ظروف عاملات المصانع: وصمة عار مخفية بورقة توت

الرابط المختصر

"أعمل في المصنع منذ سبع سنوات، حاصلة على دبلوم شريعة إسلامية، من المفروض أن اعمل ثمان ساعات إلا أنهم يجبروننا على الدوام أكثر من اثنتي عشرة ساعة، وهذا شيء فوق طاقتي، وإذا حاولنا أن نشتكي يقولون لنا هذا عمل إضافي لا يوجد بديل".لمى، أربع وعشرين سنة، تعمل خياطة في مصنع باربد، تصف بكلماتها هذه ما كان كتب عنه كبار الاقتصاديين في القرون الوسطى، وتضيف: "أنا أتحدث معكم وأنا خلال دوامي مجبرة، يقولون لي "يجب أن تداومي لأن علينا شغل يجب أن ينتهي".
كيف يمكن استسهال اطلاق لقب "عاملات" على نساء يكدن لقسوة ظروف عملهن ان يتحولن الى رقيق فعلا، من اين تأتي النظرة المبسطة لظروف عمل النساء في المصانع والاكتفاء بوصفها بغير الملائمة، وهي تكاد تشبه ظروف عمل الرقيق في القرون الوسطى.
مع الزيادة الكبيرة في نسبة الفقر في الاردن، لم تجد النساء، بمن فيهن المؤهلات علميا، سوى البحث عن أي عمل يوفر أي مبلغ مالي مهما كان شحيحا، وبمعنى اقتصادي فإن المرأة تعرض قوة عملها للبيع بغض النظر عن الأجر المقابل وبغض النظر عن ظروف العمل.
لا يكفي ان يطلق لقب عاملة او عامل على انسان تجبره ظروفه المعيشية على بيع قوة عمله بغض النظر عن الاجر، ففي العرف الاقتصادي فإن العامل يجب ان يتلقى اجره قياسا الى ما ينتجه، لا قياسا الى توفر عدد كبير من العاطلين عن العمل، ولهذا السبب تضع كل الدول حدا ادنى للاجور تلزم فيه اصحاب العمل للحفاظ على دورة الاقتصاد سليمة، ولكن ما يجري في الاردن ان الكثير من المصانع لا تأبه بالقوانين النافذة وتستغل حاجة النساء لممارسة انواع استغلال لا تحتمل.
وفيما حددت وزارة العمل الحد الادنى للاجور بمائة وعشرة دنانير، قابلة للزيادة السنوية، فإن لمى وبعد اربع سنوات من العمل لا تتقاضى سوى مائة وخمسة عشر دينارا فقط، وتقول: "من حوالي ثلاث سنوات وأنا على نفس الراتب، رغم أني من المفروض أن تأتيني الزيادة، لكنهم معترضين على الزيادة وقالوا إذا أردتم الحوافز فنحن نعطيكم لكن الزيادة لا، رغم أنه يجب في كل سنة أن يأتينا زيادة 10 دنانير، وأنا لم تأتينا الزيادة تحديدا من 1\1\ 2003".
وتضيف: "نحن نطالب دائما بحقوقنا، ويعدونا مثلا بشهر 7 أو 12 تأتي الزيادة، وأيضا بعد اربعة شهور تأتي الزيادة، دائما وعود، العام الماضي قالوا لنا كل شهر ستأتي وهذا العام أيضاً".
اما رغد، العاملة بمصنع ايضا فحالها ربما يكون اسوأ من لمى، فهي وبعد ثلاث سنوات من عملها في المصنع، لا تتقاضى سوى خمسة وتسعين دينارا، تقول: "اعمل في المصنع منذ ثلاث سنوات وثمانية شهور وتحصيلي العملي توجيهي ناجح، واعمل منذ الساعة السابعة والنصف ولغاية الخامسة والنصف، إذا رفضنا العمل الإضافي تصبح المعاملة أسوأ، أتقاضى بدل إضافي على الساعة، ولا يوجد بدل مواصلات، اذهب إلى بيتي على حسابي اذ يتم إيصالنا إلى المجمع، ومن المجمع إلى البيت على حسابي، وفي الشهر ادفع خمسة عشرة دينارا، أي في اليوم نصف دينار، وراتبي الأساسي 95 دينار منذ أربع سنوات".
وبالنسبة لميادة، العاملة في مصنع، فتقول: "السنة الماضية أقروا ما يسمى بالحد الأدنى للأجور كان الراتب في السابق 85 والآن 95 دينار، كان لي مشكلة مع المدير فزادني 5 دنانير فقط، ورضيت بها لأنني كنت بحاجة إلى الشغل، والان رفعوا الحد الأدنى للأجور إلى 110 دنانير، بعض المصانع طبقت هذا النظام، وأما مصنعنا فلم يطبق هذا النظام إلا مع بداية السنة الجديدة".
