عرس سوري بنكهة أردنية

الرابط المختصر

 

هذه القصة من إعداد:

هبة الله الملكاوي

تيسير الرمان

محمد خلف

"قوم هلي فينا خي العريس قوم هلي فينا"

عند سماعك لهذه الأغنية مع رؤية حلقات الدبكة وتماسك الأكف للوهلة الأولى تظن بأنه فرح أُردني، لكن تعلو أصوات الزغاريد والأغاني ابتهاجاً بعريسٍ سوري على أراضي الأُردن  لينشر من خلالها الفرح والسرور ويتشارك به الجميع.

 

بالرجوع قليلا لما قبل بدء العرس تحديدا في الكرك يفتح حسان الهاتف ويهاتف صديقة أسامة ويسأله عن المكان الذي سيلتقيان به للذهاب لعرس صديقهم السوري أغيد أبو زايد والذي سيقام في عمان. 

 

عند دخولهم لقاعة الاحتفال لم ير أسامة وحسان أي اختلاف بينهم وبين أهل العرس، فالأغاني والدبكة والزغاريد نفسها، ونفس حفاوة الاستقبال، الفارق الوحيد وفقا لهما هو المسمى فقط. 

 

 حسان الكساسبة وأسامة القضاة وأغيد تعرفوا على بعضهم في أحد التدريبات التي يقدمها برنامج قدرة في الأردن، وهو برنامج يهدف لتعزيز التماسك الاجتماعي بين السوريين والمجتمع المستضيف. 

 

أقيم هذا التدريب في محافظة إربد للصحفيين السوريين و الأردنيين لمدة ٤ أيام متتالية، تلقى من خلالها المتدربون العديد من المهارات العملية، ولم يقتصر على هذا فقط بل اكتسب العديد منهم علاقات وأصدقاء جدد. 

 

"دخلنا التدريب  وما كنا نعرف بعضنا و بالنهاية خرجنا أصدقاء و بقينا على تواصل من خلال مجموعات الواتساب"، هذا ما بدأ به أسامة حديثه معنا، البالغ من العمر 29 عاماً، ويعمل مراسل لقناة رؤيا الإخبارية في محافظة الكرك.  

ومن خلال هذه المجموعات تلقى أسامة وحسان دعوة زفاف أغيد، ويقول أسامة "ولبينا الدعوة دون تردد لأن العلاقة بيننا لم تكن صداقة فقط أنما أصبحت أخوة".  

وفقا لأسامة فهو اشترك في برنامج قدرة لما يحتويه من مميزات ، وخصوصاً أن التدريب كان يركز على أمور كان يحتاج اكتسابها وتطويرها، مضيفاً أنه كان للتدريب الأثر الكبير في نفوس المتدربين سوءاً من الناحية العملية أو النفسية والعلاقة الاجتماعية التي حدث لاحقاً للمدربين والمشاركين.

يصف لنا أسامة أجواء فترة التدريب ويشير إلى أنهم كانوا يجتمعون بعد التدريب و يتجاذبون أطراف الحديث ويثيرون الضحكات الخارجة من صميم صدورهم، مبيناً أنه تعرف أكثر على قصص ومعاناة اللاجئين وظروفهم .

"نص عرسي كان أردني مش سوريين " هذا ما قاله لنا السوري أغيد بعد سؤاله عن شعوره بمشاركة اصدقائه الأردنيين فرحه، مضيفاً أن هذا عزز شعوره بالراحة وكأنه ببلده الأصل.

يعمل أغيد صحفياً في راديو البلد، ويبلغ من العمر 34 عاما، قدم إلى الأردن في أواخر شهر شباط من عام 2013، بدأت قصته مع قدرة واحد ببرنامج اسمه "سويا في الأردن" وعمل معهم لمدة 3 سنوات أو أكثر بقليل، وهذا ما شجعه أكثر للمشاركة في التدريب الذي أقيم في إربد.

 كما عمل معهم لمدة عام على إعداد تقارير وقصص نجاح عن اللاجئين السوريين، فهو يعلم جيداً أثر برنامج قدرة الذي ساعد السوريين والأردنيين على التماهي مع بعضهم واكتساب الخبرات المتبادلة وبناء جسور المحبة والتأثير والتأثر مع بعضهم البعض.

يشير أغيد إلى أنه تعرف إلى زملاء جدد كأسامة وحسان وأيضا زملاء جدد سوريين لم يكن يعرفهم من قبل ومن خلال هذا الاتصال المتعدد الاتجاهات توسعت خبراته ليس في مجال الإعلام بشكل مباشر فقط، فقد غيرت نظرته في كيفية كتابة التقارير، واكتسب أفكارا جديدة من خلال النقاشات ووسعت مداركه وجعلته يمتلك مصادر معلومات متعددة. 

أما حسان الكساسبة البالغ من العمر 29 عاماً يعيش في الكرك ويعمل بمجال الإعلام منذ 12 عاما، يعمل بإذاعة صوت الكرك في جامعة مؤتة، ومراسل محافظة الكرك لبرنامج أخبار الدار بقناة رؤيا.

