سلوك المستهلك فـي الأزمة
ليس من الضروري أن تكون الأزمة الاقتصادية حقيقية لكي تؤثر على سلوك المستهلك ، يكفي أن يكون هناك مناخ أزمة وحديث عنها وتخوّف منها حتى يأخذ سلوك المستهلك اتجاهاً جديداً.
في ظل الأزمة يصبح المستهلك أكثر تحفظاً ، وأميل إلى الادخار عن طريق تخفيض أو إلغاء أي مصروف يعتبره كمالياً ، أما الطلب على الضروريات كالغذاء واللباس فإنه قلما يتأثر في مناخ الأزمة.
انعكس هذا الفهم على مكونات الرقم القياسي لتكاليف المعيشة فمالت الأسعار للهبوط بسبب انخفاض طلب المستهلكين ، لكن هذا الهبوط كان شديداً في حالة الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها أو تأجيلها ، أما أسعار المواد الغذائية والملابس فقد حافظت على مستواها المرتفع.
خلال النصف الأول من هذه السنة كان الرقم القياسي لتكاليف المعيشة لا يزيد عما كان عليه قبل سنة إلا بنسبة نصف الواحد بالمائة ، ولكن مؤشر سعر المواد الغذائية كان أعلى مما كان عليه في نفس الفترة من السنة الماضية بنسبة 7ر4%، وينطبق ذلك على الملابس التي ارتفعت أسعارها بنسبة 15ر7% ، أما بند النفقات الأخرى الذي يشمل النقل والاتصالات والتعليم والعناية الصحية والعناية الشخصية والثقافة والترفيه وغيرها فقد سجل انخفاضاً بنسبة 9ر4%.
في الظروف الطبيعة ترتفع الأسعار في جميع الفئات بدرجات متفاوتة ولكنها متقاربة ، أما في أجواء الأزمة فقد ارتفعت أسعار الضروريات وانخفضت أسعار الكماليات ، أي أنها سارت باتجاهات متعاكسة.
بمقياس تكاليف المعيشة شهد التضخم ارتفاعات شاهقة خلال الثلاثة أرباع الأولى من العام الماضي بلغ معدلها حوالي 20% ، ثم بدأ مناخ الأزمة يلقي بظله على العرض والطلب في الأسواق ، فبدأت الأسعار بالانخفاض ابتداء من شهر أيلول ، واستمر الانخفاض ثمانية أشهر متوالية انتهت في نيسان 2009 حيث استقرت في أيار وحزيران مع ارتفاع طفيف في حدود عشر الواحد بالمائة شهرياً.
وهنا نلاحظ أن المستوى العام للأسعار أصبح ابتداء من آذار 2009 دون مستواه قبل 12 شهراً. أي أننا نشهد تضخماً سالباً. والواقع أن مستوى الأسعار في حزيران الماضي كان أقل مما كان عليه في نفس الشهر من السنة الماضية بنسبة 1ر2%، وهو دليل آخر على التضخم السالب الذي يشهده الأردن لأول مرة منذ بدأ رصد الأسعار قبل 40 عاماً.











































