شخصيات أردنية تطالب بإصلاح شامل
طالبت شخصيات سياسية ونقابية أردنية في بيان أصدروه الاثنين، انتهاج ما أسموه "سياسة وطنية جادة للإصلاح الشامل، تقوم على الالتزام بأحكام الدستور والثوابت التي تضمنها عند وضعه عام 1952"، واعتبروا ذلك "خطوة أولى للخروج من النفق المظلم في المرحلة الحالية، والحفاظ على استمرار واستقرار الأردن وطناً آمناً عزيزاً لكل أبنائه".ودعا البيان، الذي وصفه موقعوه بـ"نداء يبتغي الإصلاح"، المواطنين والمسؤولين إلى "إعادة الاعتبار للعلاقة بين طرفي المشروع الوطني؛ الشعب الأردني بجميع فئاته والحكم بكل عناوينه ومؤسساته، لإعادة التوازن وفقاً لمقتضيات التمثيل الصحيح القائم على الحرية والشفافية وتكافؤ الفرص، وفي إطار النهج الديمقراطي القائم على العدل الاجتماعي في دولة المؤسسات وسيادة القانون".
ويأتي هذا البيان بعد جدل كبير بين شخصيات أردنية حول ما أثير عن بيع أراضي الدولة، واتهام شخصيات كبيره تخطط لخصخصة ممتلكات الدولة، فقبل اقل من شهرين جرى لقاء" مكاشفة" بين رئيس الوزراء نادر الذهبي وأعضاء مجلس النواب، نفى خلاله الذهبي ما أشيع عن بيع منشآت أردنية تعتبر ذات سيادة كمبنى القيادة العامة للقوات المسلحة والمدينة الطبية.
وقال الذهبي في "لقاء المكاشفة" انه وعلى امتداد العقود الفائتة وجه اللوم باستمرار للحكومات المتعاقبة على ترددها في اقتراح الحلول الإبداعية لمواجهة الضغوطات الاقتصادية المزمنة. "وعندما بادرنا بالتحرك والعمل بدأت الشائعات وقوى الشد العكسي وأريد هنا أن أرد على أسئلة المشككين بجملة من الحقائق والأسئلة المشروعة وهي: الم يسبق وان انتقلت الخدمات الطبية ذاتها من الزرقاء بداية إلى المستشفى الرئيسي في ماركا ومن ثم انتقلت إلى موقعها الحالي وكل هذه الانتقالات الثلاثة واكبها تحسن في مستوى الخدمات وفرصة للتوسع في النوعية ونوعية الرعاية المقدمة ، فلماذا لا نحاول مرة أخرى , ولماذا لا نترك لوهلة هذا النفس السلبي والمشكك وننظر إلى الأفكار المطروحة بعين الحياد ولماذا لا نعترف بان الصعاب الاقتصادية لا تواجه بالعواطف ولماذا ننسى أن الموقع فقط سيتغير وان الخدمات باقية بل ستقدم بمستوى أفضل".
"النداء"، الذي وقعه رئيس الوزراء الأسبق احمد عبيدات ووزراء ونواب ونقباء مهنيون سابقون، أكد على ضرورة "التلازم بين السلطة والمسؤولية، وخضوع الجميع لحكم الدستور والقانون وعدم استئثار فئة بالحقوق والامتيازات وترك الواجبات ليقوم بها غيرهم".
واعتبرت هذه الشخصيات أن السياسات والممارسات التي اتُبعت على امتداد العقد الماضي أدت إلى "انحسار قاعدة المشاركة وتفشي ظاهرة توريث المنافع والمناصب الحكومية، دون أي اعتبار للكفاءة ومتطلبات عملية البناء الوطني".
وأضاف البيان ان شعار الخصخصة الذي أملته ما قال إنها "متطلبات المشروع الأميركي وأدواته" أدى إلى "انتهاج سياسات عمياء، أسهمت في تفكيك الدولة وإفراغ مؤسساتها من محتواها، وتوظيف هذه المؤسسات بالكامل لصالح رأس المال الخادم لهذا المشروع.
وقال البيان إن "الخصخصة ليست قدراً لا مفر منه، وإن ثروات الوطن وإنجازات أبنائه ملكٌ على الشيوع لكل الأجيال، ولا يجوز التفريط بها أو هدرها أو التنازل عنها تحت كل الذرائع والمسميات سواء كانت اقتصادية أو سياسية".
