثر انتشاراً بين الاطفال حيث تصل نسبة المصابين بالمرض الى نحو 4% من بين عدد السكان الذين يقدر عددهم بـ (5.5) مليون نسمة.

وأكدت مؤسسة (غوتماشر) التي تتخذ من نيويورك مقراً خلال دراسة اجرتها في 13 دولة نامية ان 19 مليون عملية إجهاض غير آمنة تجرى كل سنة بغض النظر عما إذا كان الإجهاض يتم لأسباب صحية أو اجتماعية أو غيرها.

وأشارت المؤسسة إلى أن خمسة ملايين من النساء اللاتي يجرى لهن عملية إجهاض يتم إدخالهن إلى المستشفيات بسبب إصابتهن بالتهابات وتعقيدات أخرى.

أضف تعليقك