ضم المواقع الالكترونية لقانون المطبوعات مقابل إعلانات

ضم المواقع الالكترونية لقانون المطبوعات مقابل إعلانات
الرابط المختصر

يأتي مشروع تعديل قانون المطبوعات والنشر لضم المواقع الالكترونية، الذي ستقدمه الحكومة لمجلس النواب لمناقشته وإقراره، في محاولة أسمتها الحكومة “تنظيما” للمواقع الالكترونية واعتبرها إعلاميون وقانونيون “تقييدا” لها.

الانضمام لقانون المطبوعات والنشر سيكون “خياريا”، فالمواقع المسجلة رسميا هي فقط التي ستخضع للقانون، وهي فقط المحظية بامتيازات الحكومة من إعلانات ودعوات للقاءات الرسمية. وتسجيل الموقع وترخيصه، وقد يكون ذلك عبر دائرة المطبوعات أو نقابة الصحفيين، عملية اختيارية يقررها الموقع.

وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال ورئيس لجنة الاستراتيجية الإعلامية، عبدالله أبورمان، ينسب مشروع التعديل إلى الاستراتيجية الإعلامية التي “أوصت بالاعتراف بالمواقع الالكترونية كإعلام، وذلك عبر تسجيل اختياري للمواقع الالكترونية عبر دائرة المطبوعات والنشر أو نقابة الصحفيين، وإيجاد بند في قانون المطبوعات والنشر له علاقة بالتسجيل الاختياري للمواقع الالكترونية. وهذا موضوع حوار في عهدة مجلس النواب”، يقول أبورمان لعين على الإعلام.

ويبين عضو لجنة الاستراتيجية الإعلامية وأمين عام وزارة التنمية السياسية، مالك الطوال أن “النص المقترح في تعديل قانون المطبوعات والنشر هو دعوى لمن يرغب وبشكل اختياري بأن يسجل نفسه ليصبح له شخصية قانونية. وأعترف أن هناك تنازل من الموقع الالكترونية بمساحته الممتدة في العالم كله لكي يعطي لنفسه شخصية وطنية أردنية خاضعة للقوانين الأردنية، لكن هذا أمر اختياري بأن يوازي بين ما سيتنازل عنه وبين الامتيازات المعروضة عليه”.

والامتيازات، كما يعرفها الطوال، أن “تعترف الحكومة بالموقع كوسيلة إعلامية رسمية بحيث يتم دعوتهم إلى كافة النشاطات الرسمية والمؤتمرات الصحفية الرسمية، وسيصبح لهم رقم ضريبي وبالتالي قبول الدعايات والإعلان بشكل شرعي”.

ولا يعتبر الطوال ذلك تمييزا ولا توظيفا للاعلانات والدعوات ومصادر المعلومات للسيطرة على وسائل الإعلام. ويقول لعين على الإعلام: “الباب مفتوح للجميع لأن يقرروا سياستهم كمواقع الكترونية والاختيار بين أن يبقوا في سماء العالم ويتمتعوا بحريتهم المطلقة وقد تكون ناجحا أو فاشلا، أن تكون مهنيا أو غير مهنيا، وبين أن تتنازل خطوة وتستفيد من الامتيازات المطروحة عليك”.

انتقادات للمشروع الحكومي

وفي حين شارك في صياغة المشروع الحكومي لتعديل القانون مجلس نقابة الصحفيين و13 موقعا إلكترونية، يواجه المشروع انتقادات إعلاميون وقانونيون لما فيه من تقييد للإعلام الالكتروني ومحاولة ليسطرة الحكومة عليه.

الكاتب الصحفي والمدير العام لموقع عمان نت وراديو البلد داود كتـّـاب، يقول إن الحكومة عندما “تقدم مشروعا لضم بعض المواقع الالكترونية دون القدرة على ضمها جميعها، وإنما جزءا منها، تخلق بذلك جسما غريبا داخل الوسط الإعلامي عن طريق شرائهم واحتوائهم ليدخلوا في هذا التسجيل الطوعي”. ويصف هذا إجراء غير الموجود في العالم سوى في الأردن، بأنه “تجريب وتخبط ويدلل على عدم وعي باتخاذ اجراءات غير مناسبة ولا طبيعية أو شرعية لتمرير مسألة يعلمون أن فيها خطأ”.