يقول حسان إنه لم يستفد من هذا التدريب بكسب المهارات العملية والتقنية فقط بل استفاد ببناء علاقات ودية وتعرف على أشخاص جدد وتعمق أكثر بقضايا السوريين في الأردن وقصص كفاحهم.

يصف حسان مشاركته في حفل زفاف أغيد كأنه يشارك أخاه، ويؤكد أن أغيد هو أحد الأشخاص الذين كانوا متواجدين في التدريب وما زالوا يتابعون بعضا.

ويشير حسان إلى دور المنظمين والمنسقين للتدريب المهم في تقريب المتدربين من بعضهم أثناء وبعد التدريب، مؤكداً أنهم ما زالوا إلى الأن على تواصل.

قبل عام بدأت شركة ويش بوكس ميديا بتنظيم الورشة الأولى مع برنامج قدرة، ولليوم نبقى على تواصل مع المتدربين من خلال مجموعة أنشأناها عند الانطلاق عبر تطبيق واتس اب أروى العمري من شركة ويش بوكس ميديا، موقعي بالشركة إدارة المشاريع والتحرير باللغة العربية

 

بالتجربة الأولى لبرنامج قدرة، لفت أروى فكرة الورشة التدريبية لأنها تجمع بين سوريين وأردنيين وفي مجال دراستها للصحافة أحبت فكرة إعداد قصة إنسانية، والتي تعتبر من الورش الفريدة التي ليس فقط هدفها لفت النظر للتعايش الاجتماعي بين الشعبين وإنما خلق روح جميلة بين المتدربين ونقل ثقافات وعادات مختلفة عن الآخر، وأيضًا معرفة تفاصيل أكثر عن اللجوء ومشاعرهم كونهم خاضوا هذه التجربة عند لجوئهم إلى الأردن. 

 

وتضيف أروى أنها تحتاج وقتًا لتسطيع به الرجوع للحياة ما قبل الورشة، فذكريات الورشة تُخلّد بذاكرتها، مشيرة إلى أنها تعلمت خلال هذه التجربة فهم الشخص واستيعابه لكي تسطيع أن تخرج إبداعه وأن يتحدث بكل ثقة عن تجربته سواء كانت أليمة أم ناجحة.

تعتبر أروى أن برنامج قدرة فعال لأنه يجمع صحفيين من ثقافات مختلفة يتبادلون هذه الخبرات والتجارب بكل شغف ويستطيعون إخراج أفضل ما لديهم في العمل الصحفي من خلال العصف الذهني والحوار والمناقشات حول المواضيع التي يرغبون بالكتابة عنها، مضيفة أن فكرة إنتاج القصص الإنسانية مشتركة بين صحفيين سوريين وأردنيين هي بحد ذاتها شيء قيّم ويعكس المعنى الحقيقي للتعايش الاجتماعي فيما بينهم.

تعلمت أروى من المتدربين احترام الآخر ورأيه والسماع بحب لتجارب عاشها المتدربون خلال عملهم الصحفي أو من خلال رحلة لجوئهم ومغادرة وطنهم، مبينة أن التنوع يخلق بيئة جاذبة جدا للتعلم والخبرة.



 

مخرجات حقيقية لبرنامج قدرة

 تشير مديرة برنامج قدرة هبة الحياة عبيدات إلى أنه تم تدريب 173 صحفياً وصحفية حتى الآن منهم 56 صحفيا سوريا و87 صحفيا اردنيا، وكانت نسبة الإناث 53% ونسبة الذكور 47% و المعظم من فئة الشباب.

 وتبين العبيدات أنه نشر 50 تقريرا صحفيا من خلال المتدربين، وهذا ما تعتبره مؤشرا على إنه يوجد مخرجات حقيقية للبرنامج. 

ورداً على سؤالنا هل المشروع يحقق هدفه أم لا؟ 

تقول العبيدات إن الهدف  تحقق بنسبة عالية وخاصة مع تعاوننا مع عدد من المؤسسات مثل "وش بوكس" و "معهد الجزيرة للإعلام، مشيرة إلى بعض المعوقات التي واجهتهم مثل جائحة كورونا فكانت معظم التدريبات تتم من خلال الإنترنت، وهذا يعزز التماسك لكن ليست كالتدريبات الوجاهية.

الآن يتم عقد ورشات تدريبية لتغطية عدة قضايا مثل قطاع التعليم والعمل مع استخدام الأدوات الإبداعية التي  نتناولها في الإعلام مثل صحافة الجوال والإشاعات والأخبار الزائفة و برأيها استطعنا تحقيق الهدف المنشود وهو التماسك الاجتماعي بين اللاجئين السوريين والمجتمع الأردني المستضيف.

يذكر أن برنامج قدرة هو مبادرة إقليمية بتمويل من الاتحاد الأوروبي من خلال صندوق الاستئمان الإقليمي الأوروبي في سوريا والوزارة الاتحادية الألمانية للاقتصاد والتنمية والوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي الدولي والوكالة الفرنسية الإعلامية هي أحد المنفذين لجزء من البرنامج.