اما حياة، التي تعمل معبئة مواد في احد المصانع، فتقول: "أعمل في المصنع منذ أربعة سنوات، وتحصيلي العلمي دبلوم، أعمل بمعدل تسع ساعات ونصف، وأنا مخيرة في عملي الإضافي وأتقاضى بالتالي عليه مالاً، وهناك مواصلات لكن ليس للكل، إذا كانت العاملة بعيدة يعطونها بدل مواصلات أما إذا قريبة فلا، وراتبي 105 دنانير، وأعيل شقيقاتي وتحديدا الطالبة الجامعية، والأخريات لا يعملن في البيت".
وسمر، تعمل خياطة في مصنع منذ سبع سنوات ولا تتقاضى سوى مائة وعشرين دينارا فقط، رغم انها تعمل تسع ساعات يوميا، أي بزيادة ساعة على ساعات العمل بحسب القانون، فتصف حالها: "لا أشعر بأي مستقبل في مهنتي، بالنسبة للزيادات الإدارة تقول دوماً أنك وصلتي حتى السقف الأعلى من زيادات العمال، لا يوجد زيادات سنوية، أنا مثلا لم يزد راتبي منذ ثلاث سنوات، وكذلك كثيرين غيري".
وتعتقد أحلام، فاحصة الجودة في أحد مصانع مدينة الحسن الصناعية في اربد، انها تتقاضى راتبا عادلا رغم كونها تعمل في المصنع منذ ست سنوات وتتقاضى مائة دينار كراتب اساسي وتقول: "راتبي الأساسي 100 دينار، ومتزوجة منذ 7 سنوات وليس لدي أطفال، وزوجي يساعدني في إيجار الدار. وأحلام تعتقد ان ما تحصل عليه لقاء العمل الاضافي والحوافز هو جزء من الراتب، وتقول: "يصل راتبي الأساسي إلى 150 دينارا، ومع الحوافز الأسبوعية والشهرية يصل إلى 160 دينارا، وقد بدأت براتب 80 ديناراُ، بمعنى أنه في كل سنة يزداد 5 دنانير".
والحال ان ما تعتقده احلام يعود اساسا الى ضعف معرفة العاملات بحقوقهن، وهو امر مناط بالنقابة المعنية التي من واجبها اطلاع العمال على حقوقهم وتزيده بالثقافة العمالية. ولكن يبدو ان النقابة ليست معنية بالامر كثيرا.
وحال النقابة تصفه لمى بكلماتها: "كلنا في المصنع ننتمي للنقابة، ويقتطع من رواتبنا نصف دينار، لكني لا أذهب إلى النقابة، لا أستطيع أن أقيم دور النقابة لأني لا أعرفها، وهي "مش بزيادة" لكنني أسمع أن نشاطها قوي، وتقوم بعقد ورشات واتفاقيات لصالحنا، ولا يتعاملوا معنا بدرجات، رغم أنهم قالوا نظمونا إلى فئات سادسة وسابعة".
مخاطر عمل بدون تأمين صحي
واذا كانت المصانع واصحابها يتغاضون او لا يأبهون لقوانين العمل في الاجور فالامر مع التأمين الصحي ليس افضل حالا، رغم الاخطار الكبيرة التي يواجهها عمال المصانع كونهم يتعاملون مع آلات صناعة، تقول رغد: "بالنسبة للتأمين الصحي يعتمد على حسب سنوات الخبرة إذا كان لي سنتين في العمل، احصل على 30% اما الان فانا احصل على 60% من التأمين".
اما ميادة، عاملة متزوجة، فتؤكد أنه "لا يوجد تأمين صحي شامل، طالبنا بعمل تأمين صحي شامل ومازلنا نطالب ولكن هيهات".
وتضيف: "يوجد مخاطر في مكان العمل ولكن في نفس الوقت يوجد وقاية، وهناك بعض السلبيات التي نعاني منها في المصنع، الحرارة الزائدة في المصنع كأننا في (ساونا)، نطالب بحل ولكن الأمر يرجع إلى الإدارة (لا حياه لمن ينادي) ولا يوجد نتيجة".
وتصف رغد الوضع في المصنع بقولها: "لدينا في العمل مخاطر، وخصوصا أنا اعمل في مجال الملابس هناك الكثير من الماكينات الخطرة".
