رفع أسعار المياه لا يعني الصحافة

الرابط المختصر

خلال الأسبوع الماضي أقدمت الحكومة على رفع أسعار المياه، كما أعلن رئيس الوزراء ان حكومته بصدد رفع أسعار المشتقات النفطية، بيد أن هذه التطورات لم تعن الصحافة المحلية وخاصة اليوميات كثيرا فقد بقيت منشغلة اكثر بتطورات التعديل الحكومي.عندما أعلنت وزارة المياه رفع أسعار مقطوعية المياه تعاملت الصحف بحيادية تامة وكان الأمر لا يعني جمهور واسع من المواطنين خاصة الفقراء منهم، وفي حين وضعت كل الصحف الخبر دون أي تعليق عليه كانت صحيفة "الرأي" الأكثر ميلا للحكومة والأكثر في محاولة التخفيف من حدة الخبر وقد نشرته الأربعاء (22 حزيران) على الصفحة الثالثة كخبر مفرد جاء في ثنايا الأخبار وتحت عنوان "تعديل تعرفة المياه".



أما الصحف الاخرى فقد نشرته على صفحة أولى تحت عنوان رفع سعر المياه، ولكن صحيفة "الغد" والتي كان وصلها الخبر بالطبع كما وصل غيرها ارتأت أن تضع اسم مراسل عليه وقامت بتحرير الخبر خطأ. فقد جاء في خبر "الغد" أن القرار هو رفع أسعار لتر المياه حسب التصنيفات المتبعة، فيما الخبر هو في الأساس أو القرار هو رفع أسعار مقطوعية المياه وليس سعر لتر المياه، وهو ما ردت عليه صحيفة "الدستور" (24 حزيران) بمتابعة توضح عملية رفع الأسعار كما اقرها مجلس الوزراء بزيادة على المقطوعية وليس على سعر اللتر.

صحيفة "الغد" لم تعيد تصحيح خبرها كما ورد، ولم تكتف بالأمر فقامت بمتابعة الخبر مع وزارة المياه (24 حزيران) ما يعني أنها أفردت حيزا للحكومة لطرح وجهة نظرها أو للدفاع عن الحكومة فيما غاب الرأي الآخر أو رأي المواطن المتضرر من هذا الرفع.

وعلى أي حال فإن كل الصحف امتنعت عن متابعة الخبر من ناحية المواطن ومدى تأثير هذا الرفع على المواطنين.

وإذا كان خبر رفع أسعار المياه قد مرت عليه الصحف اليومية مرور الكرام مكتفية فقط بإنزال القرار الحكومي دون أي تعليق أو متابعة فإن تصريحات رئيس الوزراء حول رفع أسعار المشتقات النفطية مرت أيضا بأقل مما مر خبر المياه.

كتاب التعليقات

أما كتاب التعليقات فقد تجنبوا الحديث عن رفع أسعار المياه وبقي اغلبهم منشغلا بأمور محلية وإقليمية اخرى، وباستثناء مقال واحد لاحمد أبو خليل في "العرب اليوم" (23 حزيران)، يسخر فيه من رفع الأسعار على المقطوعية، ومقال آخر لفهد الخيطان في نفس الصحيفة حول رفع الحد الأدنى للأجور قبل رفع أسعار المياه.

وكان سميح المعايطة كتب في "الغد" (6 حزيران) مقالا تحت عنوان "الأمان من رفع الأسعار" تناول فيه تصريحات سابقة لرئيس الوزراء كان أكد فيه ان الحكومة لن تقوم برفع أسعار المشتقات النفطية قبل توفير شبكة الأمان الاجتماعي، وبالطبع فان رئيس الوزراء أعلن عن نية حكومته رفع أسعار المشتقات النفطية في (22 حزيران) دون أن يأتي على ذكر شبكة الأمان.



على ان تراجع الحكومة في موضوع رفع أسعار المشتقات النفطية وهي كانت أكدت أنها لن ترفع هذه الأسعار سابقا وهذا التأكيد جاء على لسان الناطقة الرسمية أسمى خضر، إلا أن الحكومة فعلت نفس الشيء مع أسعار المياه فهي كانت أكدت أنها لن ترفع أسعار المياه حسب "مصادر في وزارة المياه" في تصريحات لصحيفة "الغد" (12 حزيران) ومع ذلك فقد تراجعت الحكومة بعد اقل من أسبوعين، هذا إذا كان خبر الصحيفة مؤكدا ومن مصادر موثوقة. وقد جاء في خبر الصحيفة ما نصه التالي "أكدت مصادر وزارة المياه والري عدم نيتها رفع أسعار المياه للعام الحالي"، فيما نقل مصدر عن رئيس الوزراء عدنان بدران قوله انه لن يتم رفع أسعار الغاز جراء توجه الحكومة تحرير أسعار النفط تدريجيا على مدى السنوات الثلاث المقبلة، بينما تتكثف الجهود للبحث عن مصادر طاقة بديلة، خصوصا مشروع الغاز المصري الذي توقع بدران "تخفيضه كلفة أسعار الطاقة إلى النصف".



ورغم ذلك فقد قامت برفع أسعار المياه، ويبدو أن هذه المواقف الحكومية المتناقضة أو التراجع الحكومي، لم تدفع، أو هي لم تحرك، جمهرة كتاب الصحف على تناول الموضوع والدفاع عن حق المواطن طالما أن الصحف المحلية وكتابها يطرحون أنفسهم على انهم أصحاب رسالة إعلامية وانهم يعملون على إيصال وجهات نظر المواطن أو الشارع إلى المسؤول الحكومي.

الصحف الاسبوعية



أما الصحف الاسبوعية فلم تكن بأحسن حال من اليوميات. صحيفة "الوحدة" (13/6) كانت أفردت عنوانها الرئيس لخبر رفع أسعار المشتقات النفطية، إذ أن قرار رفع أسعار المياه صدر بعد عدد الصحيفة الأخير. وكانت صحيفة "السبيل" في عددها الأسبق قد أفردت أيضا العنوان الرئيس لخبر رفع أسعار المشتقات النفطية. وجاء العنوان كتالي: "رئيس الوزراء أكد أن صندوق النقد الدولي مصرّ على مطلبه وأنه جرى اتخاذ قرار بذلك.. الحكومة ترفع أسعار المحروقات رسميا مطلع الشهر المقبل".



وسواء كانت صحف "المعارضة" كـ"الوحدة" و"السبيل" أفردت عناوينها الرئيسية للخبر أم لا فهي أيضا اكتفت بتغطية اخبارية عادية لم تتعداها إلى نقل وجهة نظر المواطن أو البحث والمتابعة في تأثير الخبر على المواطن أو الاقتصاد.

ليس من المعروف حقا الكيفية التي يحدد فيها محررو الصحف والكتاب أهمية موضوع معين. فالأخبار والتعليقات على استقالة وزير كانت الشغل الشاغل للصحافة وخاصة الاسبوعيات خلال فترة الاسبوع الماضي، فيما ذهب خبر رفع الاسعار الى غياهب الصفحات الداخلية، أو نشر بدون أية متابعة وبأقل القليل من التعليقات. بيد ان الامر الشائع في الصحف هو محاولة "شخصنة" القضايا وخبر رفع الاسعار لا يعني شخصا بعينه فكان ان اصبح اقل أهمية.

أضف تعليقك