شركات السياحة.. والعرض الأقوى

الرابط المختصر

إعلانات يومية تحتل صفحات كاملة لتصف عددا من البلدان السياحية والمصايف، وتقدم برامج رحلات يفوق الخيال وبأسعار تبدو متواضعة جدا، وبعد كل هذا...

"اقرأ التفاصيل بالداخل"، وفي الداخل ترى العجب العجاب، فالبعض يعلن ان هذا البلد او ذاك هو " جنة الدنيا " والبعض الاخر يرى غير ذلك ، لكن الجميع يتفقون على ضرورة ان تمتع نفسك وتغير اجواءك وتتعرف على افضل بقاع الدنيا ...
هكذا تستحوذ الشركات السياحية على عقول المهتمين، ليس المهتمين فقط، إنما الذين قد يفكروا بالسياحة خارج الأردن من غير المهتمين، بعد أن أصبحت الصدارة الآن للشركات القادرة على أسر الجميع وحصرهم في دائرة الاهتمام  ... لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما سر هذا الاهتمام؟ ما الذي تريده الشركات السياحية  وما الذي يريده المصطافون؟
بين الشركات والرحلات السياحية
بدءا باختيار الشركة السياحية، تؤكد السيدة رفعة خميس أن المكان هو الذي يحدد الشركة السياحية المطلوبة قبل كل شيء، وتقول "بالأصل المكان هو الذي يحكم الشخص لاختيار شركة سياحية، ثم تبدأ عملية المقارنة في السعر بين الشركات، وفي الغالب يتم اختيار الأقل تكلفة".
السيدة حنان زايدة، تشير إلى أهمية المكان في اختيار الشركات السياحية، لكنها تعلي من شأن السعر على المكان، حيث تقول "ما يجعلني أختار المكان هو السعر، ثم أستفسر عن المكان ومدى ملاءمته لما أريد، إذ أن المطلوب هو الذهاب إلى مكان جميل لأطول وقت ممكن، في الوقت الذي أكون قد حصلت على أقل سعر ممكن".
هذا الرأي وجد له مؤيدوه من الشركات السياحية، حيث أجمع عدد من المسؤولين فيها على احتلال السعر المركز الأول بلا منازع في جذب المصطافين إلى الشركات السياحية، وتقول مندوبة إحدى الشركات السياحية سمر الرفاعي مؤكدة على الرأي السابق "الجميع يريد العرض الأفضل بأقل الأسعار، فالحكم الأول هو السعر".
برامج سياحية
"أهم ما في الأمر أن تتم تعبئة برنامج الرحلة بشكل حِرَفي، ليس فقط الالتزام بالبرنامج السياحي انما ابتكار طرق جديدة لإمتاع المصطافين"… بناءا على هذا الأساس، تحكم السيدة رفعة خميس على الشركة السياحية من حيث الجودة أو الرداءة، حيث أن الالتزام بالبرامج السياحية هو أمر محسوم لا نقاش عليه، لكن تبقى الأفضلية للشركات السياحية القادرة على إظهار أفضل ما تملك من وسائل، وخلق حالة من الترفيه الحقيقي الذي ربما لا يتحقق بمجرد الالتزام بالبرامج السياحية.
ومن جانبها أكدت السيدة سمر على التزام معظم الشركات ببرامجها السياحية المعروضة، إذ أن "هذا مرتبط بسمعة الشركة نفسها، فليس هنالك شركة تهدف إلى فقدان مصداقيتها لدى زبائنها، فالجميع يسعى لهدف واضح وهو العمل على جذب أكبر قدر ممكن من المصطافين".


ويبدو كلام السيدة سمر منطقيا جدا، في ظل هذا التنافس الشديد بين الشركات السياحية، التي تسعى فيه كل شركة للوصول إلى القمة في مجال السياحة والسفر، لكن هنالك عدد من الشركات التي تقوم بتضليل زبائنها أثناء رحلاتها ، وإخفاء تقصيراتها بطرق مختلفة، بحيث لا يشعر المصطافون بوجود هذا التقصير أو التغيير في البرامج السياحية المقررة، خصوصا لدى غير الملمين بطبيعة هذه البرامج أو أولئك الذين يشاركون فيها للمرة الأولى ..