وتضيف: "الجو في المصنع غير جيد، لا يوجد أي حافز يشجعك لتصبحي أفضل، كل يوم أقول لا أريد ان اعمل، نعاني في المصنع من مشكلة الحرارة، والمعاملة في المصنع سيئة إذا مرضت إذا عطلت يعاملونا معاملة سيئة، أي لا استطيع ان اخرج من عملي لأذهب إلى الدكتور ومجرد ان اخرج من العمل لوقت قليل لأشرب حبة دواء يحاسبني على الساعة، إذا تأخرت المشرف بعملي (عرس) ومعاملتهم غير جيدة معي أبدا".
وتقول حياة: "لدي ضمان اجتماعي وليس تأمين صحي، طلبنا من الإدارة تأمين صحي وقاموا بإعطائنا بطاقات خدمة كمعالجة دواء وغيره، ليس هناك مخاطر وهناك إجراءات سلامة، وبشكل عام إذا كان العامل عند ماكينة خطرة يتم تأمينه صحياً، وأمور وقاية كي تحميها".
وفي ضوء غياب التأمين الصحي، وعدم حرص اصحاب المصانع على توفير اجواء عمل صحية فقد أظهرت دراسة رسمية سابقة ارتفاعا في عدد إصابات العمل تدريجيا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إذ بلغت 12,628 إصابة في عام 2003، وقدرت في عام 2004 بـ12,859 إصابة، فيما وصل مجموعها إلى 13,752 إصابة خلال العام الماضي.
وزارة العمل دور مفقود
اذا كان اصحاب المصانع حريصون على استغلال قوة عمل النساء للحد الاقصى متجاهلين القوانين في سبيل المزيد من الربح، فإن وزارة العمل وهي المكلفة وفقا للدستور بالحرص على تطبيق القانون لا تقوم بدورها على الوجه الكافي.
ولا تشعر العاملات في المصانع بجود وزارة العمل، تقول حياة: "لا نلجأ إلى وزارة العمل، مرة لجأنا لها ولم تحل مشاكلنا، وزيادة رواتبنا لكنهم وعدونا بحل ومتابعة حالنا ولازالوا".
ويبرر مسؤول في الوزارة هذا الغياب بان الوزارة لا يوجد لديها العدد الكافي من الموظفين، فكل العاملين فيها لا يتجاوز عددهم الاربعمئة، رغم انها معنية بحوالي مليون وخمسين ألف عامل في الاردن، كما ان عدد المفتشين في الوزارة لا يزيد على الثمانين مفتشا. يجري بحث زيادة عددهم الى مائة وثمانين بعد تقرير "نيويورك تايمز" عن وضع العمال الوافدين في المناطق الصناعية المؤهلة.
خولة الحسن، مستشارة وزير العمل لشؤون المناطق الصناعية المؤهلة، تقول أن "وزارة العمل لم تتفاجأ بتقرير لجنة العمل الوطنية (NLC) فقد كان هناك العديد من الانتهاكات بصراحة وبشفافية عالية، كان الخوف دائما من ردة فعل وزارة العمل فيما يخص الاستثمار كون الموظف دائما يتهم دائما بأنه معيق للاستثمار، وجاء تقرير الـNLC ليكشف حقائق كان مفتشو العمل، رغم الموارد المحدودة جدا، لكنها كشفت الكثير من الانتهاكات التي يتعرض لها العمال في المناطق الصناعية المؤهلة".
وبالنسبة للإجراءات التي أخذتها وزارة العمل فيما يخص التقرير الذي صدر عن لجنة العمل الوطنية، توضح الحسن أن الوزارة "بادرت بحملات تفتيش كان على رأسها معالي الوزير وعطوفة الأمين العام والمفتشين بالتعاون مع أعضاء من السفارات المعنية بالعمالة الوافدة، ونقيب الغزل والنسيج وممثلي المصانع، سواء جمعية المستثمرين الأجانب، جميعهم قاموا، يدا بيد، بأربع جولات تفتيشية تم تغطيتها كاملة. وتنوي الوزارة تعيين مفتشين إضافيين، وبادرت إلى إنشاء خدمة الخط الساخن وتم تعميمها على المصانع، حيث يستطيع العامل الاتصال بوزارة العمل بأي لغة يتكلم بها، ونحن على استعداد للاستماع لشكواه. مكتب نقابة العمال في الضليل والحسن يوصوا لنا أية شكوى تصلهم".
