شبح موسم جاف يلوح في أفق المملكة

الرابط المختصر

تلوح في الأفق مخاوف من "شبح" موسم جفاف جديد

قد تعانيه المملكة إثر موسم مطري في معدلاته الدنيا بانتظار طوق أمل أمطار تنعش الموسم حتى بداية آذار (مارس) المقبل.

وفي الوقت الذي يتوقف فيه الإعلان عن "عام جفاف" لأي موسم صيفي على قرار حكومي تتخذه وزارتا المياه والري والزراعة بالإجماع بشرط حصوله على موافقة رئاسة الوزراء، تعد الأولى حاليا خطط طوارئ "متغيرة" تنسجم ومستجدات الموسم الشتوي سواء كان "مطيرا أو جافا".
 
ويقول أمين عام سلطة وادي الأردن المهندس موسى الجمعاني في تصريحات لـ"الغد" إن الوزارة بسلطتيها المياه ووادي الأردن تضع خطط "طوارئ" متخذة الإجراءات اللازمة لمواجهة أي موسم صيفي وذلك بعد تقييم وضع الأمطار والتخزين في السدود بعد مرور شهري شباط (فبراير) وآذار (مارس) المقبلين.
 
ويعرب مختصون في المياه عن أملهم بأن "يتعدل" الموسم المطري وتعوض كميات الأمطار خلال الفترة المقبلة النقص الحاصل، وذلك رغم انخفاض الكميات الحالية عن المعدل.
 
ويؤكد مدير عام دائرة الأرصاد الجوية عبدالحليم أبوهزيم عدم إمكانية مقارنة أداء الموسم المطري بالمواسم السابقة، رغم تأخر الهطول، إلا بعد مرور شهري كانون الثاني (يناير) الحالي وشباط (فبراير) المقبل.
 
وتشكل أمطار هذين الشهرين أكثر من 50% من الموسم المطري السنوي، وفق أبوهزيم الذي
 
يتوقع أن تشهد هذه الفترة، وهي أربعينية الشتاء، أمطارا جيدة حسب التوقعات الموسمية العالمية.
 
وفي السياق ذاته، توقعت دائرة الأرصاد الجوية أن تتساقط الأمطار على المملكة اعتبارا من مساء اليوم السبت وتستمر غدا في شمال ووسط المملكة، وسط درجات حرارة عظمى ستتراوح ما بين 16 و14 درجة مئوية وصغرى تصل إلى 4 درجات.
 
ومما لا شك فيه أن ما شهدته المملكة من مواسم شتوية "جافة" سابقة وانحباس مطري حتى تاريخه، جسدت نماذج شكلت عبئاً مائياً على المملكة التي تعاني أصلا من عجز سنوي يفوق نحو 500 مليون متر مكعب.
 
ويجدد الانحباس المطري "خشية" خبراء في القطاع المائي من مواجهة حالة "جفاف" للعام الثالث على التوالي، وسط بقايا مخزون مائي استراتيجي "ضئيل"، انخفض خلال السنوات الخمس الأخيرة عن 50% من السعة الكلية لكافة سدود المملكة.
 
ووصل حجم التخزين الإجمالي في سدود المملكة الرئيسية، باستثناء سد الوحدة، حتى نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي إلى 60.71 مليون متر مكعب من أصل المخزون الكلي للسدود والبالغ 217 مليونا، مشكلة ما نسبته 27.7% من هذا المخزون.
 
ولم تسجل أرقام وزارة المياه مخزونا جديدا في سد الوحدة البالغة سعته التخزينية الإجمالية نحو 110 ملايين متر مكعب، مشيرة إلى أن مخزونه بلغ 7.6 مليون.
 
وتقوم سياسة الاحتياط الاستراتيجي للسدود على تخزين مياه تبلغ نسبتها نحو 35% من السعة الاستيعابية لكل سد، غير أن انحباس الأمطار والجفاف الذي شهدته المملكة خلال الموسم الماضي حال دون إمكانية تخزين تلك المياه وبالتالي استخدام المتاح في تلك السدود وانخفاض المخزون الاستراتيجي إلى النصف لتلبية الاحتياجات المختلفة.
 
وتغذي كثافة أول هطول للأمطار الينابيع والمياه الجوفية وتعمل على "إشباع" التربة، وبالتالي فإنه لا يترتب على الهطول الضعيف فيضانات أو سيول متدفقة نحو السدود.
 