من جهته أكد الذهبي في جلسة المكاشفة والمصارحة على وضع "الأمور في نصابها لنبين للمواطن الأردني الواعي والواقعي أن الحكومة لا تقدم على قرار يرتبط بالمنفعة العامة دون حساب الفوائد ووزنها مقابل الإضرار فإذا ما تأكد أن الفائدة عظيمة وعامة إلا يعود التحرك والتنفيذ الفوري واجبا علينا جميعا؟. وأضاف أن الأردن ليس أول بلد ولا أخر بلد يغير مواقع بعض مرافقه فأفضل الممارسات العالمية على امتداد التاريخ الإنساني تشير إلى التوجه نحو الجديد والأفضل وما بناء المدن الجديدة في العديد من دول العالم الا دليل على نجاعة وصدقية هذا التوجه وما قصدنا من وراء هذا الارتقاء بمستويات الخدمات العامة والاستفادة من فرص اقتصادية واستثمارية واعدة ومتاحة إلا لمصلحة الوطن والمواطن".
"نداء يبتغي الإصلاح" حذر مما اسماه "انفراد نفر بالقرارات المصيرية التي ينبني عليها مستقبل الأجيال بدلاً من أن تكون دولة قانون ومؤسسات". وقال انه "من المفجع حقاً أن تصبح السلطات الدستورية عاجزةً عن الاضطلاع بدورها وممارسة صلاحياتها في الإدارة والرقابة والمساءلة".
الذهبي خاطب النواب في جلسة المكاشفة في حينها: "إخواني واخواتي ممن تشاركوننا المسؤولية في صناعة القرار انا اليوم بينكم ومعكم لاعرض عليكم خطة الحكومة وماذا ننوي أن نعمله في هذه المرافق مؤكدا ان الحكومة كلما بادرت في أي مبادرة فهي تضع المواطن ومصلحته نصب أعينها وان الباعث الأكيد من وراء أي مشروع تبحثه الحكومة هو تحسين الخدمات وتحقيق مصلحة المواطن داعيا إلى تغليب العقل على العاطفة والمنطق على الإشاعات".
الشخصيات الموقعة على البيان الأخير اعتبرت أن ما أسمته "التمادي على حقوق المواطنين بلغ حداً لا يمكن احتماله أو السكوت عليه، وقد تجلى هذا التمادي في اتفاقيات الكازينو سيئة الصيت التي جسدت أسوأ أشكال الإذعان لصالح فئة من المقامرين والسماسرة". وقالت إن هذه القضية "تسببت في خلق حالٍ غير مسبوقةٍ من انعدام الثقة وتأجيج مشاعر اليأس والإحباط ".
أما الذهبي فأكد "انه لم يتم حتى هذه اللحظة عقد أي صفقة لبيع أي من أراضي منطقة دابوق التي تحتضن مباني المدينة الطبية والمباني الجديدة للقيادة العامة لأي جهة كانت وان ما أثير من أقاويل وشائعات حول بيع هذه الأراضي لأشخاص معينين هو كلام غير دقيق وعار عن الصحة، وليس لدينا كحكومة اي عرض مقدم لشراء هذه الأراضي من أي جهة كانت وأتحدى أي إنسان يقول غير ذلك".
وقال "إن فكرة استغلال هذه الأراضي بشكل أفضل وفي حال التوصل الى قرار باستثمارها ونقل مباني المدينة الطبية إلى مكان آخر فان العائد المالي من هذا المشروع سيخصص لبناء مبان جديدة للقيادة العامة وبناء مدينة طبية جديدة متكاملة كما سيستعمل في إطفاء جزء من الدين العام للتخفيف من أعباء الموازنة ولن يخصص لأي نفقات جارية".
وختم بيان "نداء يبتغي الإصلاح" بدعوة "المؤسسات الدستورية وكل الأردنيين إلى التنبه لخطورة ما يجري وما آلت إليه الأوضاع، وإدانة التجاوزات على حقوق المواطن وكرامته، والعمل بكل الوسائل المشروعة لوضع حدٍ لها قبل فوات الأوان". ومن منطلق أننا لسنا ضيوفاً على هذا الوطن، بل نحن من أبنائه الغيارى الذين عمد آباؤهم ثرى الأردن بدمائهم".