“المفروض أن يكون الإعلام حرا ومتساويا في الحقوق ومستقلا اقتصاديا وتحريريا. اليوم تكرر الحكومة ما قامت به قبل خمس سنوات، وما يزال قائما، عندما فرضت على الإذاعات التي تبث أخبار أن تدفع رسوم إضافية بنسبة 50%. عندما تضع حوافز أو غرامات على الإعلام تحاول بذلك السيطرة وجذبه لجهة حكومية، وبذلك تستمر وتتوسع سيطرة الحكومة على الإعلام والمتمثلة في ملكيتها لمؤسسات إعلامية من صحف يومية وإذاعات وتلفزيون ووكالة أنباء، وتزيد الهوة بين الإعلام الحكومي والإعلام المستقل، وتفرز مواقع الكترونية حكومية وأخرى مستقلة. والأصل أن يكون الإعلام حرا ومستقلا”، يقول كتاب.

ويحذر الكاتب من “التكلفة السياسية العالمية التي ستدفعها الحكومة، وما سيواجه المشرع الأردني من كلفة تشريع قوانين مقيدة للإعلام، من دون يتمموا هدفهم وهو السيطرة على المواقع الالكترونية. ولن يستطيعوا السيطرة على الشبكات الاجتماعية والإعلام الجماهيري ولا على مواقع إخبارية مثل موقعنا، فلن نقيد أنفسنا من أجل إعلانات”.

قانونيا، يوضح المحامي الخبير في الجرائم الالكترونية د. يونس عرب، لعين على الإعلام، أن “تعريف الموقع الالكترونية داخل قانون المطبوعات والنشر يعني أن هذا الموقع الالكتروني قد خضع لجميع أحكام هذا القانون وأصبح جزءا منه، بغض النظر عن أنه قد يرد مواد خاصة بالموقع الالكتروني أم لا، لأن إيراد تعريف الموقع الالكتروني ليس عبثا بل لأنه جزء من التشريع ومما تقع عليه الأحكام”.

ويتابع: “إخضاع المواقع الالكترونية لقانون المطبوعات والنشر يعني إخضاعها لبيئة صممت للصحافة الورقية ولمعايير الرقابة على الصحافة، وسيجعل الفضاء الديمقراطي المقبول في البيئة الرقمية بحكم طبيعتها مهددا من قبل تشريعات وطنية، في وقت يكون بإمكان تأسيس موقع من خارج الأردن غير تابع لترخيص ويتناول مواد إعلامية أردنية أكثر من أي موقع أردني آخر”.

ويلفت عرب إلى أن الملاحظات العديدة على قانون المطبوعات والنشر، “وأهمها أن كل التعديلات التي لحقت به منذ عام 2007 استهدفت تضييق حرية الرأي والانتقاد”.

أما عن إمكانية تطبيق تعديل القانون، فبين عرب أن “المواقع الالكترونية تنتسب إلى البيئة الرقمية، وهي بيئة سهلة فيها حرية واسعة ولا تحتاج إلى إمكانيات مالية ضخمة لغايات الشروع بالعمل فيها، المواقع الجيدة تثبت نفسها والسوق ينظم نفسه، المعايير الصحفية قد تكون متبعة في بعضها وغائبة عن بعضها الآخر. فأن ننظمها ضمن قانون المطبوعات والنشر يعني أن نخضعها لشروط ترخيص قانونية، فالمطبوعات لها ضوابط من ناحية من يقوم بترخيصها والموافقات الأمنية الخاصة به والاشتراطات المتعلقة برأس المال وغيره. بتقديري أيا كانت هذه الشروط، وحتى لو كانت ميسرة، ستؤدي إلى التضييق على نطاق العمل في البيئة الرقمية. وهنا لا نتحدث عن الـ13 موقعا وإنما عن اكثر من 110 مواقع صحفية تخص الساحة الأردنية. الكثير من هذه المواقع لن يكون قادرا على التوافق مع متطلبات الترخيص الرسمية”.

لكن خبير الجرائم الالكترونية يؤكد على ضرورة تنظيم المواقع الالكترونية. “أنا ممن يطالبون منذ عشر سنوات بتنظيم البيئة الرقمية عبر سلسلة تشريعات تتلاءم مع البيئة الرقمية ولا تتلاءم مع المفاهيم التقليدية الخاصة بوسائل الإعلام الأخرى التي تخضع لمعايير واعتبارات مختلفة تماما”.

“الموقع الالكتروني قد يكون فاعلا أكثر من صحيفة يومية بمئة مرة ولا يديره سوى شخصين أو ثلاثة أشخاص. وعندما أقول انه يجب أن يكون مرخصا أي أنه يخضع لإجراءات النقابة ودائرة المطبوعات والنشر. والأخطر أنه سيقيد حرية التعليق والانتقاد، وهي الحرية المطلقة التي لا يسأل عنها الموقع في دول مثل بريطانيا إلا إذا كان الموقع متحكما بالسيطرة على التعليقات”، يضيف عرب.

