صحفيون برسم المصداقية

صحفيون برسم المصداقية
الرابط المختصر

  في الثاني عشر من الشهر الجاري نشر موقعي "سرايا نيوز" و "اجبد" "مادة" إعلامية ما حول عدد من الصحفيين الذين اتهمهم الموقعين بالقبض من مسؤول أو جهة حكومية ما لتشويه صورة رئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله.
لم تفصح "المادة" أو كاتبها أو ناشرها عن أسماء هؤلاء الصحفيين إنما ألمحت لهم تلميحا، لكن الامر لم يكن يحتاج كبير عناء من الصحفيين أو المتابعين للشأن الإعلامي لمعرفة من هم الصحفيون المقصودين في المادة.

بعد ثلاثة أيام عاد الموقعان لنشر "مادة" ما عن صحفيين "قبضوا" من رئيس الديوان السابق باسم عوض الله للكتابة ضد المعسكر الآخر.
لم يثر نشر المادتين هاتين ردود فعل "علانية"، بمعنى لم يكتب أحدا حولها، لكنها أثارت ردود فعل قوية في الوسط الصحفي، وبدأت حملة التكهن والتشكيك والاتهامات المتبادلة.


هل يحق لمحرري المواقع شطب او إضافة أو تحرير المواد المنشورة؟
قبل الخوض في الموضوع، كان لافتا للنظر أن موقع "اجبد" أزال المادة تماما من على الموقع ومن الأرشيف. ما يطرح سؤالا حول "مهنية" و "أخلاقية" هذا العمل في الصحافة الالكترونية.


من المعروف ان صحافة الانترنت، تتيح للصحفيين، خلافا للوسائط الاخرى، حرية التعديل والتصحيح والحذف والإضافة والتدقيق. فهل يعني هذا أن يتصرف محررو  المواقع بدون أي اعتبارات للمصداقية والمهنية في "تحميل" و "نشر" المواد.
هل يجوز للمحرر شطب أو الإضافة أو التعديل على أي مادة تم نشرها. وفي أي اتجاه ممكن ان تجري عملية "إعادة تحرير المادة".


ما فعله موقع "اجبد" تمارسه عمليا كل المواقع "المحلية" على الشبكة بطريقة أو اخرى، خاصة في المقالات والتعليقات والأخبار، منهم من يخضع للرقابة الحكومية فيقوم بإزالة مادة ما كما حصل ذات مرة مع موقع "عمون" عندما "شطب" احد مقالات مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية في عمان، رندا حبيب، حول نفس الموضوع، الخلاف مع عوض الله.


ومنهم، أو اغلبهم، من "يخضع" لإغراء" أو "ابتزاز" المعلقين فيقوم بالإضافة والشطب والتعديل وفقا لأهواء هؤلاء وطلباتهم.
والحال فإن اغلب المواقع تقوم بنفس الفعل، وخاصة في التعليقات، التي تظهر وتختفي وتعدل وتحرر.


وكذلك، فان التفاعلية هذه بدأت تؤثر في طبيعة اختيار وتقييم نوعية المادة أو الكاتب الذي "يستحق" النشر أكثر من غيره ويستحق "البروزة" والاهتمام" أكثر من غيره لأنها مادة "بيّاعة" أو كاتب "محبوب" يحصد اهتماما وتعليقات أكثر حتى لو على حساب الجودة.


وهذا الأمر يعيد طرح السؤال الأساس في العمل الإعلامي، هل يعمل الإعلام على طريقة "الجمهور عايز كده"؟؟
وهل مقياس "نجاح" الموقع هو "جماهيرته" وشعبيته أم التزامه مبادئ أخلاقية ومهنية ومستوى إعلامي مستقل ومتوازن غير خاضع لجمهور متلق متعدد المشارب والأهواء ومتفاوت في مستوى الثقافة؟.


تجيش لصالح من؟
عاشت البلد قبل أشهر حالة احتقان شديد، بفعل الخلاف الذي كان دائرا بين من وصفوا بـ"الليبراليين الجدد"، و "تيار الدولة" أو "الحرس القديم.


وقد حاول الملك عبدالله الثاني أكثر من مرة التدخل في الحوار، وخاصة في دور الإعلام، إلا أن الأمر لم ينتهي الا بإقالة باسم عوض الله، رئيس الديوان السابق الذي اتهم بكل "الشرور" وتمت شيطنته بالكامل بدون تقديم دليل واحد على كل الاتهامات التي طالته إعلاميا، وخاصة في المواقع والتعليقات التي تركت على الغارب لاتهام الرجل بدون إقامة أي دليل.


لم يكن معروفا على نطاق واسع أن مدير دائرة المخابرات العامة المقال، محمد الذهبي، هو من كان يحرك او "يجيش" الإعلام ضد هذا التيار حتى تمت إقالته من منصبه فتوالت المقالات التي امتدحت الرجل وامتدحت حرصه على البلد وشجعت "تدخله" في عمل الإعلام، لا بل ان صحفيين كبار لم يتوانوا عن امتداح او تفهم او "غض النظر" عن تدخله في الإعلام طالما ان الامر يتعلق بـ"قضية" بغض النظر عن "امننة" الإعلام او تغول الأجهزة الأمنية على العمل الإعلامي واستقلاليته.


بالامكان مراجعة المقالات التالية، للاطلاع على ما كتب حول تدخل الذهبي في الاعلام، سواء من وجهة نظر محايدة وموضوعية واخبارية بحتة، كما هو الحال عند رنا الصباغ وسعد حتر وغيشان، أو من وجهات نظر مؤيدة كما هو الحال عند ناهض حتر والنائب حدادين الى حد ما :


ناهض حتر، موقع كل الاردن، 29/12/2009
رنا الصباغ، صحيفة الحياة، 13/1/2009.
سعد حتر، صحيفة السجل الاسبوعية، 1/1/2009.
نبيل غيشان، صحيفة الحياة، 29/12/2009.
النائب بسام حدادين، صحيفة "الغد"، 8/1/2009. واخرين..

في المقابل لم نجو عوض الله من الاتهامات بتجيش الإعلام والدفع وشراء ذمم صحفيين وتوظيف أقلامهم ضد التيار المعارض، وقد نشر موقع "اجبد"، 15/1/2009، مادة حول خمس صحفيين اتهمتهم بقبض مبالغ مالية من "ابو البسم"، يعني باسم عوض الله. الا ان الموقع شطب المادة مرة اخرى.


كما كتب عمر كلاب في موقع "مرايا" حول ما وصفه بـ" ميليشيا عوض الله تلملم الأشلاء على ايقاع رحيل الذهبي"...
أدى الخلاف بين، ما أصبحنا نعرفه الان، باسم عوض الله ومحمد الذهبي، الى حالة احتقان شديدة في البلد وخاصة في مسألة الوحدة الوطنية، والآن في التشكيك بالصحافة الصحفيين.


وبلا شك فأن دخان هذه الاتهامات ليس بدون النار، والدلائل كثيرة على وجود فساد ما في الوسط الصحفي، ومع ذلك فأن أحدا، وخاصة في نقابة الصحفيين لم يحرك ساكنا لوقف هذا التراشق وإعادة المصداقية للصحافة التي تكاد تفقدها.
* هذه المادة هي تقرير لبرنامج "عين على الإعلام" الذي يبث على "راديو البلد".


لاحقا برر رئيس تحرير موقع "اجبد" شطب "المادة"، في اتصال مع البرنامج، بسبب تلقي محرري الموقع اتصالات كثيرة " طالبت بالمونة والضغط" شطب المادة...