رسالة الى قداسة البابا
أحييكم يا قداسة البابا,على ارضنا الاردنية المقدسة مهد الديانات السماوية, الارض التي باركها السيد المسيح بعماده على الضفة الشرقية لنهر الاردن ومنها انطلق يبشر بدين المحبة والسلام , وفي كهوفها جثا وصلّى ووجد ملجأ من مطاردات اليهود وشرورهم.
يشرفني ايها الحبر الاعظم , وانا المسيحي العربي واحد اتباع الكنيسة الكاثوليكية, المعتز بقوميته كما يعتز بدين آبائه واجداده وانا انتسب الى اعرق العشائر العربية التي ما تخلت يوما عن تعاليم السيد المسيح, بل توارثته كابرا عن كابر, و لا زالت تقبض على جمر العقيدة وتعاليمها.
بداية اود ان اذكركم وانتم ستقفون يوم الاحد المقبل على ضفة نهر الاردن المقدس في مكان عمّاد السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان, هذا النهر الذي اختفى بعد ان منع الاحتلال الاسرائيلي تدفق المياه اليه واستبدل الطهارة بالمياه العادمة مما الحق العار برمز مسيحي مقدس ورد ذكره في الاناجيل واعمال الرسل عشرات المرات, لذلك نطلقها صرخة ضمير عسى ان يستطيع الفاتيكان اطلاق اسر هذا الرمز المسيحي لتعود اليه طهارته.
يا قداسة البابا, تأتي زيارتكم لبلادنا والمنطقة ما زالت مشتعلة بنار الحروب والويلات والظلم الذي سببه الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية المحتلة في فلسطين وسورية ولبنان, وهي حالة لا يقبلها السيد المسيح لان معاناة الانسان مهما كان دينه تبقى وصمة عار في جبين الانسانية والعالم المتحضر الذي من واجبه انهاء اخر جيوب الاستعمار الحديث واعطاء الشعب الفلسطيني حقه في اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
ايها الحبر الاعظم, ان معاناة الانسان المسيحي في القدس وبيت لحم وكل الاماكن المقدسة اصبحت شاهدا على همجية الاحتلال الاسرائيلي وعنصريته وخير دليل على ذلك تراجع اعداد المسيحيين في الاراضي المقدسة الى حوالي 50 الفا فقط هربا من الموت والجوع والفقر والمعاناة تحت الاحتلال .
ان المسيحيين في الشرق بجميع طوائفهم ينظرون الى زيارتكم المباركة لبلادهم , لتكون محطة تاريخية من اجل وقف هذا النزيف المسيحي من الاراضي الفلسطينية , لان الكنائس مهما علا شأنها تبقى حجارة صماء لا قيمة لها من دون المؤمنين , لذلك فان التاريخ المسيحي في الشرق لم يشهد منذ الفي سنة مثل هذه الاختفاء المسيحي المبرمج من قبل مؤسسات اسرائيلية وامريكية, لاخفاء كل المعالم الدينية, مسيحية كانت ام اسلامية في الاراضي المقدسة?
وتعلمون يا قداسة البابا, المآسي التي تسببت بها الحروب الصليبية في بلادنا وطالت مسيحيي الشرق وكنائسهم قبل غيرهم , لذلك فان اهل هذه البلاد عاتبون على الفاتيكان بسبب تجاهلها مطلب حق يشترك فيه المسيحي العربي واخوه المسلم بالمطالبة باعتذار رسمي عن الويلات التي ارتكبت بحق اجدادهم من قتل وتدمير وتدنيس للكنائس والمساجد والبيوت والمزارع.
واكثر ما يزعج ابناء هذه البلاد, تلك المعلومات المتواترة عن علاقة الفاتيكان بدولة الاحتلال خاصة ما يقال عن"تبرئة اليهود من دم المسيح" تلك الواقعة التي لم توضع في سياقها الحقيقي لان المسيح وهو على الصليب سامح صالبيه ( سامحهم يا ابي لانهم لا يعلمون) رغم هتافات اليهود ( دمه علينا وعلى ابنائنا) وهناك فرق شاسع بين التبرئة والمسامحة وهي قضية سياسية بامتياز لا يجوز ربطها بمعاناة اليهود في اوروبا والتي يدفع ثمنها الفلسطينيون منذ اكثر من 60 عاما.
ان تدخل الكنيسة الكاثوليكية في الخلاف الدائر حول حقيقة "الهولوكست" ومنع رجال الدين من انتقادها او التخفيف منها يثير غيضنا نحن المسيحيين, لانه شأن سياسي وخلاف حول وقائع تاريخية لا علاقة للدين المسيحي فيها ( اعطوا مال قيصر لقيصر ..) وقد عانى المسيحيون في القرون الثلاثة الاولى من الاضطهاد الديني والحرق والصلب على يد الامبراطور نيرون ,فهل تحرم الكنيسة من ينفي استخدام اجساد المسيحيين لاضاءة حدائق روما ?
قداسة البابا , نتمنى لكم اقامة طيبة في بلادنا ولا نريد منكم ان تحاربوا الاستعمار معنا ولا نطلب ان ترسلوا جيوشا نعرف انكم في الفاتيكان لا تملكونها, لكن نطالبكم بان تسيروا على خطى المسيح برفض الظلم والعدوان والاذلال اينما كان , و استخدام ما تتمتعون به من سلطة ادبية ومعنوية من اجل الضغط لاقامة السلام الدائم والمقبول وعنوانه اقامة الدولة الفلسطينية.











































