عاملات المنازل .. بين البطالة وضغط العمل

الرابط المختصر

 يصادف 16 حزيران من كل عام اليوم العالمي للعاملين في المنازل الذي يحتفل به سنوياً منذ المصادقة على اتفاقية العمل الدولية رقم189 الخاصة بالعمل اللائق للعمال المنزليين في العام 2011.

وتعرف الاتفاقية العمل المنزلي بأنه "العمل المؤدى في أسرة أو أسر أو من أجل أسرة أو أسر، ويشمل مجموعة من المهام بما فيها الطبخ والغسيل والتنظيف والكوي والأعمال المنزلية العامة والاعتناء بالأطفال والمسنين أو ذوي الإعاقة الى جانب الاعتناء بالحديقة وحراسة المنزل وقيادة سيارة الأسرة".

وتتبنى الاتفاقية عدة مبادئ ومعايير وحقوق أساسية فيما يتعلق بالعمل أسوة بالعمال والعاملات الآخرين خاصة القضاء على جميع أشكال العمل الجبري، والقضاء على عمل الأطفال، والقضاء على التمييز في الاستخدام والمهنة، في حين تعتير التوصية الخاصة بالاتفاقية ذات طابع غير إلزامي لكنها تتيح التوجيه العملي بشأن تعزيز القوانين والسياسات الوطنية المعنية بالعمل المنزلي، والبرامج الهادفة الى تطوير العمال المنزليين وتحقيق التوازن بين مسؤوليات العمل والواجبات الحياتية.

قد يكون الاحتفال باليوم العالمي للعاملين في المنازل فرصة لتسليط الضوء على هذه الفئة التي طالما ظلمت وأنتهكت حقوقها في مختلف أنحاء العالم مما حدا بمنظمة العمل الدولية لإصدار اتفاقية خاصة بهم وإلزام الدول على تعزيز حقوقهم وحمايتهم، نظرا لخصوصية العمل المنزلي.

 

يتناول التقرير ما ورد إلى تمكين من شكاوى لعاملات المنازل تصف أوضاعهن، كما سيخصص جزء من التقرير عن أوضاعهن خلال أزمة فيروس كورونا المستجد.

 

أوضاع عاملات المنازل في الأردن

 

يبلغ عدد عاملات المنازل 38490 عاملة مسجلة، منهم  12,500 ألف من الجنسية الفلبينية، و10 آلاف من الجنسية البنغالية، كما يعمل في الأردن عدد كبير من العاملات غير النظاميات يقدر عددهم بـ30 ألف عاملة، ممن تركن أماكن عملهن لأسباب متنوعة مثل عدم دفع الأجور أو المعاملة السيئة أو طول ساعات العمل، أو الحرمان من الاتصال بالأهل أو عدم مراعاة الخصوية وقد يكون ترك مكان العمل دون سبب وإنما عدم القدرة على العمل أو عدم الرغبة فيه.

تعد التشريعات الأردنية الأكثر تقدما في منطقة الشرق الأوسط من حيث ضم قانون العمل لعاملات المنازل عام 2008 وإصدار نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم رقم (90) لسنة 2009، ونظام تنظيم المكاتب الخاصة العاملة في استقدام واستخدام غير الاردنيين العاملين في المنازل رقم 12 لسنة 2015، كما أن الأردن من الدول القليلة التي توقع مذكرات تفاهم ثنائية بينها وبين دول العمال المهاجرين قبل الشروع في الاستقدام، إلا أن كل هذه الإجراءات لم تردع بعض أصحاب العمل وبعض مكاتب الاستقدام في بلد الأصل وبلد المقر من استغلال عاملات المنازل ، وقد يكون من أسباب ذلك عدم الجدية في التطبيق وأيضا نظام الكفالة الممارس فعليا وإن لم يذكر في التشريعات.

