رجل الشارع: أي موقع يحتله في التقارير الصحفية

الرابط المختصر

يطرح في إعلامنا العديد من القضايا المهمة التي لها علاقة مباشرة بحياة المواطنين، غير ان تغطية هذه المواضيع غالبا ما تقتصر إما على رأي "السياسي المسؤول...

واما على ملخصات لدراسات معنية او تصريحات توزعها جهات حكومية، وفي بعض الاحيان اخبار عن مذكرات ترفعها جهة اهلية ما. ولكن ما هو غائب هنا هو رأي رجل الشارع صاحب القضية.
في ضوء غياب مراكز استطلاع للرأي العام، واقتصار استطلاعات المراكز الموجودة على القضايا "السياسية الكبرى" كالديمقراطية وأداء الحكومة والبرلمان والإعلام، وفي ضوء اقتصار دور البرلمان بشكل أساسي على عملية التشريع، فان الصحافة المحلية تكاد تكون الممثل الشرعي والوحيد للرأي العام المحلي، او هي مطلوب منها ان تكون كذلك من خلال طرح قضايا عامة، يقول رجل الشارع فيها ما يشاء من وجهات نظر مختلفة. وفيما بعد تتاح الفرصة للأكاديميين والمتخصصين في المجال ليدلوا بآرائهم المستقلة.
ما هو واقع في صحافتنا العكس، إذ أنها تزخر بآراء الكتاب والمعلقين و"المحللين الأكاديميين"، وهؤلاء اما ان مواقفهم باتت معروفة، واما ان اكثرهم تحركه مصالح خاصة، او انهم مجرد كتاب يوميين يعلقون على الاحداث، وخاصة السياسية منها، دون ان يكلف اكثرهم عبء نقل رأي المواطن العادي الى صانع القرار او إلى المتلقي.
الواقع ان ضعف التحقيقات في صحفنا المحلية، وكذلك التقارير الميدانية، جعل الصحافة تبتعد كثيرا عن رأي رجل الشارع العادي. وتكاد الصحافة لدينا تقتصر على النخبة وعلى السياسي بتجاهلها النزول الى الشارع واستطلاع رأي المواطن من مختلف الطبقات والمشارب.
وتكفي عملية رصد بسيطة للصحف اليومية لنكتشف هذه الحقيقة او هذا الاستنتاج. نشرت صحيفة "الرأي" تاريخ 18/6، 32 خبرا وتقريرا محليا احتوى اثنان منها على آراء المواطنين فقط، وهما: تحقيق عن مستشفى الزرقاء الجديد، وتقرير "خفيف" عن ضياع الاطفال في مراكز التسوق. وفي 17/6 نشرت الرأي 28 خبرا ومادة محلية احتوى تقرير واحد على رأي المواطن وكان لمراسلها بشير القرالة عن شح المياه في الكرك.
ونشرت "الغد" 30 مادة وخبرا محليا لم يكن في أي منها مقابلة او رأي لرجل الشارع، باستثناء تقرير واحد عن مطالبة سكان في الطفيلة وقف الاعتداءات على اللوحات الارشادية المرورية.
ونشرت صحيفة "العرب اليوم" 35 خبرا ومادة محلية لم يكن في أي منها أي تعليق او مقابلة او رأي لمواطن عادي، باستثناء خبر عن مذكرة لأهالي منشية خليفة يطالبون فيها بتوسيع التنظيم.
ونشرت صحيفة "الدستور" نحو 43 خبرا ومادة محلية، احتوى تقرير واحد منها على رأي المواطنين وهو التقرير المتعلق "باستعانة الحكومة بأطباء من الخارج"، فيما تجاهلت تقارير اخرى مثل: اعتصام المهندسين العاملين في التربية وكذلك اعتصام العاملين في البناء والاخشاب والاسمنت من آراء أصحاب الشأن.
ان صحافتنا بحاجة ماسة الى ايصال رأي رجل الشارع للمسؤول، وخلق حالة من التواصل بينهما، وخاصة في كل ما يتصل بنوعية الخدمات المقدمة للمواطن. كما ان صحافتنا بحاجة ماسة لسماع رأي رجل الشارع وصوته فيما يهمه من قضايا وما يحتل سلم اولوياته، وهذا الامر يهم الصحافة اولا، ففي النزول الى الشارع قد تعيد الصحافة لنفسها جزء من مصداقيتها التي تكاد تكون مفقودة، اذا لا يشعر القارئ ان الصحف تقول ما يريد هو ان تقوله ولا يجد نفسه فيها وهو امر قد يفسر سبب عزوف المواطنين عن قراءة الصحف او متابعة التلفزيون المحلي حين لا يجد في اخبار هذا الاعلام سوى "خط في اتجاه واحد، من المسؤول الى المواطن فقط".
وتحتاج الصحافة الى صياغة علاقة سليمة مع القراء، ولا يمكن ان تتم صياغة مثل هذه العلاقة بدون ان يكون "المواطن العادي ورجل الشارع"، احد مصادر هذه الصحافة، واهم أولوياتها، وناقلة وجهة نظره الى المسؤول والى المتلقين الآخرين. والمواطن العادي الذي اخذ بالعزوف عن وسائل الاعلام المحلية كما تشير الكثير من المؤشرات اتخذ هذا المنحى لانه لا يجد في هذه الوسائل صوته.
وقد أثبتت المواقع الالكترونية الأردنية بما تحتويه من ميزة التعليقات على المواد المنشورة، مدى تعطش المواطن للتفاعل مع ما ينشر من قضايا تخصه، ويكفي ان نشير ان خبرا عن امانة عمان ينشر على موقع أردني يستقطب من التعليقات أكثر بكثير مما يستقطبه أي خبر سياسي آخر.

أضف تعليقك