"شمس".. طالبة فلسطينية تقهر ظروفها بتفوق

الرابط المختصر

"شمس" أشرقت على منزل عائلة أبو عمرة، في بلدة عبسان شرقي مدينة خانيونس، جنوبي قطاع غزة، بعد نتائج امتحانات الثانوية العامة، وحصول الابنة شمس على معدل 99.3% من الفرع العلمي.

 

 

واستقبل سكان قطاع غزة، المُحاصر إسرائيليا للعام الـ14 على التوالي، نتائج الثانوية العامة لهذا العام (2020)، بفرحة عارمة.

 

ومنذ ساعات الصباح الباكر، أطلق فلسطينيون المفرقعات النارية، وتسللت أصوات "الزغاريد" من داخل المنازل؛ ابتهاجا بنتائج الثانوية العامة.

 

ووزّع طلبة ناجحون وعائلاتهم الحلويات على المارة في الشوارع العامة، في تعبير منهم عن الفرحة.

 

سكان القطاع، وجدوا في هذه المناسبة فسحة "للفرحة" وتبادل "التهاني"، في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة، التي دائما ما تنغّص عليهم تفاصيل حياتهم.

 

وأعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، السبت، نتائج الثانوية العامة.

 

الطالبة شمس أبو عمرة، والتي تسكن في منزل متهالك، يعلو سقفه الصفائح المعدنية "زينكو"، تستقبل المهنئين بفرحة كبيرة لم تقتلها الظروف الصعبة التي مرّت بها خلال عامها الدراسي.

 

وتقول إنها "مرّت بظروف اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية، أعاقت من حصولها على بعض الكتب الشارحة للدروس في منهاجها التعليمي، أو تلقيّها بعض الدروس الخاصة".

 

وتضيف: "لكن رغم هذه الظروف، لم أستسلم للواقع الصعب، وجاهدت من أجل أن أحصل على النسبة التي خططت لها، وكي أزرع الفرحة في قلوب والداي، اللذين كانت أدعيتهما ترافقني دائما".

 

كما أن الطالبة أبو عمرة تجاوزت الظروف "التي حرمتها من وجود استقلالية خلال العام الدراسي، لمراجعة دروسها في مكان منفصل وهادئ عن بقية أفراد الأسرة".

 

وكانت تقضي نحو 8-12 ساعة يوميا في الدراسة لاجتياز هذه المرحلة بكافة ظروفها "القاسية".

 

وتطمح الطالبة لدراسة تخصص "الطب البشري"، في حال حصلت على منحة مالية تُغطي تكاليف هذا التخصص الجامعي.

 

وتتخوف من أن تصطدم أحلامها بصخرة الظروف الاقتصادية الصعبة، التي قد "تقعدها عن الدراسة نهائيا، في حال لم تتوفر تلك المنحة".

 

أحمد أبو عمرة (52 عاما)، والد الطالبة شمس، يشيد بجهود ابنته في الدراسة، خاصة في ظل الظرف الاقتصادية الصعبة التي عايشوها.

 

ويقول، وهو موظف حكومي متقاعد، إن الظروف أثرت كثيرا على الوضع الدراسي لشمس، ومنعتها من الحصول على الدروس الخاصة.

 

ورغم ذلك، "نجحت في قهر كافة الظروف والتغلّب عليها"، على حدّ قوله.

 

وعام 2019، أتمّت "شمس" حفظ القرآن الكريم كاملا، خلال شهرين اثنيْن، في مخيم لحفظ القرآن.

 

وبفعل الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ نحو 14 عاما، يعاني قطاع غزة الذي يعيش فيه أكثر من مليوني فلسطيني أوضاعا اقتصادية ومعيشية متردية للغاية.

 

ومع بداية عام 2020، ارتفع مؤشرا الفقر والبطالة إلى 52 بالمئة، و50 بالمئة، على التوالي. 

 

 

تحدي الإصابة

 

وصارعت الطالبة مريم أبو مطر، من مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، الوقت والوجع، للحصول على شهادة الثانوية العامة.

 

أبو مطر، أصيبت في ساق قدمها اليسرى، برصاص إسرائيلي مُتفجّر، خلال مشاركتها في مسيرات العودة وكسر الحصار، قرب الحدود الشرقية لمدينتها، في 31 آذار/ مارس لعام 2018.

