"سفارتنا" في القاهرة
يبدو الأردنيون المغتربون في الخارج، للدراسة أو العمل أو أي شأن آخر، كالأيتام بلا أب راعٍ ولا أُمٍّ حنون، وكأنّ المعادلة معكوسة تماماً هم موجودون لخدمة السفارات لا العكس، يدفعون الضرائب ويؤدون الواجبات ليؤكدوا على اتصالهم وتواصلهم مع وطنهم.
أما السفير الأردني، فحالة خاصة جداً! إذ يحسب أنه في موقع تكريم وتشريف فقط، يحضر المناسبات الرسمية ويتمتع بزيارة المواقع السياحية ولقاء كبار القوم ورفاقه السفراء، وينسى أن وظيفته الرئيسه أنّه مسؤول عن خدمة مواطني بلده، الذين يصرفون عليه وعلى السفارة من أموالهم الخاصة!
ذلك المشهد وإن كان يشمل العديد من السفراء الأردنيين في الخارج، لكن – بالطبع- لا يمكن تعميمه على الجميع، فهنالك من يؤدون مهماتهم بتفان وإخلاص ويسارعون إلى التبرع بجهدهم ووقتهم خارج الإطار الرسمي لخدمة الرعايا الأردنيين، إلاّ أنّ هذا يعود لطبيعة شخصية السفير فقط، من دون وجود معايير واضحة تمثِّل نظاماً لمساءلة السفراء وتقييم عملهم، من خلال "تغذية عكسية" فعّالة.
"السفارة الأردنية" في القاهرة حالة خاصة قائمة بذاتها، تصلح لتكون نموذجاً صارخاً على الخلل الكبير في دور سفاراتنا في الخارج. ففي مصر آلاف الطلاب الأردنيين، الذين يلتحقون بالجامعات الحكومية والخاصة، لكنهم يشعرون بالمرارة من أسلوب تعامل السفارة معهم، إذ لا يلاقون أي اهتمام واضح وملحوظ بأوضاعهم، فضلاً عن حصولهم على المساعدة في حال وجدت صعوبات أو مشكلات مع إدارة بعض الجامعات.
وبالرغم من هذا العدد الكبير فلا يوجد نادٍ للطلاب الأردنيين، أسوة بباقي الطلاب العرب، وترفض السفارة المضي بالفكرة لأسباب واهية، ولا يوجد هنالك ما يجمع هؤلاء الطلاب، حتى في المناسبات الوطنية، والأيام الثقافية المشتركة مع الدول الأخرى، فلا تشارك السفارة ولا تساهم بأي نشاط أو تدعمه، ويتجشّم الطلاب عناء المشاركة والمساهمة بأموالهم وجهودهم الخاصة.
ثمة مشكلات متنوعة تواجه الطلاب الأردنيين هناك من دون أن يجدوا أي يد عون من السفارة، حتى الطالبات الأردنيات المغتربات يجدن صعوبة كبيرة في إيجاد سكن ملائم، يحفظ كرامتهن ويساعدهن مالياً ومعنوياً، كما هي حال الطالبات العربيات المغتربات في القاهرة، حتى من الدول العربية الأقل حظّاً والتي ليس لديها قدرات مالية ومؤسسية مثل الأردن، كفلسطين والسودان واليمن، هذا من دون التجرؤ على المقارنة بدول الخليج كالكويت والإمارات.
لا يجد الطالب الأردني أي إرشادات ولا نصائح ولا متابعة لأحواله تعينه على التعامل مع شروط الحياة في مصر والمؤسسات الأكاديمية، والإجراءات المطلوبة، ولا حتى معلومات التواصل مع السفارة هناك. أمّا الملحقية الإعلامية فتكاد تكون خاوية على عروشها، بلا أي إمكانيات مالية أو حتى فنية وشخصية، ويقتصر عملها على توقيع الأوراق، بصورة بدائية!
أجزم أنّ أيّا من طلابنا، إلاّ من ذوي الحظوة من أبناء كبار القوم، قد أنعم الله عليه بمشاهدة السفير الحالي في يوم من الأيام، أو أن يكون الأخير قد تنازل قليلاً ليلتقي بهؤلاء الطلاب ويسمع شكاواهم وهمومهم، ويتناقش معهم وينصحهم، ويشعرهم أنه موجود لتلبية مصالحهم، ما يعكس حالة واضحة وسافرة من الاستعلاء على الطلبة (المواطنين الأردنيين في الخارج!، الذين يمثلون الشريحة الواسعة والكبرى التي أتى "سيادة السفير" لخدمتها!
أخاطب دولة رئيس الوزراء وكلا من وزير الخارجية ووزير التعليم العالي، بضرورة مراجعة أوضاع السفارة الأردنية في القاهرة، ومدى قيامها بمسؤولياتها تجاه الطلاب الأردنيين هناك، فهم شريحة واسعة وكبيرة يحتاجون إلى الشعور بعلاقة أكثر حميمية وحقيقية مع سفارتهم وسفيرهم الغائب دوماً عن عيونهم وهمومهم!











































