سياسيون : مجزرة المعمداني نقطة تحول كبيرة في المواقف السياسية والشعبية

الرابط المختصر

بعد تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي مجزرة مستشفى المعمداني في قطاع غزة، شهدت المملكة تفاعلا واسعا على المستوى السياسي والشعبي، الأمر الذي يعتبره خبراء سياسيون أن هذه الجريمة التي أسفرت عن مقتل حوالي 500 مدني وإصابة المئات، نقطة تحول كبيرة في المواقف السياسية، بخلاف السياسات السابقة مع بدء عملية "طوفان الأقصى".

وبينت هذه المجزرة بشكل واضح حجم الأزمة الإنسانية التي تواجهها المستشفيات في غزة نتيجة للحصار المستمر والهجمات الإسرائيلية المتكررة، الأمر دفع وزارة الصحة في غزة للمناشدة بإدخال المستلزمات الطبية لمساعدة المستشفيات في التغلب على نقص الإمدادات والأدوية والمعدات. 

وردا على هذه المذبحة،  قرر الأردن عدم عقد القمة الرباعية التي تجمع الملك عبدالله الثاني بالرئيس الأميركي جو بايدن والفلسطيني محمود عباس والمصري عبدالفتاح السيسي في عمان والتي كان مقرر عقدها الاربعاء، ويقول نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي بأن "القمة إذا عقدت نريد أن تنتج مخرجا واحدا لا ثاني له وهو وقف الحرب واحترام إنسانية الفلسطينيين وإيصال ما يستحقون من مساعدات".

مدير مركز دراسات الشرق الاوسط  الدكتور جواد الحمد يصف إلغاء القمة في هذا الوقت بالخطوة المناسبة، خصوصا وأن موقف الولايات المتحدة منحاز بالكامل إلى اسرائيل حتى الان، دون مراعاة لحقوق الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن العالم بأسره أصبح يعلم أن الفلسطينيين يمارسون المقاومة للدفاع عن أنفسهم ضد الاحتلال العسكري الذي لا يحترم حقوقهم.

مجزرة المعمداني التي راح ضحيتها مئات المدنيين العزل، صفحة سوداء تضاف إلى صفحات الكيان الاسرائيلي وجرائمه المرتكبة، وعار على الولايات المتحدة الامريكية التي ترسل بوارج حربية الاسلحة الفتاكة، والقنابل الذكية التي تم استخدامها في قصف المشفى، بحسب حمد.

منذ أحداث النكبة عام 1948، سجل الاحتلال العديد من المجازر ضد الشعب الفلسطيني في مختلف القرى والمدن من أبرزها، مجزرة دير ياسين غربي القدس المحتلة التي وقعت في 9 نيسان 1948، حيث نفذت قبل شهر واحد فقط من إعلان قيام إسرائيل على أنقاض فلسطين المحتلة.
ومجزرة بلدة الشيخ 1947، قرية أبو شوشة 1948، الطنطورة 1948، قبية 1953، قلقيلية 1956، كفر قاسم 1956، خان يونس 1956، تل الزعتر 1976، صبرا وشاتيلا 1982، المسجد الأقصى 1990، الحرم الإبراهيمي 1994، مخيم جنين 2002.

 

الموقف الأردني تقدم بخطوة

 

الملك عبدالله الثاني عبر عن إدانته الشديدة واستنكاره بأشد العبارات المجزرة البشعة التي ارتكبتها إسرائيل امس بحق المدنيين الأبرياء والمصابين والمرضى الذين كانوا يتلقون العلاج في مستشفى المعمداني في غزة، معتبرا أن هذه جريمة حرب نكراء لا يمكن السكوت عنها، وعلى إسرائيل أن توقف عدوانها الغاشم على غزة فورا، الذي يتنافى مع القيم الإنسانية والأخلاقية ويشكل خرقا فاضحا لقواعد القانون الدولي الإنساني. 

وحذر من أن هذه الحرب التي دخلت مرحلة خطيرة ستجر المنطقة إلى كارثة لا يحمد عقباها، وعلى المجتمع الدولي وضع حد لسفك الدماء الذي يشكل استمراره وصمة عار على الإنسانية.

