صحافتنا في دافوس..إعلام اقتصادي مبتهج

صحافتنا في دافوس..إعلام اقتصادي مبتهج
الرابط المختصر

للمرة الخامسة يبدو الأمر وكأنه "عرس اعلامي" من نمط معروف، فباستثناء صحيفة "السبيل"، فقد استنفرت باقي الصحف المحلية اليومية وأرسلت بالعديد من مندوبيها ومن مختلف الأقسام الى البحر الميت حيث انعقد المنتدى الاقتصادي للشرق الأوسط المعروف اعلاميا وشعبياً بـ"دافوس الأردن" أو "دافوس البحر الميت" في الفترة ما بين 15 الى 17 أيار الحالي.


لكن المتابع سيكتشف أنه حتى صحيفة "السبيل" لم تشر لا تلميحاً ولا تصريحاً الى أن هناك موقفاً يكمن وراء غياب مندوبيها عن التغطية الميدانية، فهي أيضاً أفردت مساحات لا بأس بها لتغطية الحدث، ولكنها تغطية جاءت على شكل أخبار وتقارير منقولة عن وكالة الأنباء الرسمية "بترا".
 
ثلاث صحف هي "الرأي والغد والدستور" باشرت بالاحتفاء بالمنتدى حتى قبل افتتاحه، فقد أصدرت ملاحق وصفحات خاصة اكتظت بالمواد الأرشيفية من المنتديات السابقة شملت صوراً وتقارير وآراء، الى جانب مواد حديثة عن التوقعات من المنتدى الجديد.
 
جميع الصحف، باستثناء "السبيل" أيضاً، وضعت تصميماً خاصاً لترويسة الصفحات الخاصة بأخبار المنتدى، وقد تميزت التصماميم بلمسات اخراجية وألوان مستلهمة من اللون الأزرق المعتمد في دافوس. كما تعاملت الصحف بكرم كبير في الصور المنشورة التي لم يكن بمقدور المحررين أن يرفقوها في كل مرة بالتعليقات أو الشروحات التي توضح موضوعها أو الشخصيات الظاهرة فيها أو سبب اختيارها دون غيرها، وعلى سبيل المثال نشرت "الرأي" في تغطيتها لليوم الثاني للمؤتمر عشرات الصور بينها 17 صورة جاءت متجاورة احتلت حوالي صفحة ونصف الصفحة، لكنها جميعاً خَلَت من أي شرح أو توضيح عن سبب عرضها.
 
كانت الصحف كريمة للغاية في المساحات كذلك، فقد أعطت "الرأي" في أحد الأيام أكثر من 14 صفحة منها الصفحة الأولى من كل من الجزئين الأول والثاني، كما قامت "الدستور" بتقديم أخبار المنتدى الى الجزء الأول وتم الدفع بباقي الأخبار المحلية بما فيها المهمة الى الصفحات الداخلية.
 
لقد كانت صفحات الاقتصاد على مدى أيام في غاية في البهجة والفرح، وكيف لا يكون الأمر كذلك؟ فالقارئ يعثر في الصفحة الواحدة على أخبار بمليارات الدولارات. ومن الطبيعي والحال هذه أن خبراً عن بضعة ملايين سيندحر الى الصفحات الخلفية فما بالك بأخبار المشاكل والأزمات؟ لقد تراجعت اخبار الاقتصاد المحلي أو اختفت نهائياً أو تم الزج بها مختصرة بين باقي الأخبار.
 
كان الابتهاج يعني الترويج والترحيب بكل الكلام الذي قيل في البحر الميت، وقد انسحب ذلك على الآراء والمقالات التي نشرت حول الحدث، وباستثناء ما كتبه سلامه الدرعاوي وزميله فهد الخيطان في صحيفة "العرب اليوم" من آراء تطرح تساؤلات أو تشكك بالمنتدى باعتباره مجرد فقاعة اعلامية بحسب الخيطان، فإن أغلب الآراء جاءت مرحبة متفائلة، أما صحيفة "السبيل" فقد اختارت أن تنشر تقريراً ضم بعض الآراء لمختصين من خارج الصحيفة بعضهم من المعارضين أو المنتقدين للمنتدى الى جانب آراء مؤيدة.
 
غير أن اللافت كذلك هو تصدي بعض الكتاب والتعليقات لرأي القيادي الاسلامي رحيل الغرايبة الذي أبدى معارضة للمنتدى على أحد المواقع الالكترونية، فتصدى له أكثر من كاتب في الصحف اليومية، فكتب كل من سامي الزبيدي في صحيفة "الرأي" وجميل النمري في "الغد" رأياً فيه إشارات واضحة لموقف الغرايبة، وفي "الغد" أيضاً نشر "تقرير اخباري" موسع ضم آراء نُسبَت الى "مراقبين" انتقدت موقف رحيل الغرايبة.
 
لكن كيف استطاع مندوبو الصحف أن يوحدوا موقفهم بتلك الصورة؟ ألم يكن هناك ما يكتبوه في سياق آخر؟
 
في الواقع إنهم لم يتمكنوا من السيطرة الكاملة على أنفسهم. غير أن ملاحظاتهم الخاصة الحقيقية لم تجد لها موقعاً سوى في زوايا الكواليس والزواريب والخفايا، وهي تلك الزوايا المخصصة للأخبار الخفيفة واللقاطات الخاصة، وقد عمدت بعض الصحف الى تخصيص كل فقراتها لأخبار خفيفة من منتدى البحر الميت. ومن الطريف أن الوزير السابق عقل بلتاجي وهو احد أنشط المناصرين لدافوس عندما كان ضيفاً على برنامج تلفزيوني محلي، أبدى انزعاجه من أحد الأخبار القصيرة في واحدة من تلك الزوايا.
 
ترى هل كانت حال كل القراء شبيهة بحال السيد عقل بلتاجي؟ أي هل أعطوا انتباهاً خاصاً للقطات والأخبار السريعة التي سُجلت على الهامش أكثر مما تمعنوا بما تبقى من تقارير وأخبار؟