وتعزو الحسن وجود 80 مفتشا فقط عن وزارة العمل في المملكة كلها إلى الإمكانيات المتواضعة للوزارة. "وأقول بصراحة أن مجمع الضليل الصناعي، حيث هناك مديرية عمل، فيه مفتش واحد من المستحيل أن يغطي جميع المصانع الموجودة في تلك المنطقة، أو مثلا في منطقة سحاب الصناعية هناك مفتشين أو ثلاثة مطلوب منهم أن يعملوا تصاريح وتفتيش وغيرها. ومع ذلك كانت الوزارة تعمل. والدليل على ذلك علمنا بوجود انتهاكات وتحرير مخالفات قبل ظهور تقرير الـNLC".
وتؤكد الحسن على وجود مصانع كبيرة تفتح مصانع أخرى بأسماء جديدة لكن لنفس المالك، ويشغل فيه عاملين وقبل نهاية الشهور الثلاثة الأولى يفصلهم من العمل أو يبيعهم أو يهربهم. وتضيف: "هذا الموضوع أثرناه مؤخرا في مؤسسة تشجيع الاستثمار وهو مطلب تم مناقشته بأن لا يتم تسجيل أي مصنع قبل الرجوع إلى وزارة العمل حتى نستطيع تزويدهم بالممارسات التي نعلم بها. نعتقد أن وزارة العمل هي الأقدر على التعامل مع الاستثمار والمصانع في المناطق الصناعية المؤهلة. المسؤولية لا تقع على وزارة العمل لوحدها".
وتناشد الحسن وزارة العمل فيما يخص العمل، وزارة الصناعة والتجارة فيما يخص المستثمرين، وزارة الداخلية فيما يخص إقامة العمالة الوافدة على أرض المملكة.
العمالة الوافدة: الحال كارثي
إذا كانت العاملة الاردنية تخضع لكل هذه الظروف غير الانسانية وتغيب عنها وزارة العمل ونقابات العمالية، فإن حال العاملات الوافدات يكاد يكون كارثيا بكل ما في الكلمة من معنى.
وبالنسبة للعمالة الوافدة فإن الاستغلال يختلط ايضا بنظرة استعلائية تدفع اصحاب المصانع والمشرفين على العاملات الى التمادي، ليس فقط في استغال هؤلاء وانما ايضا في امتهان كرامتهن الانسانية.
ويوضح الطبيب العام رجائي نفاع تأثير الحرارة المرتفعة في المصانع المكتظة بالعمال صيفا، والناتجة عن الآلات، وعدم وجود أي وسائل تبريد أو تهوية ملائمة، بأنها "تؤثر على صحة العاملين الجسمية والعقلية، وبالطبع هذا ينعكس على الإنتاج. هناك مواصفات وشروط سلامة عمالية معنية فيها وزارة العمل إضافة إلى المراقبين الصحيين".
ويضيف نفاع أن "الحرارة المرتفعة تؤدي إلى تعرق زائد، وفقدان السوائل والأملاح يؤدي إلى الإعياء وضعف النشاط. وعلى المدى البعيد فإن الضجيج والجلوس لساعات طويلة على مقاعد غير صحية تؤدي إلى أمراض قد تكون مزمنة كأمراض الضغط ومشاكل في عصب السمع الأذني من طنين وصداع وحتى الشقيقة وغيرها".
منذ ان وقع الاردن اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة التي بلغ عددها تسع مناطق ويعمل فيها نحو 18,510 أردنيين، غالبيتهم من النساء يتقاضين ما نسبته ثمانين بالمائة فقط من ما يتقاضاه الرجل، مقابل حوالي 36,162 عاملا وافدا غالبيتهم من الرجال.
اما كيف يتم توظيف العاملات الوافدات واستغلالهن فتصفه عاملة صينية رفضت الافصاح عن اسمها، فتقول ان اصحاب المصانع هنا يتعاقدون مع مكاتب توظيف في الصين تنشر اعلانات في الصحف المحلية، يعلن فيها عن الحاجة لعمال براتب مائتين وعشرين دولارا، وعندما تحضر العاملة الى هنا تعطى مائة وثمانين دولارا فقط وتجبر على العمل ساعات طويلة تستمر بين 16 و17 ساعة إجباريا.
ولا تملك العاملة الوافدة خيارا للرفض، فإن هي فعلت يتم تسفيرها على نفقتها الخاصة، لما كانت تذكرة الطائرة تزيد كلفتها على التسعمائة دولار فإن أي عاملة تتقاضى 180 دولارا لن تستطيع مجرد التفكير بشراء التذكرة. هذا عدا عن ان المصانع تحجز جوازات السفر في مخالفة واضحة لكل مواثيق حقوق الانسان.
