استمعت محكمة جنايات عمان الاحد الى شهادة رئيس المحكمة الدستورية طاهر حكمت شاهدا للنيابة ليس بصفته الحالية وإنما كصاحب رأي قانوني في قضية الكازينو والتي استعانت من خبرته لجنة التحقيق النيابية.
وقال القاضي حكمت في شهادته ان موضوع الكازينو طرح علي عام 2007 في اتصال من وزير العدل الاسبق شريف الزعبي الذي ابلغني انه بناء على رغبة رئيس الوزر اء الدكتور معروف البخيت يريد مني ان ادرس موضوع ترخيص الكازينو لإبداء رأيي القانوني فيه وحينها لم اكن اشغل اي منصب حكومي واعمل في مكتبي الخاص واتفقت مع الزعبي ان يطلب من المستشار القانوني لوزارة السياحة ان يحضر الاجتماع وكانت النقطة المبحوثة هي رغبة وزارة السياحة اعطاء ترخيص للكازينو وهذا يقضي بالضرورة تغيير تراخيص السياحة المعمول بها وبالفعل حضر المستشار ربيع حمزة والزعبي الى مكتبي وكل طرف استعرض ما عنده حول الموضوع المبحوث عن ترخيص الكازينو ,ولم يكن موضوع اتفاقية وإنما ادراج الكازينو ضمن المهن السياحية ونتيجة المداولات والحوار الذي دار لم يتم اتفاق على الموضوع من حيث جواز ترخيص الكازينو من عدمه مع ممثل وزارة السياحة حمزة ,وكان رأيي بالذات انه لا يجوز باي شكل من الاشكال ترخيص الكازينو وذلك الرأي الذي تمسكت به منطلق من تحليل في رأيي موضوعي للقواعد القانونية التي تحكم ترخيص مثل هذه المهنة .
وكان لا بد للوصول الى قناعة نهاية حول جواز ترخيص الكازينو من عدمه من مبررات قانونية موجودة في القانون اكثر مما هو موجود ة في النفوس ووصولا لهذه الغاية وجدت نفسي ابحث في المسألة من جذورها وخاصة النظام العام القانوني الذي يحكم المملكة وتحري مفهوم ما يسمى بالنظام العام كاصطلاح قانوني له مدلولاته الخاصة وانعكاسات تطبيقية ووجدت ان النظام العام في التحليل الغالب له يقوم على ان النظام العام هو مفهوم يتكون من مجموعة النظام القيمي لنظام ما او دولة ما وهو مقصود به مجموعة القوانين التي تحكمه بما في ذلك الدستور والقوانين ذات العلاقة التي تنظم علاقات الناس ومجموعة منظومة القيم الشفوية والموروثة التي تسود المجتمع وتحكم حركته وانطلاقا من ذلك كان لا بد من الرجوع الى الدستور الاردني بصورة رئيسية وواضح للجميع ان الدستور ينص على ان "الاسلام هو دين الدولة"وفي تحليلي لهذا الممفهوم يجب ان نشير الى ان ما يوجد في الدستور حول القضية ننظر اليها في القضية المعروضة ليس بمدلوله الديني الايماني المحض وانما للتوصل الى مكانة الدين والتعاليم الدينية في المجتمع ,وتوصلت الى ان هذه العبارة ليست عبارة بروتوكولية محضة تحصر دور الدين في اشياء معينة انما تتجاوزه الى عقائد الناس ومدى مفهومهم لدور الدين في حياتهم ولذلك يكون الدين جزءا من ما يسمى بالنظام العام في اي بلد، فإذا اضفنا الى ذلك بان بقية القواعد العامة تستند على مجموعة القوانين المرعية في الدولة والنافذة والمطبقة بانها بلا شك تشكل جزءا من منظومة القيم وتكونها وتساعد في تنظيمها فكان لا بد من الرجوع الى القانون المدني لتقصي عن مفهوم ترخيص القمار .
