زهير يتحدى صقيع عمان

الرابط المختصر

يبدل زهير موقع بسطته في فصل الشتاء إلى مكان أقل برودة وأكثر دفء إن استطاع..والآن يعلن عن موقعه الجديد قرب سقف السيل في وسط البلد.يتخذ الشاب زهير زاوية قرب عامود أسمنتي قديم مكانا مناسبا يقيه من صقيع الجو..ليبيع السترات الشتوية على أرضه المفروشة ببساط قش يمتص المياه المتراكمة على الرصيف.

زهير يعتبر نفسه محظوظاً، لأن أصحاب محلات بيع الأثاث التي يبسط أمامها يجتمعون من ساعة إلى ساعتين لأجل إشعال الأخشاب في تنكة زيت قديمة مهترئة لأجل التدفئة ومن ثم يعودون إلى محلاتهم، أما هو فيواصل الدفء مكمماً بقماشة صوف لونها أسود.
 
على ما يبدو أن دخان النار ترك آثارا على وجه زهير "شحبار يا خال راعينا" فهو غير مكترث بهندامه أو ترتيب شعره، يعلن يوميا عن نفاذ صبره عند غياب الشمس، فالصقيع لا يترك له طاقة للدفء وتكون تنكة النار قد أصبحت رمادا، أما الدافع الثاني فهي المعدة الخاوية التي تجعله لا ينفك أبدا من التفكير بالأكل خصوصا عندما تحاصره روائح مقالي البطاطا والباذنجان الصادرة من مطعم قرب بسطته لكنه يوفر جوعه ويصطحبه إلى الدار حيث يقتله بطبخ الوالدة وحاله بالأكل "حتى الثمالة" على حد قوله.
 
زهير يبلغ من العمر 21 عاما، يحلم بجمع "ألفين أو ثلاثة الآلاف ليرة لتخطب لي والدتي من بنت الجيران أريدها وأهلها يريدوني". وما جمعه حتى الآن "والله يخال قليل أريد سنة أو أكثر لأكون جاهز والبركة بالأهل والأحبة".  
 
"يا حزين يا مفلس تعال اشتري بلوزة ودفي حالك".
 
يشتري زهير بضاعته من محلات الملابس المستعملة المعروفة بالبالة، شاريا من كل محل يتعامل معه من 3-4 بلوز صوف بنصف دينار، والسعر عند البيع لكل قطعة نصف دينار، يكسب بهذه الحالة مبلغا يعتبره "خير ورضا".
 
تكلفة البضاعة غير مكلفة "إلى حد ما" مدركا أن أسعاره رخيصة وتفضيلية، وإدراكه يأتي من معرفته الكبيرة بواقع الناس. وستميزه بالسوق عن جيرانه من باعة البسطات يصرخ بصوت عال يستمد من خلالها دفئا ما بعده دفئ.."يا حزين يا مفلس أي بلوزة بنص دينار".
 
هم زهير الكبير، هو العودة إلى البيت بدون أي "قطعة" بيديه  "بصراحة أعتبر أي قطعة أعود بها إلى الدار كأنها حجر على قلبي".
 
"أنا فهلوي" كما يقول زهير عن حاله "وأصدقائي ينادونني هكذا ولست أنا فقط".
 
رغم برودة الأجواء والانخفاض الكبير على درجات الحرارة، لا يتوقف زهير من عرض بضاعته ولا يتوانى يوميا من القدوم من الساعة الثامنة صباحا لأجل بدء عمله بجولة بين المحلات وصولا إلى مقر بسطته المعتمد  مقابل محلات بيع الأثاث، فأصحاب المحلات تآلفوا على وجوده معهم وأصبحوا في سبيل مساعدته يضعون بضائعهم موقع بسطته إلى حين قدومه كي لا يذهب الموقع منه، متحديا صقيع الجو والجوع أملا في مبلغ زهيد يضعه في خزانة ملابسه قائلا لنا: "يا خال الله بلطف بالعبد".