صرف الرواتب مبكراً ينعش الأسواق

الرابط المختصر

رأى خبراء ان قرار الحكومة صرف رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين منتصف الشهر الحالي يشكل حلا لمشاكل شريحة واسعة من المجتمع ممن سيثقل عليهم استقبال العيد قبل استلام الرواتب، كما انه سينشط الحركة التجارية في الاسواق خلال الاسبوع الاخير من رمضان وفي ايام العيد.

غير ان هؤلاء حذروا من تبعات صرف الرواتب مبكرا لما سيتسبب به من مشاكل لاحقة حين يجد الموظفون انفسهم بعد العيد مضطرين لانتظار نحو 45 يوما قبل استلام الراتب التالي، خصوصا أن ضخامة المصروف المرتبط بأواخر رمضان والعيد سيستنزف المبالغ المصروفة.

وقال وزير المالية باسم السالم للغد ان رئيس الوزراء نادر الذهبي أوعز إلينا بصرف رواتب موظفي الحكومة ومتقاعديها لشهر أيلول (سبتمبر) الحالي قبل عطلة العيد المقررة.

وتصل قيمة رواتب الجهاز المدني، للموظفين العاملين والمتقاعدين، إلى 250 مليون دينار موزعة على 220 ألف متقاعد و180 ألف موظف ما يزالون على رأس عملهم.

الخبير الاقتصادي حسام عايش قال إن صرف الرواتب المبكر يشعر المتلقي بسعادة لحظية مع نهاية رمضان وبداية العيد لكنه سيتعرض لضغوط كبيرة عندما يعيش الشهر التالي كاملا دون ان يتمكن من الانفاق.

واكد عايش ان القرار مفيد لكنه اقترح على الحكومة ان تنفذه بطريقة مختلفة هذا العام كأن تصرف ربع الراتب او نصفه فقط لضبط الاموال في فترة حرجة والسماح للموظفين بإبقاء ما تبقى من الراتب حتى نهاية الشهر.

وقال "المواطنون سيكون لديهم سيولة عالية في فترة انفاق كبير ثم سيضطرون الى ربط الاحزمة على البطون طوال الفترة التالية وحتى صرف الراتب اللاحق"، موضحا ان الفترة الطويلة بين راتب الشهر الحالي وراتب الشهر الذي يليه سيفاقم المشكلة بعد انتهاء العيد. "النتيجة دغدغة مشاعر الناس وحثهم على الانفاق".

واشار عايش الى انه كان الاولى عدم الاعلان عن الموضوع الا قبل صرف المبالغ بيوم او يومين حتى لا يرتب الناس على انفسهم التزامات تفوق قدراتهم، "بمعنى انه كان على القرار ان يكون اكثر سرية".

واقترح في حال كانت الامكانات الفنية لوزارة المالية لا تسمح بتجزئة الراتب ربما يجب التفكير بإعادة النظر في القرار قبل فوات الأوان.

واوضح ان الالتزامات الكثيرة المتزامنة ستضاعف مصاريف الناس الامر الذي سيدفعهم للعيش بصعوبة بالغة بعد انقضاء العيد وسيدفع كثيرين الى الاستدانة.

ولفت عايش الى لجوء كثيرين الى البطاقات الائتمانية بديلا عن السيولة النقدية، وهي قروض يترتب سدادها بشكل شهري.

وفيما يخص الحركة التجارية توقع عايش ان تنشط مع صرف الرواتب المبكر وان يندفع كثيرون للوفاء بمستلزمات رمضان والاعياد والانشطة السياحية لتسجل زيادة ملحوظة، غير انه سيكون نشاطا مؤقتا سينعكس سلبا في وقت لاحق ويتحول الى ركود.

وقال إن موعد صرف الرواتب الاصلي والذي يصادف بعد العيد بيومين كان سيدفع الناس الى الاقتصاد واختصار مصاريف غير ضرورية او غير ذات اولوية، وهو ما يعني ان تصاب الحركة التجارية بالشلل.

وختم عايش بالقول إن القرار قد يكون ايجابيا الان لكن عواقبه ستكون وخيمة اذا لم يكن المواطن راشدا في مصروفه وابواب انفاق راتبه.

من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي مازن مرجي ان الصرف المبكر للرواتب سيكون له اثر محدود على الاسواق، فمن يعتمدون على الراتب فقط هم ذوو الدخل المحدود الذي تذهب رواتبهم في ابواب انفاق محددة وسيسعون الى استكمال احتياجات رمضان والعيد من ملبس ومأكل.

وتوقع مرجي ان يكون اثر القرار الحكومي حال اتخاذه مقتصرا على ما اسماه "اسواق العيد" وهي سوق محددة لا تشمل السوق ككل، فالرواتب لا تشتري سلعا معمرة.

وقال إن التأثير اللاحق لهذا القرار سيكون سلبيا لانه سيترك الناس لمدة 40 – 45 يوما من دون رواتب ما سيوقعهم في مشلكة ركود وعدم قدرة على الصرف، داعيا الى تأجيل صرف الرواتب الى ما قبل العيد مباشرة.

 استاذ الاقتصاد الجزئي في الجامعة الاردنية عبد خرابشة رأى في صرف الرواتب منتصف الشهر حلا لمشكلة الناس في توفير مصروف العيد والتزاماته.

واضاف خرابشة ان ضخ مبالغ الرواتب في الاقتصاد الوطني سيحرك الاقتصاد خلال العيد والفترة التي تسبقه.

وقال "واقعيا كل رب اسرة عقلاني سيرشد في انفاقه ويوزان بين النفقات الضرورية وغير الضرورية وسيوزع الدخل بطريقة تضمن ابقاء مبلغ لبعد العيد يمكن التصرف فيه لحين مجيء الراتب التالي"، فيما يظل خيار الاستدانة قائما امام من تضطره ظروف رمضان والعيد والمدارس الى استهلاك كامل مبلغ الراتب خلال الفترة الاولى من استلامه.

وارتأى في صرف رواتب الشهر الذي يلي رمضان في وقت ابكر من المعتاد ايضا حلا ممكنا، في حال ضج المواطنون بضيق الحال قبل حلول موعد الراتب اللاحق.