وأضاف وجدنا ان القانون المدني في اكثر من موقع يصر على ان القمار عملية مرفوضة وكل ما يصدر عن القمار ويتعلق به يعتبر باطلا لذا اضفنا ما ورد في قانون العقوبات الذي يجدر ان نتوقف عنده لنسجل انه القانون المرعي منذ عام 1960 يسلك سلوكا متشددا في هذا المضمار ويعاقب في عدد كبير نسبيا من المواد على مجموعة التصرفات التي لها علاقة بمسألة القمار.
وباستعراض هذه النصوص نتوصل الى ان المشرع كان متشددا للغاية في مسألة القمار من حيث مبدأ اللعبة ومن يزاولها وامكانية مزاولتها وترخيص مزاولتها وإدارة الامكنة التي التي يمارس بها القمار حتى الحضور للموقع التي تدار فيه اماكن القمار وكلها تعاقب عليه بشكل مشدد في عدد من المواد القانونية تدل في مجموعها على ان مسألة القمار ينظر لها المشرع على انها ضد النظام العام ويمكن اعتبار ترخيص القمار هي تجاوز على النظام العام يستحق العقاب بأشكال شتى ولا اعتقد انه هناك مجال في هذه الشاهدة باستعراض النصوص التي يمكن الرجوع اليها في قانون العقوبات.
وهناك نقطة مثيرة كانت موضع ذكر في دراستي المشار اليها وهي الادعاء بان ترخيص ما يسمى بالكازينو لا تعني بالضرورة القمار ولا ينصرف الضرورة الى القمار لهذه الغاية وجدت نفسي استعين بعدد من المراجع في هذا المضمار فكلمة الكازينو في اللغات الاوروبية هي كازا وتعني البيت والمقصود حسب قواميس اللغة فان الكازينو هو مكان مخصص للترفيه والتسلية وخاصة العاب القمار وبغض النظر عن ان هناك استعمال خاص في بعض الدول العربية في هذه الكلمة حيث يطلق على المقاهي احيانا فان ذلك لا يغير من الحقائق بانه مكان بمارس فيه القمار.
وان الادعاء بان الكازينو ليس قمار فانه ادعاء غير قابل للصمود امام المناقشة فاذا اضفنا الى هذا الاستنتاج ان الترخيص المزمع اعطاءه لهذه الغاية فيه قرائن عديدة بان الموضوع يتجاوز موضوع المقهي وبالضرورة ينصرف الى موضوع القمار هو ان العائد المزعوم الذي ستتقاضاه الدولة هو ضخم جدا لا يمكن ان يتأتى الا من العاب القمار فينصرف المعنى الحقيقي وعليه بنيت استخلاصي النهائي الذي اوصيت به بان ترخيص الكازينو سيكون باطلا بطلانا مطلقا.
ومن الاسباب التي اوصلتني الى هذه القناعة هي اسباب ترقى الى المعارف العامة التي لا تحتاج الى دليل ومن استقراء تجارب العالم هو الاتجاه في دول العالم بالغاء القمار او التشدد في ترخيصه حتى في الدولة الموغلة في عمله وفيها حرية التصرف وحرية الافراد فإنها تضع قيودا متشددة جدا على انشاء اماكن عمل القمار حتى ان مدنا كاملة انشأت بعيدة عن المدن المأهولة بالسكان لتكون بعيدة عن متناول الناس العاديين الذين سيسهل تضررهم من عملية القمار.
واذكر انه بعد فترة التقيت مع الرئيس البخيت وأثار موضوع الكازينو فهمت منه انه نتيجة للظروف التي احاطت في تقديم وزير العدل الزعبي له بموضوع الدراسته والجو الذي ساد المقابلة فان البخيت لم يكن قادرا على الاستمرار في قراءة الملف وبعد ان امسكه والقى به جانبا ولم يعد اليه ليقرأه وبالتالي يبدو انه قد اطلع على مقدمة الرأي التي تبدو انها تبرير ديني الذي لا ادعيه بل هو الظروف الموضوعية التي تؤثر على موضوع القرار.