سبحة اردنية بطول سبعة امتار
مئة وثمانون الف حبة خرز صغيرة طوّعها الثلاثيني فارس الفارس لصناعة سبحة ( مسبحة ) بطول سبعة امتار شكلت تحفة فنية قد تكون الاندر في المملكة.
مئة وواحد وثلاثون كرة متوسطة الحجم تتضمنها السبحة , غلفت بخرز زجاجي ملون انتقاه الفارس من صحن مدينة عمان نقش عليها وهو الذي يعمل في مجال الحياكة اسماء الله الحسنى واسماء الانبياء عليهم السلام , فيما اخذت ( الشهادتان ) حيزا في نهاية السبحة التي صنعها باطوال متفاوتة على شكل ثريا .
يقول الفارس " انجزتُ هذه السبحة في تحد لواقعي حيث حرمت من التعليم وانا في الثالثة عشرة من عمري بسبب حادث دهس , افقدني الذاكرة لاربعة اعوام ".
ويتابع : وبعد ان عادت لي الذاكرة وانا في السابعة عشرة من عمري لم يعد بامكاني الالتحاق بالمدرسة , فالتفت الى حرفة الحياكة ,لكنني بقيت حبيس فكرة بداخلي تشعرني بانني فاشل , ما دفعني الى البحث عن عمل يميزني ويعيد لي ثقتي بنفسي , فكانت السبحة التي امضيت قرابة العام ونصف العام في صف الخرزة فيها تلو الاخرى بواقع 12 ساعة عمل يوميا .
وتفنن الفارس في رسم اشكال هندسية على كل كرة من كرات السبحة مستوحيا اياها من نقوش اسلامية بالوان مختلفة ابرزها الابيض الذي شكل قاعدتها في حين وشحت بالوان الاصفر والازرق والاحمر , فيما اختار اللون الذهبي ليزين الحبال الواصلة بين الكرات والذي يحتوي كل حبل منها على مئة خرزة .
يقول : تأثرت قوة ابصاري نتيجة تدقيقي بالخرز وعملية عدها عدا دقيقا ما اضطرني الى ارتداء نظارة طبية مستدركا " لكنني سعيد جدا بانجازي هذا لانه انعش ذاكرتي , فلم اعد انسى الارقام بل اصبحت اكثر قدرة على حفظ الاشياء نتيجة عمليات عد الخرز حيث ان الشكل الهندسي للسبحة تطلب مني الدقة المتناهية للوصول الى منتج متماثل وخال من العيوب او الاختلال بتوازن الشكل ".
ويضيف ان طفلته شهد البالغة من العمر خمسة اعوام وطفله راشد ابن العامين ونصف العام يظهران دائما حبهما لعمله من خلال محاكاته ومحاولات تقليد عمله مؤكدا انه يعمل لاجل سعادتهما رغم ظروفه المعيشية المتواضعة.
وتعود السبحة الى عصور غائرة في القدم حيث كانت تستخدم كزينة وتعويذة وفقا لاستاذ الفقه في جامعة اليرموك الدكتور اسامة الفقير الذي يقول ان السبحة كانت قديما تصنع من نوى البلح ولم تكن معروفة بشكلها الحالي في زمن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام , اذ كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يسبح باستخدام عقد اصابع يديه .
ويشير الى انه لا موانع شرعية من تصنيع مسبحة كبيرة تستخدم كديكور او للعرض كما فعل الفارس على ان لا تستخدم للتسبيح وان لا توضع في مكان غير لائق وان ترفع عن الارض لانها تحتوي على اسماء الله الحسنى واسماء الانبياء شريطة ان لا تستخدم كذلك في غاية يحرّمها الشرع . ويوضح ان استخدام السبحة العادية متعارف عليه فهي لذكر الله عز وجل فيما يستخدمها البعض وفاء لنذر , كأن ينذر الشخص بان يذكر اسماء الله سبحانه وتعالى مئة الف مرة على سبيل المثال مشيرا الى ان النذر طاعة لله تعالى ولا بد من الوفاء به .
ويقول الدكتور الفقير ان البعض يستخدم السبحة كمظهر من مظاهر الترف الاجتماعي خاصة حين تكون حباتها غالية الثمن من (الدر او الكهرمان) مثلا مشيرا الى ان ذلك غير مستحب لان فيه بعدا عن الدين الحنيف الذي يدعو الى التواضع والتكافل وعدم استفزاز مشاعر الفقراء .