 

الحالات التي وصلت تمكين خلال العام 2019

استقبل تمكين خلال العام 2019 حالات لعاملات منازل يعملن في مختلف محافظات المملكة وبلغ عددها 328 حالة، الغالبية العظمى منهن من الجنسية الفلبينية وبلغ عددهن (109)، تليها سيريلانكا بعدد  (62)، ثم العاملات من الجنسية الأوغندية بعدد (60)، ومن ثم بنغلادش بعدد (36).

أما فيما يتعلق بالانتهاكات كانت أبرزها الإنتهاكات المتعلقة بحجز جواز السفر حيث بلغ عددها (236)، أما الحجز الكلي أو الجزئي للأجور بلغ (158)، أما الحرمان من أيام العطل الرسمية فبلغ عددها (139).



 

مما لاشك فيه أن أوضاع عاملات المنازل قد تحسنت نوعا ما، ذلك يبرز حسب مستوى وعي العاملات وأصحاب العمل، إذ عادة تستطيع العاملة التي تعرف حقوقها المطالبة بها، كذلك صاحب العمل الذي يعرف القانون والحقوق والواجبات، إلا فيما يتعلق بالعطلة الأسبوعية التي نص عليها نظام العاملين في المنازل وطهاتها وبستانييها ومن في حكمهم رقم (90) لسنة 2009 في المادة السابعة منه.



عاملات المنازل أثناء أزمة فيروس كورونا المستجد

يأتي الاحتفال باليوم العالمي للعاملين في المنازل هذا العام في ظل جائحة  فيروس كورونا المستجد وتداعيات إجراءات الحماية منه،  حيث فرضت الحكومات في أنحاء العالم قيودا على تحركات مواطنيها لمواجهة خطر فيروس "كورونا" المستجد والحد من انتشاره، لكن بالنسبة إلى عاملات المنازل الآسيويات والأفريقيات، تزيد هذه الإجراءات المهمة أيضا من احتمال تعرضهن لانتهاكات جسيمة.

هناك ثلاث فئات من العاملات المنزليات، الفئة الأولى وهن اللواتي يعملن ضمن عقد في منازل أصحاب العمل، وفئة نظامية لكن تعيش خارج منزل صاحب العمل، أما الفئة الثالثة هن أولئك اللواتي يتقاضين أجرهن على ساعات العمل، وهناك جزء كبير من هؤلاء من غير أوراق قانونية ولم يستخرج أو يجدد صاحب العمل لهن الإقامة أو تصريح العمل وخرجن من أماكن عملهن إما نتيجة انتهاكات مثل عدم دفع أجور أو طول ساعات العمل أو غيرها من الانتهاكات العمالية أو المعيشية أو الجسدية، وأحيانا تترك العاملة مكان العمل دون سبب وانما لعدم التأقلم أو تحمل الغربة أو طبيعة العمل. وأحيانا يرفض صاحب العمل تسفيرهن بعد انتهاء عقد العمل أو عدم اعطاءهن " تنازل" للانتقال إلى صاحب عمل آخر، هؤلاء العاملات يعشن في بيوت يستأجرونها، وهن أصلاً وضعهن غير نظامي، وهن مسؤولات عن معيشتهن اليومية ومسكنهن، وبعد الحجر المنزلي، توقّف أو خفّ عملهنّ بالتالي بتن عاجزات عن دفع الإيجار وتأمين قوت يومهنّ وطبابتهنّ، كما أنهن بأغلبيتهن، يسكن في مناطق مهملة وفي مساكن مكتظة، وذلك لا يقيهن من المرض.