بيد ان اسوا ما في الامر هو ايضا ظروف سكن هؤلاء، فعندما تأتي العاملات الوافدات يحشرن كل ثمانية في غرفة واحدة ينمن على اسرة طابقية، واحيانا يتم حشر 16 عاملة في غرفة اوسع قليلا. ولا تعطى العاملة سوى يوم اجازة واحد. فيما ظروف العمل في المصانع ليست افضل حالا فان توفرت اجراءات السلامة المهنية فإن ظروف العمل سيئة حيث درجات الحرارة مرتفعة في الصيف متدنية جدا في الشتاء بدون تبريد او تدفئة.
غير ان اكثر ما تتعرض له العاملات الوافدات، بحسب رأي العاملة الصينية، هو المضايقات والتحرش الجنسي، فاستغلالا لظروف عملها وكونها عاملة اجنبية تتعرض دائما للتحرش الجنسي، إما من المشرفين على العمل او من اصحاب المصانع، وتقول هذه العاملة ان الكثير من العاملات يخضعن لنزوات هؤلاء على طريقة "ليس باليد حيلة".
المحامي حسين الزيود يتولى قضايا انتهاك حقوق عدد من العاملات الصينيات في منطقة سحاب الصناعية يدعو إلى "ضم العمالة الوافدة في المناطق الصناعية المؤهلة، التي تصل إلى 38 ألف عامل، إلى النقابة كحل مبدئي لمتابعة مشاكلهم، أو سن قانون خاص بالمناطق الصناعية لحماية هؤلاء الوافدين المستضعفين لتقليص استغلالهم من قبل أصحاب العمل، وتخصيص مفتش في كل مصنع، وإشراك القطاع الخاص في تدريب العمالة المحلية لتحل محل العمالة الوافدة".
من جهته، يبين نقيب الغزل والنسيج فتح الله العمراني، أن "النقابة تعمل على فتح مكاتب في مواقع التجمعات الصناعية، ونجري اتصالاتنا السرية ونوصل نشرتنا للعمال ونزورهم في بيوتهم ونتصل بهم عبر الهاتف، لتشجيع العمال على الحديث عن قضاياهم. ونعمل منذ سنوات مع العمالة الوافدة. وبالتالي صارت العمالة الوافدة تلجأ لنا ونحل مشاكلهم وتساعدنا وزارة العمل في ذلك".
ويضيف: "خرقنا المادة 108 من قانون العمل التي لا تسمح بضم العمال الوافدين إلى النقابة ونعتبرهم أعضاء مؤازرين. ووزارة العمل تفكر في ضم العمال الوافدين إلى النقابة لأن اتفاقية التجارة الحرة التي وقعتها الأردن مع الولايات المتحدة، تحديدا المادة 6، تنص على احترام الاتفاقيات الدولية، والاتفاقية 87 تنص على أن نرعى العمالة الوافدة وأن تنضم إلى نقابات".
ويطالب النقيب برفع الحد الأدنى لأجور العمال إلى 150 دينارا. "ونطالب الحكومة بعمل اتفاق جماعي قطاعي لتحسين أوضاع العمال سنويا لتحديد الحد الأدنى من الأجور وساعات العمل وبيئة العمل الصحية والتأمين الصحي لتشجيع العمالة الأردنية للعمل في المصانع".
أما عن دور المؤسسات الأهلية في الدفاع عن حقوق عمال المصانع، ينفي عاصم ربابعة من مركز عدالة لحقوق الإنسان وجود تقصير من المنظمات الأهلية. ويرى أن انتهاكات حقوق العمال هي مسؤولية النقابة وجهاز التفتيش في وزارة العمل. "أنا لا أرى أن تعدد الجهات يخدم مصلحة العمال، لأنه إذا كانت هناك جهة أو جهتين كنقابات العمال فإن الفائدة ستكون أكبر وسيكون التأثير أكبر على صناعة القرار داخل هذه المصانع وبالتنسيق مع الجهات الرسمية ذات العلاقة".
لا يمكن بحال من الاحوال، وصف ما تتعرض له العاملات من النساء في المصانع، محليات كن ام وافدات، بكلمات مبسطة من نوع ظروف غير ملائمة، لان ما يجري في الواقع هو نوع جديد من الاسترقاق، استغلالا لحاجة الناس لتحقيق المزيد من الربح عبر تقليص نفقات العمل، وأولها الاجور والحقوق. فهل تلتفت الوزارات المعنية ومنظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني لما يحصل من "عار" في القرن الواحد والعشرين؟

أضف تعليقك