لا شفافية في إجراءات التعديل

“تصورات عديدة حول تعديل القوانين المتعلقة بالإعلام واقتراحات قدمت من إعلاميين ومختصيين” يوضح الوزير أبورمان، مضيفا أن “الحصيلة كانت تعديل قانون المطبوعات والنشر بحيث يوفر ضمانات إضافية تعزز مناخات الحرية وتدعم الإعلام الجديد وتعترف به، فلا يوجد في قانون المطبوعات الحالي أي بند يتعلق بالإعلام الجديد ومنها المواقع الالكترونية”.

ويؤكد عضو لجنة الاستراتيجية وأمين عام الوزراة، الطوال، على عدم تفرد الحكومة بقرار التعديل، ويقول لعين على الإعلام أن “صياغة القانونين المقترح تعديلهما الآن تمت ما بين الحكومة ونقابة الصحفيين وعدد من أصحاب المواقع الالكترونية وعرضت عليهم الصيغ الأولية التي اقترحتها الحكومة وطلبنا من نقابة الصحفيين مساعدتنا في صياغة المقترحات قبل تقديمها للبرلمان وكان اللقاء مع دولة رئيس الوزراء. وستواصل النقابة والمعنيين بالأمر التشاور مع مجلس النواب. وبالتالي فإن عملية التعديل تمر في أكثر من مرحلة للتصفية حتى يتماشى المخرج النهائي مع روح الاستراتيجية لرفع سقف حرية التعبير”.

أما الكاتب ومدير عام موقع عمان نت، كتاب، فيلفت إلى “مشكلة إجرائية”، “فمن غير الواضح لغاية الآن إذا ما كان مجلس الوزراء أقر مشروع تعديل القانون، خصوصا بعد استقالة وزير الدولة لشؤون الإعلام طاهر العدوان. الخطورة تكمن عندما تسير الأمور بطريقة غير سليمة مثل قضية الكازينو، أي تمرير الأوراق وتوقيعها في البيوت، وكأن هناك ألاعيب لتمرير مشروع التعديل رغما عن الحكومة والأطراف المعنية. أولا عدم الإعلان عن موقف مجلس الوزراء، ثانيا عدم الأخذ برأي خبراء من داخل الحكومة مثل طاهر العدوان، ثالثا عقد اجتماعات جانبية مع مجموعات مختلفة”.

ويرى المحامي عرب أن “الطريقة التي تم فيها صياغة هذه التعديلات لا تستهدف رفع سقف حرية الإعلام وإنما تقييده، ومن يشارك فيها من مواقع الكترونية ونقابة الصحفيين يتحملون وزر التعدي على حق دستوري وسيأتي الزمن الذي سيحاسب فيه جميعهم على مسألة التعدي على المشروعية”.

ويقول لعين على الإعلام: “صناعة القانون في الأردن لم تعد محلا لأهلها بل أصبحت محلا للتوجهات والأشخاص وأصبحت حكم شخوص لا حكم نصوص، من تدخلات الأجهزة الأمنية والتداخلات الحاصلة في الحكومة وانعكاس وجهات نظر الأشخاص على صناعة القانون. وهذا ما أصبح يحدد توجهات ومحتوى التشريع وهو ما يؤثر على مشروعية هذا التشريع وليس فقط عدم دستوريته وتضمنه أحكام مخالفة للمفاهيم والمبادئ التي يقوم عليها التنظيم القانوني وتهدد مبدأ سيادة القانون لأن القانون الذي يجب أن يسود هو القانون المشروع. فأصبحنا أمام قوانين يمكن وصفها بأن فيها تعدي على الشرعية والدستور وإن كانت تأخذ شكل القانون المفترض احترامه وإنفاذه”.

لكن الباب ما يزال مفتوحا، كما يقول أمين عام الوزارة الطوال، “وبإمكان أي موقع أن يقدم مقترحا لرئيس الوزراء بشأن تعديل القانونين أو بشأن ما جاء في الاستراتيجية الإعلامية، وذلك عبر تقديم المقترح لمعالي وزير الدولة لشؤون الإعلام لكي تكون جزءا من المراجعة المقدمة لمجلس النواب”.

للاستماع للبرنامج والاطلاع على مختلف المواضيع الإعلامية.. زوروا موقع

عين على الإعلام

أضف تعليقك