فيما يتعلق بالعاملات النظاميات رصد فريق تمكين شكاوى عدة خلال أزمة كورونا تتمثل بمعاملتهن بطريقة سيئة من قبل أصحاب العمل، إضافة إلى  ضغط العمل الذي انهال عليهن بسبب تواجد جميع أفراد الأسرة طوال اليوم، وكثرة متطلباتهم خاصة فيما يتعلق بأمور التعقيم الدائم، مما انعكس على ساعات عملهن حيث زادت لتصل إلى 16 ساعة عمل يومياُ،  دون إجازات أو فترات للراحة، وهنا نشير إلى إصابة عاملتي منزل من الجنسية السيرلانكية  والفلبينية بفيروس كورونا نتيجة اختلاطهما بأصحاب العمل، وقد تلقين الرعاية اللازمة في المستشفى المخصص لعزل مرضى فيروس كورونا، ووضعهما الصحي مستقر. كما طبق الحجر الصحي في فنادق خمس نجوم على نفقة الدولة على عدد من عاملات المنازل القادمات من الخارج ، ولم يكن هناك أي تمييز بينهن وبين غيرهن من حيث المعاملة والخدمات المقدمة.

بينت عاملات منزليات بأن أصحاب العمل أجبروهن على العمل أكثر من 20 ساعة في اليوم من دون راحة أو يوم عطلة، وزادت عليهن أعباء العمل مما أرهقهن جسدياً، إضافة إلى انعكاس توتر أصحاب العمل على معاملتهم للعاملات 

أما العاملات غير النظاميات وهن يعتمدن في دخلهن على العمل اليومي، فتوقف عملهن حاليا نتيجة حظر التجوال ، ولا يملكن أي سبيل للعيش وتوفير متطلبات الحياة اليومية، وقد تواصل مع تمكين ما يزيد عن 780 عاملة منزل عجزن عن توفير احتياجاتهن اليومية من طعام ومواد تعقيم وغيرها من المتطلبات الأساسية، كما تواصل عدد يزيد عن ثلاثين من العاملات الأمهات وكن يعانين من عدم استطاعتهن توفير الحفاضات والحليب لأطفالهن. 



واشتكت عاملات من عدم قدرتهن على دفع إيجار المنزل، وأنه في حال لم يجري الدفع سيطردون.

وخلال فترة أزمة كورونا جرى رصد 4 حالات لعاملات منازل عن طريق جيران أصحاب العمل، الذين أبلغوا تمكين هاتفيا عن عاملات تعرضن لانتهاكات، حيث قام فريق تمكين بإبلاغ وحدة مكافحة الإتجار بالبشر عن 3 حالات والتي تحركت كوادرها للتأكد وإخراج العاملات من المنازل.

ومن أهم التحديات التي واجهت عاملات المنازل وضحايا الاتجار بالبشر إغلاق المأوى وعدم وجود مكان لاستقبالهن لأنه ووفقاً  للأنظمة والتعليمات يجب أن تخضع العاملة وعلى حسابها الخاص لفحص كورونا، ووحتى مع إجراء الفحص كان هناك صعوبات في الإيواء.

ومن الجدير بالذكر أنه لم تسجل أي حالة توقيف إداري لعاملة منزل خلا فترة حظر التجوال التي فرضت على جميع من على أراضي المملكة.

 

التوصيات

تفعيل التفتيش على أوضاع عاملات المنازل العمالية والمعيشية.

تسهيل انتقال العاملة من صاحب عمل إلى آخر من دون " تنازل" صاحب العمل الأول.

حماية أجور عاملات المنازل.

إيجاد آلية شكاوى فعالة والعمل على دراسة كل شكوى بجدية والتحقق منها.

تفعيل الحق في الاستقالة ضمن القانون مع مراعاة حقوق كل من صاحب العمل وعاملة المنزل، التوازن بين حقوق وواجبات كل من صاحب العمل وعاملة المنزل وإيجاد آلية للتعويض عن الضرر، في حال رفضت العاملة العمل من دون سبب.

رفع الوعي القانوني لكل من أصحاب العمل والعاملات.

تعريف العاملات وأصحاب العمل كل منهما بالآخر وتعريف العاملة بحجم المنزل وعدد أفراد العائلة وواجباتها ذلك قبل الوصول.