ظلال "كورونا المستجد" تخيّم على العاملين في المهن الميكانيكية

الرابط المختصر

 رغم عودة الحياة إلى سابق عهدها في معظم القطاعات المهنية والاقتصادية في المملكة، إلا أن بعضها لا زال يعاني من آثار أزمة "فيروس كورونا"، وما أحدثته من تبعات والتزامات متراكمة على العاملين في مختلف القطاعات الاقتصادية.

تابع "المرصد العُمّالي" في هذا التقرير آخر ما وصل إليه قطاع المهن الميكانيكية، وحال العاملين فيه بعد رفع الحظر الشامل في شهر أيار الماضي، والعودة تدريجيًا إلى العمل.

يقول (محمد)، عامل في أحد المحال الميكانيكية إن الإقبال على المحل ضعيف والوضع المادي بات صعبًا بعد أزمة فيروس "كورونا المستجد"، مؤكدًا أن عودة الحياة إلى سابق عهدها، بعد حظر التجول الشامل والاغلاقات التي رافقته، لم تنعكس إيجابيًا على محلّات الميكانيك كما هو متوقع. 

محلات الميكانيك الأخرى المجاورة لمحمد عانت من الضرر نفسه، إذ اضطر بعض أصحاب المحلّات  المجاورة إلى إغلاق محالهم وتسريح العاملين فيها، بحسب (محمد).

وأضاف معلقًا: "عندي ثلاث أخوة يشتغلون نفس الصنعة، عمّال ميكانيك، وأشغالهم موّقفة تمامًا"، فيعتمد (محمد) برفقة ثلاثة عمّال آخرين، على أجرة يومية تتراوح بين 10 إلى 15 ديناراً في أحسن الأحوال، ولا يوجد لديهم أي مصدر دخل آخر يتكئون عليه. 

(حسّان) عامل في محل ميكانيك آخر، يؤكد أيضًا نسبة الإقبال الضعيفة ولا تلبّي أبسط الاحتياجات أو تُسدد ما تراكم من ديون طوال أشهر الإغلاق، مضيفًا: "شغلنا ما قبل فترة "كورونا المستجد" كان ضعيف لكنه متواصل وموجود، أما الآن تمر أيام أعود فيها إلى بيتي وأنا لا أحمل حتى خمسة دنانير". 

يشترك (حسّان) مع أخيه في العمل، ويعاني كلاهما من تراكم الديون، وتراكم فواتير المياه والكهرباء، إضافة إلى إيجار البيت والمحل، "أصحاب المِلك رفعوا علينا قضايا بالمحاكم"، يقول (حسّان). 

واتفق (عمّار) مع ما ذهب إليه حسّان، لافتًا إلى أن العمل بعد أزمة فيروس "كورونا المستجد" تراجع إلى النصف، وأن الزبائن أصبحت تقتصر على تصليح الضروريات الأساسية فقط نتيجة معاناتها من التبعات المادية للأزمة.

يعتمد (عمّار) على أجرته الأسبوعية لإعالة أسرته، والتي تتراوح الآن بين 15 إلى 20 ديناراً، بينما كانت قبل الأزمة 40 ديناراً.

وتوّسع (إبراهيم) صاحب محل ميكانيك، في الحديث عن تاريخ معاناة قطاع الميكانيك، موضحًا أن القطاع يعاني منذ أربعة أعوام من تراجع الإقبال، لكن الوضع ظلّ، على صعوبته، أفضل مما وصل إلى الحال الآن.

"قلنا بعد الحظر الناس بتطلع وبرجع الشغل، لكن الشغل ضعيف لدرجة كأننا عايشين ببلاد مهجورة"، بهذه العبارة وصف (إبراهيم) ، حال محله بعد انقضاء الأزمة.

يعتمد (إبراهيم) على ما يحصلّه من محله، ولا يعرف بديلا عن الميكانيك، ويعاونه في المحل ابنه سعد الذي سُرّح من عمله في إحدى شركات الطيران بعد إعلان الحظر الشامل، "عندي ولد ثاني بالجامعة لستُ قادرًا على الالتزام بمصاريفه، مديون من الجامعة 2500 دينار، ومن المحل 1000 دينار كهرباء"، يقول (إبراهيم).

من جهته أوضح رئيس نقابة أصحاب المهن الميكانيكية (جميل أبو رحمة) خلال حديثه لـ"المرصد العُمّالي" أن تأثر عامّة الناس بشكلٍ كبير من التبعات الاقتصادية لأزمة فيروس "كورونا المستجد"، انعكس على القطاع الاقتصادي عامّة، وعلى قطاع الميكانيك خاصّة بسبب اعتماد عمّاله كليًا على أجرتهم اليومية، "عامل الميكانيك يعتمد على أجرة كل يوم بيومه، إذا اشتغل يجد طعامه، وإن لم يجد فلن يكون له سلعة بديلة يقدمها أو يبيعها، يقول (أبو رحمة).

وبيّن أن قطاع الميكانيك عاش قبل الأزمة حالة طويلة من الركود، تبعها حالة شلل كامل مع تفشي فيروس "كورونا المستجد" وتطبيق حظر التجوّل الشامل وإغلاق كافّة القطاعات الاقتصادية، وما ترتب على هذا الإغلاق من ديون، وتراكم إيجار المحلّات والمنازل، إضافة إلى أجور العاملين، وفواتير كهرباء ومياه، والتزامات أخرى.

وأشار (أبو رحمة) إلى سعي النقابة لإنشاء صندوق ادخار وتكافل لمساعدة أصحاب المهنة والعاملين فيها، والوقوف إلى جانبهم في حال تكررت أزمات مستقبلية مشابهة.

جديرٌ بالذكر، أن عدد العاملين في محلات الميكانيك يبلغ 240 ألف عامل، يعملون في ما يقارب 150 إلى 180 ألف محل في كافّة أنحاء المملكة.