زيادة رواتب الوزراء!
يستطيع رئيس الوزراء ان يقدم عشرات المبررات حول قراره مضاعفة رواتب الوزراء الى 3000 دينار, لكنه لن يقنع احدا بتوقيت القرار الذي يأتي في الوقت الذي تقوم به العديد من حكومات العالم بضبط نفقاتها وتقليل رواتب المسؤولين كاجراء لمواجهة الازمة المالية.
صحيح ان راتب الوزير "الرسمي" البالغ 1500 دينار قليل للغاية ويحتاج الى تعديل كبير يتناسب مع المنصب, لكن من المفروض ان تتم معالجة هذا الامر باسلوب اقتصادي واداري مناسب.
فمن المعروف جيدا ان الوزراء لا يعتمدون على رواتبهم الاساسية, والغالبية العظمى منهم تأتيهم "المغلفات" من هنا وهناك وبشكل دوري, وهذه أعطيات يُمنح جزء منها كسياسة تحسين حال للوزراء, فاذا ما زادت الرواتب فالمنطق يقضي بتوقيف تلك الأعطيات.
الوزير الذي يأتي الحكومة ويخدم بمعدل ثمانية اشهر تقريبا تصبح الخزينة مجبرة على منحه تقاعدا مدى الحياة ناهيك عن امتيازات التأمين الصحي والتقاعد له ولعائلته, وهذا النظام حسب اعتقادي البسيط لا يوجد سوى في الاردن, فهل يعقل ان يخدم شخص شهورا معدودة وتصرف عليه الدولة الى ما شاء الله?
اذا كان الوزير يستحق مضاعفة راتبه ففي اعتقادي ان هناك موظفين يستحقون مضاعفة رواتبهم ثلاث واربع مرات, فهم يعملون في وظائف واعمال اهم بكثير من الوزير الذي يمضي شهوره العديدة ما بين السفر واجتماعات المجالس وغيرها, فهناك القضاة والمعلمون والعاملون في القوات المسلحة, واعمالهم لا يستطيع احد انكارها, ألا يستحقون مضاعفة رواتبهم هم الآخرون?
إلا ان السؤال الذي يدور دائما في اذهان الشارع العام هو هل الخزينة او جيوب المواطنين ملزمة بدفع رواتب تقاعدية لوزير لم يقم بواجباته بالشكل المطلوب?, في الوقت الذي يقول فيه البعض ان هناك وزراء لا بد ان تتم محاسبتهم خلال توليهم مهامهم الرسمية بعد ان تسببوا بخسائر مادية ومعنوية للاردن, هناك من يطالب بإحالة بعضهم على مكافحة الفساد للتحقيق في بعض انشطتهم الناتجة عن استغلال الوظيفة والمنصب, فلماذا يتم تكريمهم بدلا من محاسبتهم?
هناك بعض الاحاديث من ان وزراء وهم على رأس عملهم حصلوا على عقود استشارية وقانونية لمكاتب يملكونها هم او اقارب لهم من الدرجة الاولى, لا بل ان بعضهم وبمجرد خروجه من الحكومة يتجه لفتح مكتب من هذا النوع او ترؤس مجلس ادارة مجموعة من الشركات التي كان يتعامل معها بحكم وظيفته الرسمية, وبالتالي تتلاشى معايير النزاهة والاستقامة والحاكمية الرشيدة التي تنادي بها الحكومة في اصلاح القطاع العام, ولا تطبق الا على الموظفين الصغار من اجل تغطية ما يفعله الكبار.
ليس معيبا ان يتقاضى الوزير العامل راتبا اضعاف ما يتقاضاه الآن فهو بمثابة حصانة له, لكن هذا لا يتم الا من خلال انهاء سياسة الأعطيات والامتيازات غير القانونية التي تمنح للوزراء العاملين والمتقاعدين من جيوب الاردنيين, وفي النهاية هذه السلوكيات والاجراءات الحكومية ستؤثر سلبا على ما انجزته الحكومة نحو تأسيس مصداقية غير مسبوقة لها في الشارع وعليها مراجعة تصرفاتها في الآونة الاخيرة اذا كانت حريصة على مشاعر الاردنيين والا فلتفعل ما تريد.0











