وتقدر الاحتياجات المائية لغايات الشرب في المملكة للعام 2009 بحوالي 355 مليون متر مكعب، في حين ان الكمية الممكن ضخها من جميع مصادر المياه في المملكة لهذه الغاية لا تتجاوز الـ325 مليون متر مكعب، وفق تصريحات سابقة لوزير المياه والري المهندس رائد
 
أبوالسعود.
 
وحول إجراءات الوزارة لمواجهة صيف العام الحالي، بين أبوالسعود خلال جلسة خصصها مجلس النواب لشرح الوضع المائي بالمملكة الأسبوع الماضي، أنها تتمثل في الانتهاء من مشروع الطوارئ (خط ناقل سد الملك طلال إلى منطقة الشمال، ليغطي مسافة 30 كيلو مترا شمالي دير علا، لينتهي في الأول من حزيران (يونيو) المقبل، والعمل على تزويد الوحدات الزراعية في الأغوار الجنوبية بمياه الري بالمعدلات المعتادة (كونها تعتمد على مصادرها المائية الذاتية).
 
أما في مناطق الأغوار الشمالية والوسطى، فأفاد بأنه سيتم تزويد الوحدات الزراعية بمياه الري للأشجار فقط، ووفق نسبة التقنين للعام الماضي.
 
كما تتمثل في رفع كفاءة إدارة المزرعة في وادي الأردن، بالتعاون مع جمعيات مستخدمي مياه الري ووزارة الزراعة.
 
وقال أبوالسعود إنه "تم حفر 30 بئرا في العام الماضي في مختلف مناطق المملكة، بإنتاجية تقدر بـ15 مليون متر مكعب سنويا، وستقوم سلطة المياه باستكمال تشغيل هذه الآبار وربطها
 
على شبكات التوزيع، ويقدر استغلال ما مجموعه 10 ملايين متر مكعب.
 
وأوضح ان ذلك سيجري الى حين استكمال ربط كافة الآبار وكهربتها، وتمديد خطوط التوزيع
 
اللازمة واستمرار النهج المتبع لدى الوزارة، لاستئجار المزيد من الآبار الخاصة (الزراعية) في حال توافر البنية التحتية اللازمة لاستغلالها في مياه الشرب، وطرح عطاء لحفر 5 آبار عميقة في  الأغوار لغايات الشرب، إضافة للبئر التي تحفر حاليا في منطقة المخيبة، مما سيوفر كمية مياه تقدر بـ10 ملايين متر مكعب سنويا.
 
وفيما يتعلق بالآبار الجوفية، أكد أبوالسعود عدم توفر كميات مياه جوفية إضافية، ويتم استغلال
 
الموجود منها على حساب المخزون الجوفي، لسد نسبة من العجز المائي لغايات الشرب والمحافظة على كميات التوزيع للعام الماضي.
 
وستجهز السلطة وتعد مواصفات فنية لمشروع تحلية آبار مشتل فيصل، بطاقة 280 متر مكعب/ ساعة كمياه محلاة لخدمة مدينة جرش وقرى جنوبها، وإعادة النظر في نظام مراقبة المياه الجوفية رقم 85 لسنة 2002 ليتواءم مع وضع المياه الجوفي في المملكة.
 
وبلغ عدد الآبار الزراعية 2169 بئرا وكميات المياه المستخرجة منها حوالي 250 مليون متر مكعب لعام 2007، أما الآبار الزراعية غير المرخصة العاملة وغير العاملة والبالغ عددها 1283 بئرا، ستستمر الوزارة والسلطة بتصويب أوضاعها حسب نظام مراقبة المياه الجوفية والأسس المعتمدة من قبل مجلس الوزراء.
 
وتابع أبوالسعود ان الوزارة أعدت برامج توزيع المياه على المواطنين للفترة الواقعة بين بداية أيار (مايو) وبداية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبلين لتأمينهم باحتياجاتهم من مياه الشرب وبعدالة، حيث يخضع هذا البرنامج للمراقبة والمتابعة من كافة المستويات الوظيفية في السلطة.
 
ويجري العمل على دراسة نموذج رياضي لكافة الأحواض المائية في المملكة والتركيز على الطبقات المائية العميقة لتقييمها، وتحديد طاقتها الإنتاجية وإمكانية استغلالها وإعداد برنامج لحماية مصادر المياه الصالحة للشرب، لضمان استمراريتها كما ونوعا.
 
وتقدر وزارة المياه والري معدل السنوات "الماطرة" التي شهدتها المملكة بـ25 سنة، في حين وصل معدل السنوات التي قلت فيها الأمطار عن المعدل السنوي طويل الأمد إلى 22 سنة، و23 سنة أخرى كانت الأمطار فيها حول المعدل.