طموح المرأة السياسي:هل يخرجها من عباءة التعيين

الرابط المختصر

على الرغم من تبلور قرار سياسي في  أعلى دوائر صنع القرار في الأردن بأن تكون مشاركة المرأة السياسية في الانتخابات هذه المرة نوعية، إلا أن التخوف...

.... ما زال كبيراً لدى قطاعات واسعة بأن تضل هذه المشاركة حبيسة قرار العائلة أو الزوج ولا تمثل رأي المرأة الحقيقي.

والمفارقة التي باتت معروفة للجميع هي حجم المشاركة النسائية الكبيرة في المحافظات بعكس العاصمة نفسها، مما يتناقض مع حجم التعليم للمرأة ومشاركتها في سوق العمل في كلا المكانين.
 
فالحلفان بالطلاق أمراً شائعاً في مختلف مناطق المملكة لضمان عدم ذهاب صوت الزوجة لمرشح آخر غير الذي اختارته العائلة، وما زال الأردنيون يتندرون بحالات طلاق حدثت فعلاً في أيام الذرة في الانتخابات لسيدات تجاوزن الخمسين لأنهن رفضن ببساطة أن يصوتن لمرشح عائلة الزوج واخترن مرشحاً آخر.
 
وأم طارق سيدة خمسينية من الأغوار لا تزال قصتها حديث لواء الشونة الجنوبية عندما حدثت معها قصة مشابهه في الانتخابات النيابية 2001 وما تزال الوساطات جارية حتى اليوم من قبل أبناءها الشباب لإعادتها للبيت وما زال الزوج الغاضب على "عصيان أمره" يرفض عودتها، وهي من جهتها تعترف" أنني لا أريد العودة، ولكن إكراما لأولادي الشباب أسايرهم"
 
والواقع أن السطوة العشائرية على قرار المرأة السياسي ليست في المحافظات فقط وإنما تمتد حتى إلى المجتمعات المحافظة في العاصمة نفسها أيضاً، فإحدى المرشحات لعضوية أمانه عمان دائرة خلدا-عمان الغربية تعرضت لضغوطات كبيرة من أفراد عشيرتها وصلت إلى ذهاب"جاهات" لزوجها لإقناعها عن العدول عن قرارها بالترشيح بحجة"أنه ماذا سيقال عن عشيرتنا ليس فيها رجال؟!".
 
كما أنه ومن خلال حديثنا مع سيدات ينوين ترشيح أنفسهن في مدينة الرمثا، والشونة الجنوبية اصطدمنا بنفس العقبة أنها ستتحدث إلينا بعد أخذ الموافقة من زوجها وبالنهاية لم نستطع لأن كلاهما لم يمنحانهما الأذن بعد.
هذه النماذج وغيرها الكثير هي السبب وراء  ضرورة التنبه إلى استثمار الصوت النسائي في المشاركة السياسية بصورة مختلفة عن سابقاتها هذا الصيف، فالحكومة بعثت لمجلس النواب قانوناً للبلديات يضمن تمثيلاً جيداً للمرأة بنسبة كوتا 20%  وأقره مجلس الأمة رغم محاولة تيار محافظ في مجلس النواب أثناء مناقشة هذا القانون التقليل من هذه النسبة قدر الإمكان ولكنه لم يستطع تحقيق ذلك لحسن الحظ.
 
وبالتالي يجب أن تزيد وتيرة نشاط القطاع النسائي لدفع المرأة لنبذ المخاوف والإقبال على للانتخابات ترشيحاً وانتخاباً، خاصة إذ ما علمنا أنه بناءً على دراسة تحليلية أجراها الباحث موسى الشيخاني أن فرص فوز المرأة في الدوائر الصغيرة بمقاعد في مجلس النواب، أفضل من الدوائر الكبيرة إذا بقيت آلية الكوتا النسائية كما في قانون الانتخاب لعام 2001. وأن اعتماد نسبة الأصوات إلى المقترعين يزيد من صعوبة فوز النساء في الدوائر ذات الكثافة السكانية بأي مقعد من المقاعد الست التي خصصتها الكوتا للمرأة"
ومن المنطقي أن تدفع هذه النتائج الفعاليات النسائية المهتمة بالتمثيل النوعي للسيدات في المجالس المحلية والنيابية للعمل بجهود حثيثة والمشاركة في اختيار مرشحات كفؤات من المحافظات والدوائر الصغيرة لضمان وصول سيدات بتدريب وخبرة جيدة إلى تلك المجالس، وعدم الاكتفاء بالنقد المستمر لهذه الآلية كما في الانتخابات السابقة، فكلنا نتذكر حجم الهجوم النسائي على نواب الكوتا الست في المجلس الحالي الرابع عشر بحجة أنهن غير كفؤات وانتخبن بعشرات الأصوات فقط بعكس سيدات العاصمة اللواتي حصلن على الآلاف ولم يصلن إلى قبة البرلمان.
 
وبالتأكيد فأن هذه الفرصة كبيرة بالنسبة للمرأة الأردنية في كل مكان، علها تستطيع المشاركة في خدمة مجتمعها المحلي بشكل مؤسسي، وتفكير سيدتين في قرية الجوفة في الأغوار-حيث المرأة هناك تحاصرها الأمية والبطالة، والعمل المضني في المزارع- لأول مرة في تاريخ القرية لترشيح أنفسهن للانتخابات البلدية المقبلة هو ثمرة  جهود حثيثة للاستفادة من هذه الفرصة.
 
ومن المأمول أن نشهد هذا الصيف في الأردن انتقال قرار مشاركة المرأة في صنع القرار، من عباءة التعيين الذي تصدت له الحكومة باستمرار، إلى صناديق الاقتراع الشعبي في اصغر مركز اقتراع لأصغر دائرة انتخابية.
 
 
 

أضف تعليقك