سلفيو غزة وتكفيريوها

الرابط المختصر

ليس ثمة ما يثبت ان الحركة السلفية باطيافها ومدارسها المختلفة قد ضربت جذورا عميقة في التربة الفلسطينية ، فالكثرة الكاثرة من التنظيمات والمسميات التي انطلقت غالبا من قطاع غزة قبل فوز حماس في الانتخابات وسيطرتها على القطاع وبعدهما لم تتعد بعد حدود (المحاولات) و (الحلقات) و(الارهاصات) التي لا يمكن الحكم عليها من الان.عديدة هي اسباب الضعف التاريخي المتجذر للسلفية الفلسطينية ان جاز التعبير منها ان الشعب الفلسطيني انغمس تاريخيا بالهم الوطني ـ القومي ـ التحرري اكثر من انغماسه بالهم الديني ـ الدعوي او الوعظي المحبب للسلفيين والاقرب الى معتقداتهم وانماط حياتهم.. ومنها ان الشعب الفلسطيني انجب حركة اسلامية مدينية نشطة وقوية هي جماعة الاخوان المسلمين وحركة حماس وحزب التحرير ولو يلتفت الى (الجهاد العالمي) المفتوح على مختلف الجبهات لا سيما وهو يعيش لاكثر من سبعة اجيال متعاقبة على جبهة التماس الاولى مع المشروع (الصهيوني اليهودي الغربي الامبريالي الصليبي الكافر) في فلسطين ومنها ان الشعب الفلسطيني في معظمه يتوزع على المدن والقرى فلاحين وابناء مدن والسلفية عموما اقرب الى (فقه البداوة) وايديولوجيا جهادية لمن ليس لهم قضية وطنية خاصة بهم.مع سيطرة حماس على قطاع غزة ظهرت مسميات سلفية جهادية كلها اعلنت مسؤوليتها عن تنفيذ عمليات عسكرية وكلها حاولت الظهور اعلاميا من خلال فصيلة من الفتية المسلحين بعضها انطفأ صيتها وصورتها مثل (جماعة سيف الله المسلول خالد بن الوليد) وكتائب التوحيد والجهاد وكتائب سيوف الحق الاسلامية وبعضها ارتبطت به العديد من الانشطة التخريبية ، وجرائم قتل واعتداء استهدفت مسيحيين واملاكهم ومؤسسات اجنبية وصالونات حلاقة ومقاهي انترنت.وبينما انتهت هذه المسميات وتلاشت او بالاحرى سحبت من التداول ، الا ان ثلاثة غيرها استمرت في تأكيد وجودها في غزة وهي جيش الاسلام وفتح الاسلام وجيش الامة وجميع هذه التنظيمات الثلاثة تشترك في القواسم التالية: 1 - جميعها تنفي ارتباطها بالقاعدة ماليا وعسكريا برغم تأكيدها على روابطها الروحية والفكيرة والعقيدية معها وبدعوى ان (الجميع يأخد من مشكاة واحدة انطلاقا من كتاب الله وسنة نبيه.. (2) جميعها تجاهر بعزمها (تطبيق شرع الله) اذا تولت زمام الامور في البلاد ، وتتهم حماس بعدم تطبيقه. (3) جميعها تنتقد التهدئة بين اسرائيل وحماس وتحمل على مصطلح (مقاومة) بدلا من مصطلح (الجهاد) الذي تتخذه حماس والجهاد شعارا لهما وتعتبره محاولة تحايل على المسميات الشرعية. ويشار الى ان حماس سبق لها ان اتهمت جيش الاسلام عشية الاتفاق على التهدئة مع اسرائيل بالسعي لافشال جهودها لاحلال التهدئة.. (4) جميعها تنفي صلتها بالانشطة الارهابية الداخلية التي شهدها القطاع مؤخرا من نوع استهداف منازل ومحال تجارية ومقاهي انترنت ومؤسسات مسيحية بوصفها (من المفاسد الصغيرة التي لا يجب استخدام العنف ضدها) ورغم ذلك لفقد اعترف جيش الاسلام بان بعض عناصره فجروا جمعية الشبان المسيحية بشكل فردي من دون علم التنظيم ، وادعى انهم حوسبوا على ذلك .. (5) القاسم المشترك بين هذه التنظيمات الاخر هو تكفيرها جمعيا للشعبية وايران والمشروع الصفوي وبالاخص عند جيش الاسلام وفتح الاسلام.السلفيون في فلسطين لم يتجذروا بعد ، ولكن من كان يتوقع ان تشهد بيروت تظاهرات لرجال ونساء يشبهون في هيئاتهم اخوان لهم في قندهار وبيشاور فاذا كان المد السلفي ممكنا في لبنان فالارجح انه لن يكون مستحيلا في قطاع غزة الجائع والمحاصر ، والذي حاصروا غزة انتقاما من حماس ونصرة لفتح قد يفاجأون ذات يوم ليس بالبعيد بان فعلتهم النكراء تلك ، لم يترتب عليها سوى استجلاب القاعدة واستجرار التنظيمات الاصولية الاشد تطرفا من صقور حماس ومتشددو الجهاد على حد سواء