 

وبعد أن فقد الأطباء الأمل في إنقاذ ساقها بغزة، إثر تعرض عظمها لتفتت شديد جراء قوة انفجار الرصاصة، غادرت إلى تركيا في 20 نيسان/ أبريل من العام ذاته، وعادت في 15 شباط/ فبراير 2020. 

 

 

قالت أبو مطر إن سفرها لتركيا لاستكمال العلاج جاء بتسهيل من هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH).

 

عودة أبو مطر إلى قطاع غزة كانت قبل أقل من ثلاثة شهور من بدء امتحانات الثانوية العامة.

 

39 عملية جراحية أجرتها أبو مطر في ساقها خلال عامين، لم يقتل حلمها في اجتياز مرحلة الثانوية والحصول على معدل عال؛ كما حلم والدها الذي استشهد عام 2005.

 

وتضيف: "صارعت الوقت في تلك الفترة، اجتهدت في الدراسة، وتحديت الظروف والآلام، قدمي لم تعد كما كانت، ما زالت أتلقى العلاج الطبيعي، كما أنني سأجري المزيد من العمليات كي تتحسن".

 

وتشير إلى أن معدلها الذي وصل إلى 81 بالمئة، يضعها على أول طريق من تحقيق حلم والدها، بدراسة الطب.

 

وقالت إنها ستعيد التقدّم للامتحان ببعض المواد كي ترفع من المعدل، حتّى يؤهلها لدراسة الطب.

 

وتشير إلى أنها تبحث عن منحة دراسية تساعدها في الدراسة الجامعية، خاصة أنها فقدت معيلها (الوالد)، في اغتيال إسرائيلي.

 

الفرحة الثانية

 

وتتجدد الفرحة لدى عائلة الدلو، في مدينة غزة، بعد نجاح توائمها الثلاثة، وحصولهم على شهادة الثانوية العامة.

 

وفاء الدلو (49 عاما)، تقول إن فرحتها بنجاح توائمها الثلاثة تعادل فرحتها بقدوم هؤلاء التوائم إلى الحياة، بعد انتظار دام نحو 18 عاما.

 

وتضيف: "انتظرت هؤلاء التوائم لنحو 18 عاما، حتى رزقني الله بهم، وفرحة اليوم تعادل فرحة ولادتهم".

 

التوائم "منى، وأمل، ومحمد عيد"، حصلوا على معدلات تزيد عن الـ80 بالمئة في الثانوية العامة.

 

وتوضح والدتهم أن أبناءها الثلاثة، الوحيدين لديها، واجهوا ظروفا قاهرة للحصول على معدلات مرتفعة.

 

ومن بين هذه الظروف، كما تقول الدلو، "الحالة النفسية، والخوف، الذي فرضته أزمة فيروس كورونا المستجد".

 

كما أن العدوان الإسرائيلي المتقطع على قطاع غزة، سبب حالات من الخوف لدى الشقيقتيْن "منى وأمل"، أثر بشكل كبير على دراستهما.

 

 

ظروف استثنائية

 

قالت وزارة التربية والتعليم، في بيان، إن امتحانات الثانوية العامة عُقدت هذا العام في ظروف استثنائية فرضتها أزمة فيروس كورونا المستجد.

 

وتابعت: "ورغم التحديات، فإن الوزارة نجحت في عقد الامتحانات بشكل متزامن في القدس، وقطاع غزة، والضفة الغربية".

 

وبيّنت الوزارة أن تنظيم الامتحانات "في القدس (العاصمة) شكّل قصة نجاح استثنائية، في ظلّ التعقيدات والقيود الإضافية المرتبطة بإجراءات الاحتلال (الإسرائيلي)".

 

وبلغ عدد الطلبة الناجحين في الثانوية العامة، وفق الوزارة، حوالي 55 ألفا و302 طالب، من أصل 77 ألفا و539 طالبا تقدموا لهذه المرحلة، بنسبة بلغت نحو 71.32 بالمئة.

 

وحصلت الطالبات إيمان سهيل أبو حصيرة (غزة)، وروان رسلان أبو ريحان (بيت لحم)، وهبة زايد زايد (رام الله)، على المركز الأول في الفرع الأدبي، بمعدل 99.6 بالمئة.

 

ومن الفرع العلمي، حصدت الطالبتان شهد إيهاب يونس (شمال الخليل)، وإيمان كمال أبو شمالة (غزة)، المركز الأول بمعدل 99.7 بالمئة.