 
جوانب تجارية
بعض الشركات تقوم باستغلال حماس المصطافين، لتمرير عدد من الفقرات "الخارجة عن البرنامج المقرر" التي تبدو كأنها جاذبة، لكنها في الواقع لا تعدو كونها ترويج أو اتفاق تجاري بين هذه الشركات وأطراف أخرى.
وأبرز تلك الأطراف على أرض الواقع، هي الاستراحات السياحية التي يجد السائح نفسه مرغما على النزول فيها، وبالتالي الوقوع في مصائدها، إذ يشتكي عدد من المصطافين من تعدد الوقوف عند تلك الاستراحات، في الوقت الذي يخلو البرنامج السياحي من ذلك، وتعليقا على هذا الموضوع تقول السيدة رفعة "هنالك عدد من الشركات التي تجبرنا على النزول في الاستراحات بشكل مبالغ فيه".


وتؤكد السيدة رفعة على وجود جانب تجاري وراء ذلك، ليس فقط فيما يتعلق بالاستراحات والمطاعم، إنما أيضا في الفنادق المرتبطة بالرحلة، وتقول "في إحدى الرحلات استغرق وصول الفندق اثنتي عشرة ساعة من لحظة انطلاقنا من عمان، مع العلم أن الطريق لا تستغرق أكثر من أربع إلى خمس ساعات كحد أقصى، وعندما وصلنا انتظرنا عدة ساعات على الرغم من تعبنا الشديد من الرحلة، وعندما استعلمنا عن الأسباب تبين أن هنالك مجموعة سياحية أخرى في الغرف وعلينا الانتظار حتى مغادرتهم"!
كما يشير عدد من السياح إلى أن وجبة الغداء، في بعض الأحيان تكون أقل من سعرها الأصلي حيث تعود فروقات الاسعار إلى الشركة السياحية "أحيانا يتم إضافة حوالي 20% على سعر وجبة الغداء لتسلم إلى الشركة نفسها"

.
ويعلق بشار الطويل، مدير العلاقات العامة في إحدى الشركات السياحية، على بعض الشكاوي المقدمة فيما يختص بموضوع الاستراحات والفنادق قائلا "المشاكل هنا تحدث فقط في حالة عدم اقتناع المصطاف بالفندق ليس أكثر"، رافضا أن يكون هنالك أي سبب تجاري وراء كل ذلك...
مبالغات
أما فيما يتعلق بإعلانات هذه الشركات على صفحات الجرائد، فقد تبين أنها غير مطمئنة بل وتشكل مبعث قلق وانعدام ثقة بين المصطافين والشركة السياحية نفسها، وتقول السيدة حنان زايدة "المبالغة في الدعاية تفقد الشركة مصداقيتها لدي، أفضل الذهاب مع العرض المنطقي"، وتستنكر تلك العروض المنتشرة التي تطلب منك الحجز لشخص والثاني مجانا "السعر على الشخص الأول يكون أصلا قليل جدا، فكيف لي أن أقتنع بالجودة حينها؟".


ويتفق الطويل مع ما تقوله السيدة حنان من حيث لا منطقية تلك الإعلانات، مبديا قلقه هو الآخر منها مع فرق مبررات القلق لدى كل منهم، حيث يقول "تلك العروض المبالغ بها هي عبارة عن تضليل، إذ أن السعر على الشخص الأول يكون مضاعفا".


وفيما عدا تلك المبالغات، يبدي الكثير من المصطافين سرورهم من الرحلات السياحية، وما يحققوه من متعة وترفيه ، ويعترفون بالفضل للشركات السياحية التي تحاول قدر الإمكان تحقيق كل ما يلزم لراحتهم ، وتشير السيدة رفعة إلى أن "بعض الرحلات تعتبر تجربة من العمر، وذلك بفضل اهتمام الشركة السياحية بزبائنها من كل النواحي، بحيث لا تترك مجالا دون تنظيم".


وتبدي السيدة حنان إعجابها ببعض الشركات السياحية، التي تلتزم بالفعل بما تعرضه على زبائنها، قائلة "يوجد شركات لديها خبرات عالية بإمتاع المصطافين، حتى انني أفاجأ أحيانا من دقتهم الكاملة بالمواعيد".


على أي حال ، الصدقية هي أساس النجاح ، ولا يزال المجال مفتوحا أمام تلك الشركات، لتقديم أفضل ما لديها للمصطافين، من اجل تحقيق الدعاية المطلوبة لشركاتهم، في الوقت الذي يتحقق فيه الهدف الذي خرج من أجله المواطن، بالابتعاد عن صخب حياة ملأى بالضجيج والهموم والمتطلبات التي تثير الضجر والحنق أحيانا ..
 

 

أضف تعليقك