يقول الحمد أن الموقف الأردني قد اتخذ خطوة هامة بالفعل، ويجب ان يتخذ المزيد من الإجراءات، بما في ذلك قطع العلاقات مع الاحتلال الاسرائيلي على الأقل،  من خلال سحب السفير الاردني من  تل أبيب، وطرد السفير الاسرائيلي من عمان وإغلاق السفارة، وهذا ما ينسجم مع غليان الشعب الاردني، رغم الضغوطات الامريكية الكبيرة التي يتعرض لها الأردن وغيره من الدول العربية من قبل الولايات المتحدة وغيرها.

الملك يعتبر أن السلوك الإسرائيلي يظهر عدم التفكير السليم، وأنه يتسم بالعنف والتهجير الممنهج للشعب الفلسطيني من أرضه نحو الأردن ومصر، إلى جانب دعم المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، فالمستوطنين ليسوا في حالة دفاع عن أنفسهم بل هم في حالة هجوم على القرى والمدن الفلسطينية وقتل الفلسطينيين، بحسب الحمد. 

ويؤكد ان المسؤول عن هذه الجرائم  تقع على الغطاء الدولي، المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وعدد من الدول الاوروبية على وجه التحديد الى جانب ضعف الموقف الروسي والصيني، لذا يجب اليوم التركيز على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وعودة اللاجئين وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي.

ومن بين المواقف الجديدة التي حولتها هذه المجزرة، تشمل ادانة الأمم المتحدة وطلبها من اسرائيل وقف العمليات العسكرية وفتح المعابر لتقديم المساعدات الانسانية وبدء عملية تبادل الاسرى، ومن المتوقع أن يدين مجلس الأمن الدولي الحادث بشكل واضح، حيث لم يعد هناك جوانب متصارعة، بل هناك جانب يعتبر مجرما وجانب آخر ارتكب الجريمة بحقه.

 حراك شعبي لإشعار آخر

 منذ الإعلان عن مجزرة المعمداني، شهد الشارع الأردني مساء الثلاثاء اندفاعا شعبيا غاضبا بسبب الأحداث الأخيرة في قطاع غزة، خاصة بعد الهجمات الإسرائيلية على مستشفى المعمداني ومناطق مختلفة في القطاع.

انعكس هذا الغضب في تظاهرات ووقفات احتجاجية في محافظات مختلفة، اعتراضا على الوضع وتضامنا مع الشعب الفلسطيني في غزة، بالإضافة إلى تنفيذ إضراب عام شامل والتجمع أمام السفارتين الأمريكية والإسرائيلية.

عضو المكتب السياسي في حزب الوحدة الشعبية الديمقراطية عبدالمجيد دنديس يشدد على استمرار الشعب الأردني في دعمه للمقاومة من خلال مجموعة متنوعة من الانشطة التي تقام داخل المملكة، معبرا عن تعبير نبض الشارع الحقيقي.

ويرى دنديس أن مجريات مجزرة المعمداني تظهر أن الاحتلال الاسرائيلي يتجاهل التزاماته تجاه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وقوانين الحرب،  معتقدا ان هذه الاعمال الجرمية تمت بعد إعطاء الضوء الأخضر من الولايات المتحدة للقيام بكافة هذه الاعمال الاجرامية بحق الشعب الفلسطيني. 

المطلوب الآن، بحسب دنديس، مواقف واضحة عملية لوقف كل أشكال العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، بدءا من إغلاق السفارة وصولا الى انهاء اتفاقية وادي عربة، معتبرا أن الضغط الشعبي ضروري ويجب أن يستمر ويتصاعد.

هذا وستواصل الحراكات الشعبية والحزبية تنفيذ فعالياتها من خلال الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات أمام السفارة الاسرائيلية والولايات المتحدة الامريكية، بالاضافة الى تنظيم فعالية مليونية مقررة للزحف الشعبي نحو منطقة الكرامة في منطقة الأغوار الجنوبية يوم الجمعة المقبل.