ضعف الرقابة: العامل الأساسي لأزمات التسمم

الرابط المختصر

عكس تكرر حالات تسمم الشاورما في أكثر من مدينة" اربد،الرصيفة، الزرقاء، مادبا وعمان" بل وتكرارها في نفس المطعم ثلاث مرات في مخيم البقعة خللاً في الرقابة الحكومية...على المطاعم بشكل عام وتهاوناً في تطبيق الأنظمة التي تضمن سلامة الأطعمة فيها.
ورغم توزع مهام الرقابة الحكومية ما بين مديريات وزارتي الصحة والبلديات، إلا أنه وللمفارقة أظهرت هذه الحالات التي تسببت بتسمم ما مجموعه 2860 مواطناً حتى الآن، ضعفاً في التنسيق بين تلك الجهات التي من المفترض أن يكون عددها كافياً للقضاء على التجاوز التي تمارسه أي مؤسسة مسؤولة عن تقديم الغذاء للمواطن.
ويرى مدير مؤسسة الغذاء والدواء السابق الدكتور فتحي صالح، في تصريحات صحفية "أن العديد من مراقبي البلديات يفتقرون إلى الخبرة والخلفية التدريبية"
وهو الأمر الذي دافع عنه مساعد مدير الرقابة في مؤسسة الغذاء  محمد الخريشة بالقول" إن الكوادر الرقابية فنية ومتخصصة ومؤهله للقيام بواجباتها على أكمل وجه"
 ورداً على ما أثير حول تقاضي بعضهم رشاوى من مطاعم لغض الطرف عنها، وعدم التزام البعض الآخر بالجولات التفقدية خاصة في المناطق البعيدة والمطاعم الشعبية وتهاونهم في أداء واجبهم والاكتفاء بزيارة المطاعم القريبة والكبرى، قال الخريشة "إنه وبعد الحوادث الأخيرة تم تزويد المراقبين بقوائم تفقدية معتمدة لضمان عدم الشخصنة وهم لا يطبقون أهوائهم هم يطبقون قانون ولوائح وأنظمة"  
وقلل الخريشة من أهمية قلة الكوادر في الرقابة وحمّل المواطن المسؤولية الأساسية في الالتزام بالشراء من المطاعم الموثوقة التي تطبق شروط السلامة العامة في عملها، ولا فرق ما بين إذا كان الكادر يتكون من مئة أو 800 فالأصل الالتزام من أصحاب المطاعم ون ينتقي المواطن الأفضل منها"
ويبدو أن مبادرة وزارة الصحة باستحداث غرفة عمليات مركزية لمتابعة الإجراءات الرقابية على المطاعم ومحلات المواد الغذائية، لم تنفع في الحد من هذه المشكلة بل تفاقمت ووصلت إلى إصابة 220 مواطنين في مخيم البقعة حتى تاريخ إعداد هذا التقرير والعدد للأسف مرشح للزيادة نتيجة لفترة حضانة جرثومة "السالمونيلا" المسببة للتسمم، وهذا يعيد للأذهان بشكل مؤلم فترة حضانة جرثومة مياه المنشية في وقت سابق.
أمين عام وزارة الصحة للشؤون الفنية الدكتور علي اسعد قد بين "أن الهدف من استحداث غرفة العمليات تنفيذ إجراءات وقائية واحترازية مكثفة للحد من حوادث التلوث والتسمم فضلا عن التأكد من التقيد بشروط السلامة الصحية للحفاظ على صحة وسلامة المواطنين، ومنحت صلاحيات إغلاق أي محل أو مؤسسة غذائية لم تتقيد بالشروط الصحية الواجب توفرها مؤكدا انه سيتم اتخاذ إجراءات قانونية رادعة بحق المخالفين"
إلا أن المطعم ، الذي تسبب بتسمم مواطنين في البقعة سبق وأن كرر هذه الحادثة للمرة الثالثة على التوالي-بحسب أهالي المخيم- ولم يتم إغلاقه إلا هذه المرة.
واعتبر الكاتب الصحفي فهد الخيطان أن وزارة الصحة ومؤسسات الرقابة الأخرى" تعاني من نقص كبير في عدد الكوادر الفنية المؤهلة للقيام بالمهمات الرقابية، ويتابع أن حادثة تسمم البقعة كشفت تدني مستوى النظافة في تلك المطاعم, لكن الأهم من ذلك انه كشف ضعف الرقابة الصحية وتداخل الصلاحيات بين جهات الرقابة الحكومية وغياب الوعي الصحي لدى العاملين في هذا القطاع بالإضافة إلى ثغرات تشريعية تسمح للمخالفين بالإفلات من العقاب".
هذا وتم إيداع صاحب المطعم في السجن وسيتم إحالته للقضاء وأكد الدكتور محمد ذنيبات وزير تطوير القطاع العام ووزير الصحة بالوكالة أنه سينال العقوبة الرادعة "
ولكن مفهوم العقوبة الرادعة في هذه القضية لا تتجاوز الحبس لمدة سنة في أقصى الحالات وغرامة قيمتها خمسين ديناراً، وهي بالتأكيد عقوبة لا تتناسب مع هذا العدد من المصابين وحالة الوفاة التي تسببت فيها حتى لو أستخدم القاضي السلطة التقديرية وتطبيق العقوبة الأشد في القانون.
 إذ أنه في القانون الأردني يعاقب من يتسبب بإحداث إصابات بأشخاص نتيجة لتناول مواد غذائية غير صالحة بالحبس بين ثلاثة أشهر وسنة، وفقاً لقانون الغذاء والدواء في المقابل يعاقب قانون الحرف والصناعات بالحبس مدة لا تتجاوز الشهر أو بغرامة لا تتجاوز الخمسين دينارا أو بكلتي العقوبتين.
ويكشف ذلك بوضوح أن  لضعف الجانب التشريعي دوراً في إضعاف الرقابة نفسها، بالإضافة إلى التهاون الحكومي في تطبيق القانون من جهة وعدم الالتزام من قبل عدد من المراقبين على المطاعم بالقيام بواجبهم من جهة أخرى ويقابله بالتأكيد غياب المسؤولية لدى أصحاب المطاعم المخالفة.

أضف تعليقك